المثنى صبح: الدراما السورية هاوية
يدرك المخرج الشاب المثنى صبح وهو يحضر لعمله القادم «الدوامة» أنه أمام تحد صعب، وأن نجاحه في أعماله السابقة ونيله لجائزة عن عمله الآخر يحمله عبئاً إضافياً يدفعه لتقديم الأفضل.
التقينا المخرج المثنى صبح وكان هذا اللقاء..
ہ انتهيت مؤخراً من تصوير عملك الثالث «ليس سراباً» حدثنا عنه؟.
ہہ السمة الأساسية للمسلسل هي علاقة الحب ويتناول قضية الإنسان المنتمي إلى فكر حديث ومنفتح وحر فيما هو يعيش داخل مجتمع يميل إلى فكر محافظ تقليدي منغلق، وما يعانيه هذا الإنسان في المواءمة، أو في إدارة الصدام، بين «جزيرته» التي يحاول أن يعيش فيها قيمه، وبين المجتمع الأوسع، وفي هذا الإطار يولي المسلسل أهمية خاصة للعلاقة بين المكوّنات المختلفة في المجتمع والتي تشكّل تنوعاً يمكن أن يكون مصدر جمال وثراء حين يتم التعامل معه بانفتاح حقيقي وصادق، لكن هناك من يتعامل معه بطريقة التكاذب والانكفاء الداخلي وتجنب الآخر..
يتناول المسلسل هذه المسائل التي تعني الإنسان بشكل عام، ويكون معنياً أكثر بالإجابة عنها حين يكون مثقفاً فاعلاً ومنتجاً كما في حالة العديد من أبطالنا، حيث يعرض المسلسل لنماذج من المثقفين، مميزاً بين المثقف الفاعل والمتصالح مع ما يعلنه، والمثقف السلبي أو المهادن أو الانتهازي أو المطمئن إلى «الثقافة» التي أنتجها وتبناها الواقع الاجتماعي العام.
والعمل من تأليف فادي قوشقجي، وبطولة: عباس النوري، سلوم حداد، كاريس بشار، نبيلة النابلسي، خالد تاجا، سلافة معمار، حسن عويتي، ضحى الدبس، ماهر صليبي، لورا أبو أسعد، جابر جوخدار، وغيرهم.
ہ هل حملتك «جائزة أودينا» التي نلتها عن مسلسل «على حافة الهاوية» عبئاً إضافياً، وأنت تقدم عملك الثالث ليس سراباً؟
ہہ عندما حصلت على الجائزة فرحت كثيراً بها، لكنني فيما بعد حاولت نسيانها، لأنها ترتب علي عبئاً إضافياً، ومع أنني حصلت عليها في بداية عملي كمخرج، لكنني أشعر أن الجميع ينظر للعمل وكأنه العاشر لي!. وأحب أن أذكرهم أنني لا زلت في بداية الطريق فقد بدأت الإخراج منذ عام 2006، وسأتعامل مع هذا العمل والأعمال القادمة بروح منفتحة وجديدة.
ہ هل بدأت التحضير لعملك القادم «الدوامة» للمبدع الراحل ممدوح عدوان؟
ہہ مسلسل «الدوامة» عمل اجتماعي يتناول مرحلة مهمة من تاريخ سورية مطلع خمسينيات القرن الماضي ما بين دمشق بعد الاستقلال وبيروت والبادية ويتناول العمل لأول مرة تصارع شركات النفط الأجنبية على سورية والنكبة الفلسطينية وما أسفرت عنه من حركة اللجوء، وسيكون المسلسل بإنتاج ضخم لخلق البيئة المناسبة للعمل، وسنبدأ التصوير خلال أسبوعين أو أكثر.
