لصوص الرقة لا يوفرون حتى عدادات المياه
يقوم بعض اللصوص في محافظة الرقة سعياً وراء مادة النحاس المرتفعة الثمن إلى تقطيع كابلات الهاتف والكهرباء ويفككون ساعات المياه, مع أن نحاسها من النوع الأصفر, وليس الأحمر,والأصفر أقل قيمة من الأحمر وهم إذ يفعلون ذلك لا يبالون بالخطط والمشاريع التي خربت ولا بالمال المنهوب فالكابلات وعدادات المياه تحتاج إلى بدائل وأغلبها مستوردة أصلاً ما عدا العدادات التي تنتجها معامل الدفاع,وإن كانت المواد الأولية الداخلة في صناعتها مستوردة, كما لا يفكر هؤلاء اللصوص بالناس الذين يشملهم هذا التخريب حيث تنطفئ الأضواء ويصمت الهاتف وتنقطع المياه ويطول الانقطاع أحياناً خاصة حين يحتاج تأمين الكابلات إلى وقت لأنها كابلات ذات مواصفات خاصة وهي مستوردة, لكن اللصوص يفرحون لأن أحزان غيرهم تغذي أفراحهم,وخراب غيرهم عمار عندهم.
ساعة المياه التي لا يتجاوز وزنها نحو 2 كغ من صنع معامل الدفاع يدفع المشترك ثمنها ما يعادل ثلاثة آلاف ليرة سورية ولكن اللص يبيعها كما قالوا لنا بخمسين ليرة سورية, قد يكون هذا ثمن النحاس فقط, وهكذا نمزق أو نحطم نحو 2950 ليرة سورية لنحصل على خمسين ليرة.. لو فعل كثيرون مثل هذا اللص وفي مجالات متعددة فإننا سنجد أنفسنا جميعاً على قارعة الأمم.
بلغ عدد الساعات التي أعلن عن سرقتها هذا العام في مدينة الرقة مئتي ساعة, وهذا يعني أننا خسرنا في هذا البند وحده نحو 300 ألف ليرة سورية, علماً أن العدادات لا تصنع من القصدير فهو غير صالح لذلك, أما الحديد فإنه يتآكل ويتأكسد, ولذلك لا نستطيع أن نغير مواد صناعتها لنحميها بإدخال معادن لا قيمة لها.. أو هي قليلة القيمة.. لكن هذا لم ينفع مع أغطية الريكارات الصحية, إذ لم يحمها أنها مصنوعة من الفونط أو الحديد وقد بلغ عدد الأغطية التي فقدت وأعلن عن سرقتها في هذا العام نحو خمسين غطاء, فهل يسرقونها لأنها من الحديد مهما كان مردودها هزيلاً؟ ومهما كان الضرر الناجم عنها؟
بالطبع فسارق الأغطية غير سارق عدادات المياه ولكنه يشبهه, وربما كانت اختصاصات عندهم, وحتى لو كانت الاختصاصات محفوظة عندهم فإنهم ممن لا يتألمون من سرقة الحكومة, بل إنهم يمارسونها بقناعة ويعتبرونها علامة من علامات الرجولة فيتذاكرونها بفروسية, ويعدونها من ملاحمهم الخلبية, فهم يرون أنهم على صواب إن سرقوا وعلى صواب إن هربوا, وعلى صواب إن قطعوا أسلاك الهاتف والبريد والكهرباء النحاسية أو حطموا عدادات المياه بل إنهم يوصون أولادهم وأحفادهم بالسير على دربهم وقد قال أحد الساخرين: الحق على المياه والكهرباء والهاتف.. فهذا اللص يفعل ذلك لأنهم يغرمونه بمئة ليرة عن الفاتورة التي تصله متأخرة دائماً..!.
محمد جاسم الحميدي
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد