ماذا يعني وجود قوات كورية شمالية في روسيا بالنسبة لبكين؟
بعد أسابيع من تداول التقارير حول إرسال كوريا الشمالية آلاف الجنود للقتال إلى جانب روسيا في أوكرانيا، أكد كل من حلف الناتو ووزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) هذا الأسبوع أن قوات كورية شمالية موجودة في منطقة كورسك الروسية، التي تقع جزئيًا تحت سيطرة القوات الأوكرانية. واعتُبرت هذه الخطوة بمثابة إحراج للصين، وفقًا لتقرير موقع “إذاعة أوروبا الحرة”.
وأوضح البنتاغون أن كوريا الشمالية أرسلت أكثر من 10 آلاف جندي إلى روسيا للتدريب والمشاركة في الحرب في أوكرانيا خلال “الأسابيع القليلة القادمة”. ويُعد هذا التطور مؤشراً على تعميق التعاون العسكري بين موسكو وبيونغ يانغ، وهو ما أبدت الصين تجاهه رد فعل صامتًا، حيث قالت وزارة خارجيتها الأسبوع الماضي إنها “ليست على علم بالوضع المتعلق بهذا الموضوع”.
لطالما كانت الصين الحليف الأهم لكوريا الشمالية، حيث قدمت لها الدعم الدبلوماسي والتجاري والمساعدات العسكرية منذ توقيع معاهدة التعاون المتبادل بين البلدين في عام 1961. لكن في الآونة الأخيرة، عبرت الصين عن استيائها من بيونغ يانغ بسبب التوترات التي تثيرها، بما في ذلك برنامجها النووي وتزايد التهديدات ضد كوريا الجنوبية. والآن، يُضاف إلى ذلك القلق من مشاركة كوريا الشمالية في النزاع الأوكراني، والذي قد يؤدي إلى تصعيد واسع النطاق يشمل مناطق في أوروبا وآسيا.
من وجهة نظر الموقع، فإن نشر القوات الكورية الشمالية في أوكرانيا يضع الصين في موقف صعب. فبينما تدعم بكين روسيا بشكل غير مباشر في حربها ضد أوكرانيا، فإن وجود قوات كورية شمالية يعزز العلاقة بين بيونغ يانغ وموسكو، وهو ما قد يقلل من النفوذ الصيني على كوريا الشمالية. ويمثل هذا التوجه أيضًا تحديًا استراتيجيًا لبكين، حيث إن تعزيز الشراكة بين بوتين وكيم جونغ أون قد يعقد حسابات الصين في المنطقة.
إرسال الجنود الكوريين الشماليين إلى أوكرانيا قد يفاقم التوترات الجيوسياسية في منطقة شبه الجزيرة الكورية وفي المحيطين الهندي والهادئ، ويؤدي إلى زيادة الضغط على الصين التي تجد نفسها في موقف محرج. هذا الوضع قد يزعزع أيضا موقف الصين حول فكرة أنها قوة تدعو للسلام، ويقوض الرواية التي تقول إن الصين تفضل أن تظل بعيدة عن قضايا الدفاع الأوروبية.
كما يُثير التعاون العسكري المتزايد بين كوريا الشمالية وروسيا مخاوف لدى الصين بشأن ما قد تقدمه موسكو من مساعدات مقابل الدعم الكوري الشمالي، ومنها تعزيز القدرات النووية لكوريا الشمالية، ما قد يزيد من حدة سباق التسلح في المنطقة.
بعض المحللين يرون أن الصين قد تتغاضى عن إمدادات الأسلحة والجنود من كوريا الشمالية إلى روسيا لتخفيف الضغط عن نفسها، وتجنب الانخراط المباشر في النزاع. ولكن، وفقًا للموقع، لا تزال الصين تسيطر على هذا الملف بشكل كبير، وتبقى قادرة على التأثير في توجهات روسيا وكوريا الشمالية إذا اختارت التدخل.
إجمالًا، تظل الصين في موقف حساس، حيث تجد نفسها مضطرة للتوازن بين دعمها غير المباشر لروسيا وفي الوقت نفسه الحفاظ على علاقاتها مع كوريا الشمالية. وإذا رغبت في تعديل مسار هذا التعاون، فإن لديها القدرة على ذلك، لكنها ستظل محتفظة بدور قيادي في إدارة هذه التطورات.
الحرة
إضافة تعليق جديد