ہ ذكر مدير إحدى المحطات العربية المعروفة أن الأعمال التركية ستكون بديلة للعربية إذا واصلت الأخيرة رفع أسعارها؟ فهل تعتبر الدراما التركية منافساً جديداً للدراما العربية؟
ہہ برأيي الدراما التركية موضة وستزول قريباً. والمشكلة ليست في الدراما التركية وإنما بطريقة تلقي الجمهور العربي لها، فهو يعاني من الخواء الرومانسي والفكري، وما زاد من متابعتها أنها قريبة في بعض تفاصيلها من بيئتنا، لكنها لن تكون يوماً بديلاً للأعمال العربية، رغم أنها منخفضة التكاليف. ولاسيما أن الدراما السورية أيضاً منخفضة الأسعار مقارنة بالدراما المصرية، ورغم وجود أعمال تاريخية ضخمة ومرتفعة التكاليف، فهي تباع بسعر أقل من ساعة النجم المصري. كما لا بد من الإشارة إلى أن المسلسلات السورية هي التي غزت الشاشة التركية أولاً، فقد تم دبلجة مسلسل «صلاح الدين» إخراج حاتم علي وإنتاج سورية الدولية باللهجة التركية وأحدث ضجة كبيرة في تركيا وأصبح وقت عرض العمل هو وقت الذروة للمحطة التي عرضته، وبناء على ذلك فقد تم شراء ودبلجة مسلسل «صقر قريش» للتركية أيضاً، وسيكون المسلسل الثالث هو «ملوك الطوائف» الذي سيعرض قريباً على التلفزيون التركي بعد النجاح الكبير الذي حققته هذه الأعمال المتميزة.
ہ ألا تعتقد أنه حان الوقت لبيع الأعمال السورية بسلة واحدة لحمايتها؟.
ہہ هذا الأمر ضروري، لكن هناك شركات سورية كثيرة تعمل كمنتج منفذ تتبع غالباً لأمزجة الأشخاص القائمين عليها رغم أن وجودها أمر ضروري ومهم، في حين أن هناك شركات سورية قليلة تعمل برأس مال وطني صرف، ومنها شركة سورية الدولية التي حققت طفرة نوعية ومهمة للدراما السورية، وقدمت أعمالاً مهمة ستبقى في الذاكرة وكانت أول شركة تستعين بمختصين في الماكياج من إيران وأول من استخدم الغرافيك في سورية بمسلسل صلاح الدين والزير سالم وأول من وضع ميزانية للماكياج والغرافيك بما يعادل ميزانية عمل اجتماعي كامل مثل «الفصول الأربعة».
ورغم ذلك يجب على الجميع العمل على حماية هذه الدراما بالشكل المناسب لها من خلال عرضها وسعرها، وما يحمي الدراما المصرية هي كثرة القنوات الفضائية المصرية التي تستطيع استيعاب جميع الأعمال المصرية، لذلك فإن فتح المجال أمام إطلاق قنوات تلفزيونية سورية خاصة وبمستوى جيد وراقي سيكون أثر إيجابي كبير على الدراما السورية.
ہ كيف تنظر لزيادة الطلب على أعمال البيئة الشامية والبدوية؟
ہہ أرى أن هناك صراعاً أو تجاذباً بين ثقافتين مختلفتين، فكما أن هناك ثقافة تقدم الحياة المدنية بعاداتها وتقاليدها وناسها، هناك من يرغب أن يشاهد ثقافتة وعاداته العربية البدوية على الشاشة أيضاً، ليتعرف عليها الجميع، وهذا ما فعله مسلسل «باب الحارة» الذي أبرز الكثير من العادات الاجتماعية الشامية. ولدينا اليوم العديد من الأعمال البدوية والشامية وهذه فرصة للمنافسة فيما بينها ،لأن أهم ما يميز الدراما السورية هي أنها دراما هاوية تبحث عن الجديد دائماً، ومن خلال تجربتي في مصر مع المخرج هيثم حقي وجدت أن المنافسة بين الأعمال السورية أكبر وأهم بكثير مما هو حاصل في مصر، فهنا تجد لكل رأيه وخطه وطريقته في العمل وهدفه المختلف.
مصعب العودة الله
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد