لماذا لم توافق دول وبرلمان الاتحاد الأوروبي على توصيات مؤتمر لشبونة
الجمل: الدبلوماسية والوقائية الأمريكية الجديدة: الخيط الواصل بين مؤتمر أنابوليس ومؤتمر لشبونة:
حالياً، وفي توجه جديد ضمن ما يعرف بدبلوماسية المؤتمرات فإن أسلوب الوقائية الأمريكية يسعى إلى تنظيم هذه المؤتمرات لجهة الدفع باتجاه:
• تداخل القضايا والملفات.
• تقاطع أداء الأطراف.
• تقاطع الجهود.
وعلى خلفية هذه التقاطعات، يتم حالياً تنفيذ واحدة من أكبر المناورات الدبلوماسية الدولية والإقليمية، وتقول المعلومات بأن مؤتمر سلام أنابوليس ومؤتمر لشبونة الخاص بالاتحاد الأوروبي سيكملان بعضهما البعض في تقاطع جديد للأهداف والمصالح:
• مؤتمر سلام أنابوليس سيؤدي إلى خلق فراغ أمني في منطقة شرق المتوسط.
• مؤتمر لشبونة سيؤدي إلى إدخال منطقة الشرق الأوسط ضمن المجال الإقليمي للأمن الحيوي الأوروبي.
وعلى خلفية هذه التسريبات الأخيرة حول احتمالات أن يتم إرسال قوات حلف الناتو للقيام بمهام حفظ السلام في منطقة شرق المتوسط، تتضح لنا أبعاد وخفايا الأجندة المشتركة بين مؤتمر سلام أنابوليس ومؤتمر لشبونة، طالما أن حلف الناتو هو الذراع العسكري الذي يتولى مسؤولية الدفاع عن أوروبا، ولما كانت الولايات المتحدة هي القوة العسكرية الأكبر في قوام الحلف فإن الوجود العسكري لحلف الناتو في منطقة شرق المتوسط معناه الوجود العسكري الأمريكي تحت غطاء حلف الناتو.
* الخصائص الجديدة لحلف الناتو: توسيع نطاق المهددات:
من المعروف أن ميثاق حلف الناتو يشدد على الالتزام بأن يكون دور الحلف هو الدفاع حصراً عن القارة الأوروبية. وتقول المعلومات بأن التعديلات الجديدة التي أدخلها مؤتمر لشبونة هي تعديلات تهدف إلى الآتي:
• أن يشير تفسير عبارة الدفاع عن أوروبا إلى مفهوم الدفاع عن أمن أوروبا.
• أن يتضمن مفهوم الدفاع عن أوروبا مواجهة كل المخاطر التي تهدد أمن أوروبا في أي مكان في العالم دون التقيد بحدود أوروبا الجغرافية.
تشير معطيات خبرة الناتو في حماية الأمن الأوروبي إلى قيام قوات حلف الناتو بعملياتها العسكرية في منطقة البلقان على النحو الذي أدى إلى تفكيك يوغوسلافيا، وتسعى الولايات المتحدة بالتواطؤ مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا إلى تعميم نموذج تدخل الناتو في يوغوسلافيا في شتى بقاع العالم، ولتحقيق هذا الهدف فقد هدف مؤتمر لشبونة حصراً إلى ذلك عن طريق:
• الربط بين السياسة الخارجية الأوروبية والسياسة الدفاعية الأمنية الأوروبية ضمن أجندة ما يعرف بـ"سياسة الأمن والدفاع والسياسة الخارجية الأوروبية".
• إعادة تعريف مخاطر تهديد الأمن والسلام الأوروبي، بما يؤدي إلى جعل كل مناطق العالم مصدراً للخطر المحتمل.
• توسيع نطاق الانتشار المحتمل لقوات حلف الناتو بما يشمل معظم مناطق العالم وعلى وجه الخصوص منطقة الشرق الأوسط والشرق الأدنى وآسيا الوسطى والقارة الإفريقية وجنوب آسيا.
تقول المعلومات بأن توصيات مؤتمر لشبونة لم تتم إجازتها والمصادقة عليها حتى الآن بواسطة البرلمان الأوروبي كما لم توافق عليها الدول الأوروبية، والاستثناء الوحيد هو فرنسا التي سارعت حكومة ساركوزي فيها إلى إصدار موافقتها عليها. وتقول المعلومات بأن بعض أعضاء البرلمان الفرنسي قد وجهوا الكثير من الانتقادات إلى حكومة ساركوزي بسبب إصدارها الموافقة دون الرجوع إلى البرلمان.
* أبرز الاحتمالات: ماذا يحمل المستقبل؟
إصدار الموافقة الأوروبية على توصيات مؤتمر لشبونة ليست أمراً سهلاً، بسبب حالة الانقسام السائدة في أوساط الأوروبيين إزاء أجندة علاقات عبر الأطلنطي على خط واشنطن – بروكسل:
• الحكومات الأوروبية الغربية أصبحت أكثر ارتباطاً بواشنطن.
• الرأي العام الأوربي أصبح أكثر نفوراً من سياسات واشنطن.
وعلى هذه الخلفية فإنه سيكون أمام الحكومات الأوروبية إما:
• خيار الانحياز لتوجهات واشنطن على غرار ما فعله ساركوزي وهو أمر يدفع الحكومات إلى الوقوف في مواجهة الرأي العام الأوروبي.
• أو خيار الانحياز لتوجهات الرأي العام الأوروبي على غرار ما سبق أن فعلته فرنسا يوم معارضتها لغزو واحتلال العراق.
يقول المراقبون بأن الخيار الأول ممكن الحدوث على المدى القريب ولكنه على المدى الطويل سيؤدي إلى إضعاف النخب الأوروبية المساندة لأمريكا وعلى وجه الخصوص التيارات الأوروبية المحافظة، مقابل إعادة إنتاج وصعود الحركات ذات النزعة الاستقلالية الأوروبية، أما بالنسبة للخيار الثاني فهو غير ممكن لأن النخب الأوروبية المسيطرة حالياً تتميز بتوجهاتها وميولها إلى أسلوب تبني النماذج المثالية في سياساتها الخارجية، وعلى وجه الخصوص تلك النماذج التي تتقاطع مع ثوابت السياسة الخارجية الأمريكية إزاء مناطق الشرقين الأوسط والأدنى والاعتبارات المتعلقة بأمن إسرائيل. إن موافقة الأوروبيين النهائية على توصيات مؤتمر لشبونة سيؤدي إلى قيام أمريكا باستغلال القدرات العسكرية والاقتصادية الأوروبية في أجندة الحرب ضد الإرهاب، وأجندة أمن إسرائيل، إضافة إلى أن الإدارة الأمريكية سوف لن تستطيع التملص من المسؤولية أمام الرأي العام الأمريكي طالما أن العمليات العسكرية سوف تتم تحت اسم حلف الناتو.
* إسرائيل واستغلال حلف الناتو:
حضور العامل الإسرائيلي وتأثيره في توصيات مؤتمر لشبونة هو حضور بدأ منذ المراحل الأولى السابقة لانعقاد المؤتمر، وتقول المعلومات بأن العامل الإسرائيلي يلعب على العديد من الخطوط والخيوط في الساحة الأوروبية:
• خط علاقات تل أبيب الثنائية مع برلين وباريس ولندن وروما ومدريد.
• خط علاقات تل أبيب مع كيانات اللوبي الإسرائيلي المنتشرة في أوروبا والتي تلعب دوراً فاعلاً في الضغط وممارسة التأثير على عملية صنع واتخاذ القرار في الحكومات الأوروبية.
• خط علاقات إسرائيل مع الاتحاد الأوروبي.
• خط علاقات إسرائيل مع قيادة حلف الناتو.
• خط علاقة إسرائيل مع واشنطن لجهة التأثير على أوروبا عن طريق علاقات عبر الأطلنطي.
الأسئلة الحرجة المتعلقة بالعلاقة التكميلية بين أجندة مؤتمر أنابوليس ومؤتمر لشبونة كثيرة ومتعددة وهي أسئلة ترتبط في المقام الأول بالأسئلة الأخرى المتعلقة بمدى وكيفية استجابة الأوروبيين لتوصيات مؤتمر لشبونة. وبرغم أنه من الصعب أن نتوقع أن يتقبل الرأي العام الأوروبي مشهد القوات الأوروبية وهي تقاتل في الشرق الأوسط بالوكالة عن إسرائيل وفي لبنان والأراضي الفلسطينية وغيرها. إلا أن السياسة كما يقولون هي فن الممكن فهل ستتحقق احتمالات مساعي محور تل أبيب – واشنطن الجديدة أم ستمد لسانها لهذا المحور هذه المرة؟
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد