الإمارات نحو الاعتراف بـ«الإبادة الأرمنية»؟
قد تتجه الإمارات العربية المتحدة إلى الاعتراف بالمذابح التي تعرّض لها الأرمن في السلطنة العثمانية عام 1915، في قرار من شأنه زيادة التوتر في الحرب الباردة الدائرة بين أبو ظبي وأنقرة.
مصادر دبلوماسية في الإمارات قالت إن الاعتراف الإماراتي قد يُعلن في 24 نيسان المقبل، وهو اليوم الذي يحتفل فيه الأرمن حول العالم بهذه الذكرى.
وكان وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد آل نهيان، زار، في إطار زيارة رسمية لأرمينيا في تموز عام 2017، نصب الإبادة الجماعية للأرمن في العاصمة يريفان. وأبرزت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية يومها الخبر، واستفاضت بشكل لافت في التعريف بالنصب، ونقلت أن الوزير الإماراتي «وضع إكليلاً من الزهور على النصب التذكاري الذي يخلّد ذكرى الأرمن الذين قتلوا على أيدي السلطات العثمانية»، ووقف دقيقة صمت عن «أرواح شهداء الإبادة الجماعية للأرمن»، في ما بدا استفزازاً لأنقرة على خلفية الموقف التركي الرسمي والشعبي الرافض بشدة لمصطلح «الإبادة الجماعية».
المصادر الدبلوماسية نفسها لفتت الى أن ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، الذي «يتولّى إدارة العلاقات مع أنقرة، يكنّ عداءً شديداً لحكم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ويطوّر باستمرار استراتيجيات لمواجهة السياسات التركية في المنطقة». وهو يعتبر أن تركيا، وليس إيران، «هي العدو الأول لأبو ظبي والرياض، ومنافستهما الأولى على قيادة العالم السنّي».
وحذّرت من أن «استمرار ابن زايد في استفزاز أنقرة قد يؤدي إلى تقويض العلاقات بين البلدين تماماً». وفي سياق هذا «الاستفزاز»، أشارت المصادر إلى رشى تدفعها الاستخبارات الإماراتية لقادة في «الجيش الحرّ» من أجل السماح بإدخال عناصر من «داعش» إلى إدلب والمناطق المجاورة لها «لتقويض النفوذ التركي فيها، وإثارة خلافات بين الأتراك وكلّ من الروس والايرانيين، وتوفير ذريعة للتدخل العسكري الإيراني والروسي في تلك المنطقة».
المصادر لفتت أيضاً إلى خشية داخل أوساط في العائلة الحاكمة السعودية من أن يحذو ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، «الذي يتأثر كثيراً بابن زايد»، حذو نظيره الإماراتي، ويندفع إلى تسعير النزاع بين الرياض وأنقرة اللتين زادت علاقاتهما سوءاً بعد قتل الصحافي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول في تشرين الأول الماضي.التوتر الشديد في العلاقات الإماراتية ـــ التركية يأتي على خلفية عداء أبو ظبي الشديد لجماعة «الإخوان المسلمين»، والتباين بين البلدين في شأن عدد كبير من ملفات المنطقة كما في سوريا وليبيا ومصر، والصراع على النفوذ السياسي والاقتصادي والعسكري في القارة السمراء، ولا سيما منطقة القرن الأفريقي المطلّة على طرق التجارة الدولية البرية والبحرية.
وقد أثار الأتراك غضب الإماراتيين والسعوديين لموقفهم المساند لقطر في وجه «الحصار» الذي فرضته الدول الخليجية عليها، وإمدادهم الدوحة بالأغذية وبقوات عسكرية، ورفض إغلاق القاعدة العسكرية التركية في العاصمة القطرية. وقد شهدت العلاقات تدهوراً كبيراً خلال العامين الماضيين، مع تلميح الأتراك بشكل واضح إلى دور إماراتي في تمويل الانقلاب الفاشل ضد أردوغان في تموز 2016، وإلى دور للرياض وأبو ظبي في الحملة التي استهدفت الليرة التركية في أيار الماضي، وأدت إلى هبوطها الحادّ مقابل الدولار الأميركي. وجاء في رسائل سُرّبت من البريد الإلكتروني لسفير الإمارات في واشنطن، يوسف العتيبة، وجّهها إلى صحافي في «نيويورك تايمز»، في نيسان 2017: «لا نريد لتركيا، كما قطر، أن تكون قادرة على تشكيل قائمة طعام، فضلاً عن القدرة على إدارة الملفّات في الإقليم». وفي أيار الماضي، سخّرت أبو ظبي والرياض وسائل الإعلام وناشطين عبر موقع «تويتر» في حملات طالبت بمقاطعة السياحة والسفر إلى تركيا.
الأخبار- وفيق قانصوه
إضافة تعليق جديد