نعوم تشومسكي: عن عام 1968
الجمل: كان عام 1968 لحظة مؤثرة واحدة في حركة أكبر بكثير . أنتج ذلك العام سلسلة كاملة من الحركات . لم يكن من الممكن أن توجد حركة تضامن عالمية كونية على سبيل المثال لولا أحداث 1968 . لقد كان عاما حافلا , فيما يتعلق بحقوق الإنسان , حقوق الأثنيات , و الاهتمام بالبيئة أيضا .
أوراق البنتاغون ( و هي تقرير حكومي أمريكي سري للغاية من 7000 صفحة عن حرب فيتنام ) هي برهان ساطع على ذلك : فورا بعد هجوم تيت* انقلب عالم البزنس ( أصحاب العمل ) ضد الحرب , لأنهم ظنوا أنها كانت مكلفة جدا , رغم أنه كانت هناك اقتراحات داخل الحكومة – و نحن نعرف ذلك الآن – لإرسال المزيد من القوات الأمريكية . أعلن بعدها الرئيس ليندون جونسون أنه لن يرسل أية قوات أخرى إلى فيتنام .
تخبرنا أوراق البنتاغون أنه , بسبب الخوف من الاضطرابات المتصاعدة في المدن , كان على الحكومة أن تنهي الحرب – لم تكن واثقة فيما إذا كانت ستملك ما يكفي من القوات لترسلها إلى فيتنام و ما يكفي منها على الجبهة الداخلية لتخمد الاضطرابات .
واحد من أكثر ردود الفعل إثارة الذي جاءنا من عام 1968 نجده في الإصدار الأول للجنة الثلاثية , الذي اعتقد أنه هناك "أزمة في الديمقراطية" بسبب المشاركة الأكثر من اللازم في السياسة من قبل الجماهير . في أواخر الستينيات كان يفترض من الجماهير أن تكون سلبية , و ألا تدخل في المجال العام و ألا يسمعوا أصواتهم . عندما فعلوا ذلك سمي ما فعلوه ب"إفراط في الديمقراطية" و خشي البعض من أن يضع هذا الكثير من الضغط على النظام . المجموعة الوحيدة التي لم تعبر عن آرائها كانت مجموعة الشركات , لأنها كانت المجموعة التي كان انخراطها في السياسة مقبولا .
دعت اللجنة إلى اعتدال أكبر في الديمقراطية و العودة إلى السلبية . قالت : "إن مؤسسات التعليم" – المدارس , الكنائس – لم تكن تقوم بعملها , و يجب عليها أن تكون أكثر صرامة .
كان المستوى الأكثر رجعية أكثر شدة في رد فعله على أحداث 1968 , في أنه حاول أن يقمع الديمقراطية , و الذي نجح إلى درجة ما – لكن ليس فعليا , لأن هذه الحركات الاجتماعية و الناشطة تعود للنمو اليوم . على سبيل المثال لم يكن من الممكن أن نتصور في عام 1968 أنه ستكون هناك مجموعة تضامن عالمية في 1980 .
لكن الديمقراطية هي حتى أكثر قوة الآن مما كانت عليه في عام 1968 . علينا أن نتذكر أنه , أثناء حرب فيتنام , لم تكن هناك معارضة في بداية الحرب . فقد تطورت لاحقا فقط بعد 6 سنوات من هجوم جون كينيدي على فيتنام الجنوبية مع ازدياد خسائر القوات . لكن في حرب العراق كانت المعارضة هناك منذ البداية , حتى قبل أن يبدأ الهجوم . كانت حرب العراق أول نزاع في التاريخ الغربي تجرى فيه احتجاجات جماهيرية هائلة ضد حرب إمبريالية حتى قبل أن تشن .
هناك اختلافات أخرى أيضا . في 1968 كانت هناك صعوبة على هامش المجتمع حتى لمناقشة إمكانية الانسحاب من فيتنام . أما اليوم فإن كل مرشح للرئاسة يذكر الانسحاب من العراق كخيار سياسي فعلي .
هناك معارضة أكبر بكثير للقمع اليوم أكثر مما كان في السابق . مثلا اعتادت الولايات المتحدة روتينيا أن تدعم أو أن تنظم الانقلابات العسكرية في أمريكا اللاتينية . لكن المرة الأخيرة التي دعمت فيها الولايات المتحدة انقلابا عسكريا كانت في عام 2002 في فنزويلا , و حتى حينها كان عليهم أن يتراجعوا بسرعة كبيرة بسبب وجود معارضة شعبية . إنهم ببساطة لم يعودوا قادرين على القيام بالأشياء التي اعتادوا على فعلها .
لذا فإني أعتقد أن تأثير عام 1968 طويل الأمد و إيجابي قبل كل شيء .
* هجوم تيت : هجوم رأس السنة الفيتنامية الذي نفذته قوات تحرير فيتنام الجنوبية ضد القوات الأمريكية و الفيتنامية الجنوبية - المترجم .
ترجمة : مازن كم الماز
8 أيار 2008
نقلا عن //chomsky.info/index.htm
إضافة تعليق جديد