قنوات الشعوذة الفضائية
تزايدت أخيراً في العالم العربي قنوات تروج التنجيم، ويستغلها «المشعوذون» ممن يلقبون أنفسهم بـ «الشيوخ» لإقناع المشاهدين، من خلال قراءة آيات أو سور معينة من القرآن الكريم، بتنفيذ أوامر غريبة، مثل صنع الأحجبة، والاحتفاظ بها طوال العمر، أو ذبح حيوانات...
وكما لدى غيرهم من العرب، تثير هذه القنوات جدالاً واسعاً بين الفلسطينيين، فمنهم من يرفض التعاطي معها أو مشاهدتها لأسباب دينية أو علمية أو حتى نفسية، ومنهم من يتعاطى معها من باب التسلية، الفضول، أو حتى التصديق، في حين يفضل آخرون «تشفيرها».
إلهام، الموظفة في إحدى الشركات الخاصة في رام الله، تصف ما تورده هذه القنوات، التي باتت تعرف فلسطينياً باسم «شهرزاد وأخواتها»، بـ «الخرافات، والكلام الفارغ»، وتقول: «إنهم يتاجرون بعواطف الناس، ورغباتهم بمعرفة المستقبل، خصوصاً حين تدعي القناة أن الاتصال المكثف يكفل فرصة أكبر للمتصل بأن يقع اختيار حاسوب القناة عليه، فيتم الاتصال به».وتعترف زميلتها سلافة، بأن الفضول دفعها للاتصال بإحدى هذه القنوات، وتقول: «لفت انتباهي أن المتصلين يؤكدون صحة ما يرد على لسان «الشيخ»، أو «الشيخة»، ما دفعني للاتصال مرة واحدة، من باب الفضول لمعرفة المستقبل، لكني سرعان ما تراجعت، لأشكك في صدق المتصلين، الذين بدأت أعتقد بأنهم على اتفاق مسبق مع القناة».
أما وليد، الذي يعمل موظفاً في إحدى الوزارات في مدينة رام الله، فيؤكد أنه عمد إلى «تشفير» هذه القنوات، فهو لا يريد حتى مجرد الانجذاب الى برنامج كهذا، من باب أنه لا يحبذ معرفة المستقبل، ويقول: «الحاضر سيئ وقاس في فلسطين، وأخشى أن يكون المستقبل أشد قساوة، لذا أفضل أن تسير الأمور على طبيعتها». أما زميله عماد فيقاطعها «من باب أنها حرام، وفق الشريعة الإسلامية، ويجب عدم مشاهدتها، والتعاطي معها، أو تصديق ما يرد فيها».
ويؤكد الشيخ تيسير التميمي، قاضي قضاة فلسطين، أن التعاطي مع هذه القنوات، وتصديق ما يرد فيها، حرام شرعاً، ويقول: «هذه القنوات مخالفة للشريعة مخالفة واضحة، وهي توقع الناس في الشرك... ذلك أن طريقة التعاطي مع الأمور، عبر هذه القنوات، والادعاء بأنهم يلجأون إلى الجن والسحر في حل المشكلات الاجتماعية تنضوي على مخالفات عقائدية كبيرة، ولا تخرج عن كونها اتجاراً بالقرآن، واستغلالاً لضعاف العقول والنفوس، وابتزازاً لأموالهم».
ويضيف: «نحذر من التعامل مع هذه القنوات، التي بدأت تنتشر أكثر فأكثر على المستوى العربي، والوقوع فريسة لها، ونؤكد مخالفتها الشريعة الإسلامية، التي تعترف بالسحر، وبأن القرآن الكريم شفاء ورحمة للناس، لكنها ترفض الشعوذة والخرافات، التي تروج لها هذه القنوات، والتي هي بعيدة كل البعد من ديننا... المشاكل الاجتماعية أو المالية لا تحل بهذه الخزعبلات».
وكان علماء دين سعوديون أصدروا فتوى تحرم الاتصال بهذه القنوات، بل ومشاهدتها، في حين طالب أعضاء في مجلس الأمة الكويتي بمنع بثها في الكويت.
ويؤكد حازم طوافشة من شركة «بالستاين كول»، المتخصصة بتزويد شركتي الاتصالات وجوال الفلسطينيتين بخدمات الاتصال بالمسابقات، والبرامج المباشرة على مختلف الفضائيات، أن لا اتصال مباشراً، أو أرقام مخصصة من داخل الأراضي الفلسطينية للحديث «مع برامج على قنوات السحر والشعوذة، وحتى الرقم المتاح على قناة «كنوز» الفضائية، لا يعدو كونه مخصصاً لبرنامج المسابقات على هذه القناة، وليس غيره من البرامج التي تتعاطى السحر، والشعوذة».
ويقول: «لا نهدف إلى الربح، على حساب قيمنا وأخلاقنا وعاداتنا، وأي برنامج نقترح تخصيص أرقام للاتصال به عبر شركتي الاتصالات وجوال، يجب ألا يتنافى مع ما سبق، ثم إنه يخضع لدراسة تقويمية من لجان متخصصة في الشركتين، فليست الأمور اعتباطية... ولكن لا يمكننا منع من يرغب في الاتصال مع برامج كهذه من استخدام الأرقام الدولية، مع أننا ننصح كل من يستفسر عن كيفية الاتصال بها، بعدم الوقوع في فخ الشعوذة التي تمارسها».
بديعة زيدان
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد