ساركوزي يقود فرنسا على خطى بوش الإفريقية
مرّ الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في نجامينا، وهو في طريقه إلى جنوب أفريقيا. وهي زيارة أثارت دهشة بعض المراقبين، وخصوصاً أن باريس كانت قد تردّدت كثيراً في دعم إدريس ديبي، خلال الهجوم الذي شنّه المتمرّدون قبل ثلاثة أسابيع، ووصل بها الأمر إلى حدّ عرض «اللجوء السياسي» على الرئيس التشادي، الذي تشبّث بالحكم، واستطاع، بعد قصف عنيف لأحياء عاصمته، استرداد زمام المبادة ودفع المتمرّدين بعيداً، من دون أن يعني ذلك ابتعاد الخطر عن نظامه.
إلّا أن من أسباب الدهشة أيضاً أنّ فرنسا لا تكفّ عن المطالبة بالإفراج عن رجال المعارضة الذين اعتُقلوا في سياق تحرير العاصمة واختفوا رغم تنديد المنظمات الإنسانيّة بالعمليات التي تستهدف «كل المعارضين»، واعتراف الصليب الأحمر بأنه عاجز عن تأكيد «سلامة وجودهم». وهو ما تندّد به منظّمات فرنسيّة عديدة، وعدد من الأحزاب، بما فيها حزب ساركوزي، «التجمع الشعبي من أجل الجمهورية».
ورغم هذا، فإن ساركوزي على عادته لم يعِر أيّ اهتمام لهذا «التأفّف من تصرّف الشريك الأفريقي»، وقرر الهبوط في العاصمة. وبحسب أحد المراقبين، فإنّه «ربما يعود بإفراج عن رجال المعارضة» أو بالعفو عن النشطاء في منظّمة «عرش زويه» المحكوم عليهم بالسجن 8 سنوات ولا يستطيع أن يعفي عنهم إلا الرئيس التشادي.
إذاً، يترك ساركوزي باريس وسط التساؤلات عن سياسته الخارجية وجدواها وتوافقها مع حقوق الإنسان التي يدعو إليها وزير خارجيته برنارد كوشنير. وترافق هذا القلق تسريبات منظمة عن رغبة فرنسا بزيادة التزاماتها في المعارك التي يشنّها حلف شمال الأطلسي في أفغانستان ضدّ الطالبان.
وكان الرئيس الفرنسي قد تعهّد فور وصوله إلى الحكم العمل على دعم الولايات المتحدة التي تُعدّ أكبر المساهمين في «القوّات الدولية لدعم الأمن» وهي التسمية التي تكلّل عمل الحلف في أفغانستان. وهذا الأمر يتوافق مع طلب واشنطن من حلفائها بزيادة ملموسة لقوّاتهم بعد التطوّرات الأخيرة في قندهار وجنوب شرق أفغانستان وتوسّع رقعة المناطق التي تسيطر عليها القوات المناوئة للرئيس الأفغاني، حميد قرضاي.
وقالت مصادر أن باريس، التي يبلغ عدد قواتها المشاركة حالياً في أفغانستان ١٩٠٠ جندي بمن فيهم المقيمون في طاجيكستان والذين يؤمّنون تغطية جوية للقوّات الدولية، تستعد لإرسال قوّات كوماندوس ومغاوير للمشاركة في القتال في المناطق القبلية على الحدود الباكستانية.
وتصف أوساط مقرّبة من الإليزيه «القتال الدائر في أفغانستان بأنّه معركة بين الديموقراطية والتخلّف» وأنّه لا يحق للغرب خسارة هذه المعركة بأيّ حال من الأحوال. ويُتوقع أن تكون قمة الحلف في بوخارست الشهر المقبل هي المناسبة التي يعلن فيها ساركوزي «زيادة حجم مساهمة فرنسا في الحرب على تنظيم القاعدة» رغم تخوّف بعض المصادر من «انزلاق قوات الأطلسي من دور قوّات تحرير إلى دور قوات احتلال».
إلّا أن بعض المحلّلين في باريس يشيرون إلى أنّ ما يقوم به ساركوزي منذ أشهر، بزيادة عدد الجنود المشاركين من حين لآخر من دون ضجة ولا إعلام، هي «أخذ فرنسا نحو حرب» من دون الإفصاح صراحة عن ذلك. ويسأل هؤلاء عن عدد الفرنسيين الذين يعلمون بأنّ قوّاتهم هي القوّات الثانية من حيث العدد والعديد المشاركة في الحرب الأفغانية، التي هي على عكس «الحروب الفرنسية الأفريقية»، تمرّ من دون ضجّة إعلامية.
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد