طرطوس:الأبقار والشائعات في ومن صلب الدعاية الانتخابية
الجمل– طرطوس– حسان عمر القالش: ( ناشفة )..هذا أصلح وأصرح عنوان لأجواء انتخابات مجلس الشعب – البرلمان في طرطوس, وربما على امتداد البلاد. فبعد تشكيل لوائح مرشحي الجبهة من حزبيي المحافظة, والتي على عكس كثير من المحافظات تحظى باهتمام شعبي لافت كون كثير من القرى والعائلات, ممن ينتمي سوادها الأعظم الى الطبقة الوسطى , كحد أقصى وأقصر, تسعى ليكون أحد أبنائها أو بناتها قد أوصل اسمها الى المجلس عبر الطريق الجبهوي. ها قد انتهت معزوفات المباركات والتهاني بين الأهلين ومرشحيهم. هؤلاء المرشحين والمرشحات يعرف أبناء أحضانهم العائلية والمناطقية سلفا بأنهم اذا وصلوا الى البرلمان سيمضون فترتهم النيابية على الطريقة المعهودة " لاضرر ولا ضرار ", لكن يبقى أهم أسباب حماس الناس لنجاحهم هو شعور باثبات الذات, أو كما يقول أحمد الطالب الجامعي " احساس بـالعـزوة".
أما عن المتنافسين المستقلين, فلسان حال الشارع الطرطوسي يقول بثقة العارف وربما "الزهقان" بأنه "لا تنافس ولا استقلال"..!! حيث تكاد تنحصر مقاعد المستقلين الثلاث بأربعة أشخاص, اثنان منهم من "الوزن الثقيل" ماديا, تجاريا..وخـيـريـا! فعلى سبيل المثال وجد أحدهم أن هناك كثير من الخير والانسانية عندما يقوم بمساعدة الفقراء عبر توزيع "الأبقار" عليهم..!! فطريق الخير واسع وعريض هنا, وكذلك أيضا وضوح هذا الخير وعلنيته حيث تكثر الشائعات والثرثرات وأن لا شيء يخفى في طرطوس, وهناك دعاية تأتي من صميم هذا الجو, لا يعرف تحديدا من يروجها وان كان المستفيد هو أحد المرشحين المستقلين.
فهذا الرجل ليس فقط رجلا ثريا محسنا وكريما, بل وصل به الكرم بأن تفضل على "البلاد بأسرها" بأفضال مالية ومساعدات جمّـة, عبر تسخير تجارته لخدمة قضايا الوطن..!! وبقدر ما بدى معيبا – لو صح كلام الناس – استثمار هذه الأعمال الوطنية مقابل الوصول الى ساحة البرلمان, وبقدر ما بدت معيبة هذه الصورة الساذجة أيضا التي يقدمها بعض الناس عن أنفسهم بتصديقهم كل مايقال, بدت تحاليلهم سطحية ومدعاة أسف بقولهم عن هذا الشخص أو غيره بأن هناك "توجيه من الدولة لانجاحه في الانتخابات".
من جهتهم أصحاب الأوزان الثقيلة هؤلاء يوصلون للناس صورة بأنهم حلف واحد وذاهبون بالمعيّة سويّـة الى المجلس, اذ تتولد هذه الفكرة من خلال الصور واللافتات التي يستحوذون من خلالها على المساحات الخالية من شوارع وأشجار هذه المدينة الصغيرة, صور لكل واحد منهم على حدة ولكن بترتيب يجمعهم دائما مع بعض من حيث شكل اللافتة وألوانها وحجمها ومكان تعليقها, وتكتمل الصورة أيضا بملاحظة الناس أن الجهة التي تقوم بـ"تقدمة" هذه اللافتات هي جهة واحدة, والأدق جهتين ماليتين تجاريتين ترعيان هؤلاء النواب لتقدمهم الى المجلس "سلة واحدة" ملفوفة برعايتهم ومختومة بنفوذهم المادي..
وبعد أن نقول بلغة "الأحزاب" التي يمثلها نواب الجبهة بأن رعاة المرشحين المستقلين والمرشحين أنفسهم هم طبقة "الاقطاع" المالي الذي بات في الآونة الأخيرة يسم البلاد وقوانينها وأحوالها الاقتصادية بميسمه المادي النفعي وليس آخر عبقرياته تطبيقات السوق الاجتماعي. تجب الاشارة الى طرطوس كمحافظة شبه منسية ومهملة بالمقارنة مع "نوعية" سكانها وطاقاتهم العلمية و الوظيفية. فأن تكون أصوات طرطوس المستقلة الثلاث تحكمها "جـيـبـة" واحدة ومصلحة ضيقة مفصّلة على مقاسات المستفيدين فانه ظلم لهذه المحافظة, ونظرة ناقصة لها بعيون انتهازية لامبالية.
لكن ورغم حالات السطحية والسذاجة, يحضر الذكاء الفطري للشعب بقوة, وهو ذكاء يمكن أن يقال عنه بأنه لاشعوري, فعندما يجيب العم أبو بسام على سؤالنا لمن ستعطي صوتك في الانتخابات بقوله " للذين لن ينجحوا فيها" فهذا يدل على نظرة دونـيّة وتصغيرية عميقة لمضمون الانتخابات, وعندما يجتهد همام في بحثه وتجميعه لكل "أصوات" أصدقائه ومعارفه, فهو لا يفعل ذلك كرمى لعيون المرشح الذي يريد أن يعطيه هذه الأصوات, بل نزولا عند طلب أخته ومجاملة لخاطرها, ورغبة منه بدعم مركزها وتثبيت أقدامها في شركة السيد المرشح التي تعمل فيها أخته, والذكاء هو في جعل معادلة "المنفعة والمصلحة" التي يسير عليها المرشحون الأفاضل, معادلة ثنائية الأطراف, فلم لا يستفيد المرء من هذه الفترة طالما أنه عارف بأنه لن يستفيد من نتائجها..؟!
ومن المظاهر التي تغيب عن حضورها القوي المعتاد في كل فترة انتخابات, مظاهر الاحتفالات والمهرجانات الشعبية "جدا" التي كان يقيمها مرشحوا المجلس من كل الفئات والأحرف, جبهة أو مستقلين, فئة "أ" أو فئة "ب" ,وليس هناك من خيم ومضافات كبيرة تولم فيها الولائم ويسقى فيها الشاي كما كان يحدث, حيث تبدوا الأجواء "جافة وناشفة" فلا هرج ولا مرج انتخابي في الشوارع, وكأن هذه الشوارع "نظيفة" لا شراء فيها لأصوات الناس, مع أن آخر سعر للصوت الواحد وصل الى ألف ليرة...
وتبقى "طرائف" الأحداث الموسمية عادة السوريين وأهل طرطوس بشكل خاص, حيث يتناقل الوسط التعليمي في مدينة طرطوس مؤخرا خبر رسم كاريكاتوري لطالب في المرحلة الابتدائية رسم فيه بقرة كتب عليها "الى مجلس الشعب".
الجمل
إضافة تعليق جديد