ناجي العلي في الذكرى العشرين لاغتياله
"ناجي دفع ثمن تنبؤاته وكنت أعرف أنه مشروع شهيد منذ البداية فقد كان يرسم بالدم"، بهذه الكلمات اختصر صديق ناجي العلي الصحفي محمد كعوش، قصة نهاية رسام الكاريكاتير الأشهر فلسطينيا وعربيا، الذي تعرض لمحاولة اغتيال في لندن في 22/7/1987، وظل في غيبوبة إلى أن أعلنت وفاته نهاية أغسطس/آب من نفس العام.
في الذكرى العشرين لاغتياله انتقى أصدقاء ناجي العلي مجموعة من رسوماته التي خطها بريشته في عقدي السبعينيات والثمانينيات واستشرف فيها بعضا مما تحقق على صعيد القضية الفلسطينية اليوم.
ويحتوي أرشيف ناجي العلي على نحو (40) ألف رسم كاريكاتوري، كانت تحكي واقع القضية الفلسطينية ويومياتها وتعقيداتها، ولكن الأخطر وفق أصدقاء ناجي هو رسوماته التي حملت تنبؤات دفع حياته ثمنا لها.
ويلفت كعوش إلى أنه يتذكر ناجي اليوم أكثر من أي وقت مضى "لأن ما وصلنا إليه في وضعنا الراهن تنبأ به ناجي قبل ثلاثة عقود"، وتابع في حديث للجزيرة نت "ناجي تنبأ بالانتفاضة منذ منتصف السبعينيات وبالطريق المسدود للقضية الفلسطينية".
ولعل رسوماته تحكي بعضا من تنبؤاته، فأحدها -وضع على مدخل حفل أقيم لتكريم الرسام الشهيد- تشير إلى مساعدة العرب لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق بيغن في جدار يبنيه حول القدس، وقد خطت الرسم ريشة ناجي العلي قبل ثلاثين عاما.
ويشير كعوش الذي عاش مع ناجي العلي سنوات طويلة في بيروت ومخيم عين الحلوة وروما إلى أن رسومات ناجي تنبأت بتوقيع العرب معاهدات صلح مع إسرائيل على غرار كامب ديفد.
أصدقاء ناجي العلي نظموا مساء الأحد حفلا في عمان لتكريمه، كان لافتا أن أغلبية الحضور هي من الشبان الذين لم يعرفوا ناجي العلي إلا من خلال رسوماته، وبطل هذه الرسومات (حنظلة) كان حاضرا من خلال توقيعه على كافة رسومات الفنان الفلسطيني.
على بوابة الحفل وضعت جدارية تحمل صورة ملطخة باللون الأحمر لناجي العلي وكتبت فوقها عبارته الشهيرة "كلما ذكروا لي الخطوط الحمراء طار صوابي.. أنا أعرف خطا أحمر واحدا: إنه ليس من حق أكبر رأس أن يوقع وثيقة استسلام وتنازل لإسرائيل".
"منتدى الفكر الديمقراطي" الذي دعا إلى الحفل أعلن إطلاق صالون ناجي العلي لتعرض فيه كافة رسوماته بشكل دائم لمن يحب معرفة هذا الفنان، خاصة الجيل الجديد، كما تبنى عقد سلسلة من الندوات بعنوان "شهادات عن ناجي العلي ممن عرفوه".
بدوره قال بهجت أبو غربية -المقاتل في صفوف الثورة الفلسطينية من ثورة القسام في ثلاثينيات القرن الماضي، حتى العمل الفدائي نهاية عقد الستينيات- إن "الشهيد ناجي العلي رمز بارز من رموز المقاومة"، معتبرا أن المقاومة لا تكون فقط بالسلاح، بل إن ميادينها متعددة ومن أهمها "المقاومة التي تتجه لصياغة الفكر المقاوم".
أبو غربية عكس الفكر المقاوم لرسومات ناجي العلي على الواقع الفلسطيني المنقسم على نفسه اليوم، وقال إن "جهودا كبيرة تبذل في الخفاء والعلن لإحباط شعبنا وإبعاده عن ثقافة المقاومة"، معتبرا أن الحل للشعب الفلسطيني هو العودة للمقاومة لا سواها.
ووصف أبو غربية ناجي العلي بأنه مدرسة من مدارس المقاومة بريشته وبرسوماته وتصريحاته، وقال "عندما نذكر ناجي العلي نذكر المقاومة".
وبين أن العلي خاض المقاومة على قاعدتين هما "مقاومة العدو ومقاومة الاستسلام له"، وتابع "هذا بالضبط ما كلف ناجي العلي حياته فقضى شهيدا".
محمد النجار
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد