باكستان في قبضة الاضطراب والطوارئ والجيش
دخلت باكستان أمس منعطفاً خطيراً ينذر بمزيد من الاضطرابات ويطرح علامات استفهام حول مصير الانتخابات الاشتراعية مطلع 2008 ومصير تماسك المؤسسة العسكرية التي باشرت تطبيق مرسوم أصدره الرئيس برويز مشرّف بإعلان حال الطوارئ وتعطيل الدستور، محملاً الإسلاميين المتشددين وبعض رموز القضاء مسؤولية «عرقلة» مكافحة الارهاب.
وجاء إعلان الطوارئ قبل يومين من بت المحكمة العليا في شرعية انتخاب مشرّف لولاية رئاسية ثانية مع احتفاظه بمنصبه. وإذ تحدت المحكمة الرئيس الجنرال برفضها دستورية اعلان الطوارئ، عزل مشرّف رئيسها افتخاري تشودري الذي شوهد خارجاً من المحكمة بحراسة امنية، فيما طوق الجيش المنطقة، وعين مكانه القاضي عبد الحميد دوغار.
وقطعت رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو زيارتها العائلية في دبي وعادت بسرعة إلى باكستان، فيما أسفت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس لاعلان الطوارئ في باكستان، وأملت بأن تظهر السلطات نيتها في اجراء انتخابات حرة ونزيهة. وقال الناطق باسم الخارجية الاميركية شون ماكورماك ان واشنطن «قلقة جداً» من القرار، فيما دعا وزير الخارجية البريطاني دايفيد ميليباند مشرف الى التحرك «وفقاً للدستور». اما ناجتيف سارنا الناطق باسم وزير الخارجية الهندي فأسف لتدهور الاوضاع في باكستان، آملاً بأن تعود الى طبيعتها قريباً من اجل دعم عبور البلاد الى الاستقرار والديموقراطية».
وأعلن مشرّف أمس، بصفته قائد الجيش، فرض حال الطوارئ وتعطيل العمل بالدستور. كما عزل تشودري قبل يومين من بت المحكمة العليا في شرعية انتخابه لولاية ثانية، بعدما خاض الانتخابات محتفظاً بمنصبه العسكري.
وشنّ الرئيس الباكستاني حملة على «المتطرفين» الذين اتّهمهم بتهديد الحكومة. وقال ان «الارهاب والتطرف بلغا مستوى خطراً في باكستان». وفي كلمة وجّهها الى الباكستانيين بعد فرضه حال الطوارئ وإقالة رئيس المحكمة العليا افتكار تشودري، اتّهم مشرف القضاء بالتدخل في شؤون الحكومة، وقال ان «نظام الحكم اصبح مشلولاً» بسبب هذا التدخل. واعتبر الرئيس الباكستاني ان بلاده تقف عند مفترق صعب، وان سيادة البلد كانت مهدّدة لو لم يتخذ اجراء في الوقت المناسب.
وتوقع رئيس الوزراء السابق نواز شريف الذي منع من العودة الى باكستان قبل شهرين، انتشار الفوضى في البلاد. ويعتقد محللون أن ما اقدم عليه مشرف أمس، سيلغي اتفاقه مع بوتو لتقاسم السلطة، في ظل ترجيح ارتباط الالغاء بوجود نية لإرجاء الانتخابات الاشتراعية المرتقبة مطلع 2008 والتي تشكل محطة مهمة في الانتقال نحو النظام المدني الديموقراطي.
وقال أحسن إقبال، المسؤول الإعلامي في حزب «الرابطة الإسلامية» بزعامة نواز شريف، إن «المعارضة ستتظاهر في انحاء البلاد لتحدي حال الطوارئ».
وفي كلمة وجهها الى الامة مساء امس، عزا مشرف إعلان الطوارئ إلى موجة العصيان واعتداءات المعارضين الاسلاميين في مناطق القبائل المحاذية للحدود مع افغانستان، و»تعطيل» المحكمة العليا عمل الحكومة، عبر النظر في قضايا رفعتها المعارضة ضده، علماً ان رئيس المحكمة تشودري كان طالب الحكومة اخيراً بالإفراج عن جميع المفقودين في موعد أقصاه 12 الشهر الجاري، مؤكداً مسؤولية اجهزة الأمن عن اختفاء مئات من المواطنين الذين تصر عائلاتهم على ان الحكومة سلمت بعضهم للولايات المتحدة أو اعدمتهم سراً.
وطوق عشرات من الجنود أمس، ساحة البرلمان ومقرات الحكومة والتلفزيون والاذاعة الرسمية في إسلام آباد، وإغلقوا الطرق المؤدية إلى القصر الرئاسي والبرلمان والمحكمة العليا حيث حوصر عدد من القضاة الذين اصدروا قراراً عاجلاً بوقف العمل بقانون الطوارئ. كما عطلت السلطات لساعات عمل شركات الهاتف الخليوي والانترنت، ومنعت محطات التلفزيون الخاصة من البث.
وفيما تحدثت مصادر المعارضة الباكستانية عن حملة اعتقالات واسعة تطاول أنصارها، وكذلك جماعات ناشطة في الدفاع عن حقوق الإنسان، توقيف بعض عناصرها، سمع اصوات اطلاق نار في احياء بمدينة كراتشي (جنوب)، معقل زعيمة المعارضة بوتو.
جمال اسماعيل
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد