الصومال والسودان : أهداف جديدة لحروب النفط الأمريكية
يتحدث فيلم "سقوط الصقر الأسود" الأمريكي، الذي شاهدناه جميعاً، عن العملية العسكرية الأمريكية الفاشلة التي نفذتها أمريكا في الصومال عام 1993، ويفضح المزاعم الأمريكية حول تقديم المساعدات الإنسانية للصوماليين، بل ويظهر أن العملية كانت بمثابة حرب غير معلنة و بمساعدة الأمم المتحدة ، قد تم الإعداد لها زمن بوش الأب وتمّ تنفيذها أيام الرئيس كلينتون.
أشرف على عملية الصومال العسكرية "جوناثان هاو" نائب مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي، ومنذ تلك الأيام، والإدارة الأمريكية تحس بطعم المرارة الذي جعلها تقدم من جديد على التدخل في النزاع الدائر هناك، كما أكدت الواشنطن بوست قبل أيام، حيث قال محللون أمريكيون وبعض كبار المسؤولين في الحكومة الصومالية المؤقتة : إن إدارة الرئيس بوش الابن ماتزال تحمل مرارة إدارة بوش الأب وهي تدعم سراً بعض أمراء الحرب الصوماليين ، خصوصاً أولئك المناهضين للتوجهات الدينية في حربهم مع المجموعات الإسلامية للسيطرة على العاصمة مقديشو. الأمر الذي دفع عبد الرحمن ديغازي الناطق باسم الحكومة المؤقتة للقول،إنه لاتوجد أية شكوك حول تمويل أمريكا لهذه الفصائل، وإن هذا سوف يغذي نيران الحرب الأهلية المستقلة. وقد صرح للواشنطن بوست مسؤول استخباري رفيع في المخابرات الأمريكية بأن "الصومال تمثل عدداً كلاسيكياً، على أساس اعتبارات مواقف أعدائنا الحاليين"!؟
ولم يعد خافياً على أحد أن الصومال تمثل مصلحة جيواستراتيجية هامة لإدارة بوش الابن، وهي نقطة للتركيز العملياتي والسياسي الأمريكي منذ عام 2000 خصوصاً أن الموارد الصومالية غدت واضحة أمام نظر القوى الغربية الكبرى حيث يتوقع وجود مخزونات نفطية كبيرة يمكن استثمارها بعد حسم المشاكل الأمنية الداخلية في الصومال لصالح الفريق الأمريكي الذي رحب بالشركات النفطية: شيفرون ، فيليبس ، أموكو ، كونوكو، ووعدت بالتسهيلات والتنازلات مع الامتيازات لكي تستثمر في الصومال.
لذلك فإن إقدام إدارة الرئيس بوش على تصعيد الأوضاع في الصومال يمثل "عودة للمستقبل" كما أن اليمن أصبحت هدفاً جيداً وملائماً للتقدم نحوه ، إضافة للأهداف الأخرى المجاورة له" على حد تعبير وليام ابتفدال، حيث تقوم شركة هانت أويل الأمريكية بفتح 200 ألف برميل يومياً من اليمن، لذلك فإن القيام بعمليات تطهير وحملة تصفيات سياسية عن طريق الاغتيالات، سيفتح الباب أمام الشركات النفطية الأمريكية، حيث تعتبر اليمن والصومال في الحسابات الاستراتيجية الأمريكية بمثابة جناحين يحملان الخصائص الجيولوجية ذاتها، والتي من المتوقع أن تحتوي على مخزونات نفطية هائلة طالما أنهما يمثلان امتداداً جيولوجياً لمنطقة حوض البحر الأحمر.
لقد بات واضحاً أن الولايات المتحدة تعمل للسيطرة على مخزونات النفط والغاز عن طريق العدوان العسكري، وذلك على خلفية منافسة الشركات الصينية لأمريكا في منطقة القرن الأفريقي وكينيا وأثيوبيا والسودان وغرب إفريقيا ، وما التنافس والتسابق والحديث السابق حول مذابح دارفور، والإلحاح بضرورة التدخل العسكري، سوى أحد مظاهر الصراع على الموارد بين المتنافسين الدوليين، وآخر نكتة تؤكد ذلك هي قيام ديك تشيني نائب الرئيس بوش بتحميل سائر أعضاء ، مجلس الأمن الدولي في طائرته وتوجيههم بالجزمة إلى نيروبي (لعقد اجتماع حول الأزمة الإنسانية في دارفور) وهي أول سابقة يجتمع فيها مجلس الأمن الدولي خارج مقره في نيويورك !؟
الجمل
إضافة تعليق جديد