نعوم تشومسكي: حول مسؤولية الكتاب والمثقفين
الجمل: في أغلب حياتي كنت مساهما عن قرب في مجموعات من دعاة السلام و ذلك بالفعل المباشر و المقاومة , و في مشاريع تعليمية و تنظيمية . قضينا أياما معا في السجن و قد كان من الغريب أنها لم تمتد لسنوات عديدة , كما توقعنا بشكل واقعي منذ 30 عاما ( إنها قصة ممتعة لكنها مختلفة ) . يخلق هذا روابط من الإخلاص و الصداقة لكنه يؤدي أيضا إلى بعض الاختلافات . لذا عندما تتبنى مجموعة أصدقائي و زملائي في إزعاجها لسلطة غير شرعية الشعار القائل "قل الحقيقة للسلطة" فإنني أختلف معهم بشدة . إن الجمهور الذي تتم مخاطبته خاطئ تماما , و هذا الجهد ليس أكثر من شكل للانغماس في الذات . إنه مضيعة للوقت و سعي لا معنى له أن نقول الحقيقة لهنري كيسنجر أو المدير التنفيذي لشركة جنرال موتورز أو أولئك الذين يمارسون السلطة في مؤسسات قائمة على الإكراه – الحقيقة التي يعرفونها جيدا بالفعل في أغلب الأوقات .
مرة أخرى فإن الأهلية هي في النظام . بقدر ما يقوم أشخاص كهؤلاء بفصل أنفسهم عن إطار مؤسساتهم و يصبحوا كائنات بشرية , أخلاقية , عندها ينضمون لكل شخص آخر . لكن في أدوارهم المؤسساتية كأشخاص يمارسون السلطة فإنهم لا يستحقون أن يخاطبوا , ليسوا أكثر من طغاة أو مجرمين , الذين هم أيضا كائنات بشرية مهما كانت أفعالهم رهيبة .
أن تقول الحقيقة للسلطة ليس مهمة نبيلة خصوصا . يجب على المرء أن يبحث عن جمهور يهتم – و أكثر من ذلك ( و هذه أهلية أخرى مهمة ) يجب ألا يرى على أنه جمهور , بل كمجموعة لديها اهتمام مشترك في ما يأمل المرء أن يشارك فيه بشكل بناء . يجب ألا نتحدث إلى بل مع . هذه هي الطبيعة الثانية لأي معلم جيد , و يجب أن تكون كذلك لأي كاتب و مثقف أيضا .
ربما هذا يكفي ليقترح أنه حتى قضية اختيار الجمهور ليست تافهة كلية .
ترجمة : مازن كم الماز
مسؤولية الكتاب و المثقفين
بقلم نعوم تشومسكي
الفصل الثالث من كتاب القوى و الاحتمالات الصادر عام 1996
نقلا عن: www.zmag.org/chomsky/pp/pp/htm
للكاتب أيضاً:
عن الجرائم الحضارية والإنكار في كندا
(التفوق على تاريخ المستعمر)استعراض كتاب حميد دابشي:إيران,شعب معطل
إضافة تعليق جديد