فيروز في دمشق: قيمة فنية راقية
كما لم يمنع الصقيع فيروز من عبور وادي الحرير المثلج بين نقطتي الحدود السورية - اللبنانية لم يمنع اللغط السياسي لقاء فيروز بجمهورها في الشام فهي التي لطالما صدحت "أنا على الدرب يا وادي الحرير هوى بين الحبيبين ما قلبي بمنقسم".
في دار الأوبرا كان اللقاء حميما. فهي لم تغادر قلوب السوريين و صباحاتهم لتعود. فمنذ الخمسينيات كانوا أسخياء باحتضانها فهي ما حاكت آذانهم بقدر ما حاكت أرواحهم.
استقبلوها وقوفا، صفقوا لها بالأكف و القلوب لأكثر من عشر دقائق حسب مدير دار الأوبرا الدكتور نبيل اللو الذي أشار إلى أن جمهور الدار و من الحفلة الأولى بدأ بالتصفيق لفيروز قبل أن تنطق بكلمة واحدة حوارية أم غنائية تقديرا لها.
لم يأتوا لحضور مسرحية شاهدوها منذ سنين بقدر ما جاؤوا ليحتفوا بفيروز حسب ميادة التي قالت: إن حضور الجمهور "كان لما تعنيه فيروز له بحد ذاتها فهم قد شاهدوا المسرحية سابقا على المستوى الفني و هذا ليس بجديد و أنا من هذا الجمهور لكن وجود فيروز على خشبة المسرح في دمشق كان هو الحدث بحد ذاته".
كان الانسجام مع كل خطوة و نغمة وصوت كما يقول جورج: كان الجمهور يعيش حالة فرح دائم في كل خطوة و حركة إذا تحركت صفقوا و إذا ضحكت ضحكوا كان هناك حالة من التناغم العجيب بين فيروز وجمهورها.
أما البعض فبكى مثل ديما التي قالت: "بكيت خلال غناء فيروز من الفرح معيدة السبب إلى ذكريات هامة بالنسبة لها في مرحلة الطفولة"
وتضيف: "لم أصدق بعد كل هذه السنين ان أعود و أشاهد فيروز أمامي على المسرح. تأثرت و تفاعلت مع جو الجمهور الذي كان يحضر المسرحية فالجمهور كان ينفعل و يصرخ أما أنا فبكيت عند تصفيق الجمهور لدى انتهاء المسرحية و وداعها".
فيروز في الشام قيمة فنية راقية اسمى من السياسة. هي للكل و لطالما كانت هكذا حسب معذى الذي قال: "مجرد وجود فيروز بدمشق حدث رائع لدمشق و أهلها الذين كانوا بانتظار هذا الحدث الكبير".
وأضاف معذى: "نحن نعتبر فيروز سفيرة لسورية و العرب لكل العالم و ليس لها علاقة بالسياسة و لا بالدين و لا بطائفة داعيا من يحاول أن يدخلها بالسياسة إلى ترك فيروز للجميع منزهة عن كل شيء اسمه سياسة بل أن تبقى سفيرة لبنان لكل العالم".
هي ذات بعد و عمق ثقافي هام حسب الدكتور سمير "وهي ذات قيمة كبيرة لا يملكها مطرب على مستوى الكلمة أو اللحن في هده المنطقة التي تشمل سورية و لبنان و بلاد الشام".
و يضيف: "نحن تربينا على صوت فيروز جيلا بعد جيل و كانت أغانيها تجسد كل همومنا و نواحي حياتنا المختلفة".
سيدة السبعين ما زالت في قلب و عقل السوريين شابة تعيد الذكريات الحميمة.
و يقول الدكتور سمير: "كنت أتوقع أن تكون حركتها أبطأ لكن الذي لاحظته أن حركتها ما زالت نشيطة وشابة على المسرح و استطاعت أن تجسد شخصية قرنفل في مسرحية صح النوم كما جسدتها منذ ثلاثين عاما فأعادتنا إلى أيام الماضي الجميل و أيام الشباب و الذكريات الحميمية التي تبقى عزيزة على نفس كل إنسان.
ثمان ليال فيروزية و السوريون يطلبون المزيد يعقتون النغمات البيض ليرشفونها في صباحاتهم التي لا تنتشي إلا بها.
المصدر: BBC
إضافة تعليق جديد