العربي المتحضر

خطيب بدلة:  أراد الأخ العربي العدناني أن يزهو على زوجته بكونه متحضراً لا يرفع يداً عن رجل في هذه الحياة من دون أن يكون للحضارة دور وأثر في رفع يده عن رجله. وفي سبيل ذلك قام بمجموعة من الإجراءات التي يمكن تلخيصها فيما يلي:
 أحضر معه إلى البيت عاملاً مختصاً بالتمديدات الكهربائية، وأول شيء فعله هو أنه أحدث في البيت مجـموعة مآخذ متصلة بجرس كهربائي موجود في المطبخ، وبذلك أصبح في مقدوره أن يرن الجرس لزوجته فتأتي إليه لتأمين طلباته حـيثما كان!
اشترى كومبيوتراً ووصله بمودم يساعده على الدخول إلى الإنترنت وبالأخص إلى المواقع التي تقدم للإنسان صوراً حية عن الأشياء التي كان في السابق يتمنى أن يراها حينما يكون منوحداً مع نفسه فلا يجد إليها سبيلاً. ومجموعة كبيرة من السيديات الخاصة بالأغاني والألعاب المسلية، ومسرحيات غوار وهمام حوت وأفلام محمد هنيدي ومحمد سعد.
زود مطـبخه بمجموعة كبيرة من الخلاطات والفرامات ولفافات اليبرق والأجهزة الخاصة بصناعة دراويش الكبة الخاصة بالقلي والكبة بسماقية والكبة بلبنية.
 اشترى جهاز موبايل من أحدث الأنواع وأكثرها تطوراً وتعقيداً، فيه ذاكرة كبيرة، وكاميرا ديجيتال وكامـيرا فيديو، وفيه بلوتوس مزود بعـشرات المشاهـد الكوميدية التي لا يمكن عرضها على شاشات التلفزيون، وله سماعتان للأذن وشاحن يوضع في السيارة، وذاكرة أغاني.
واشتـرى للـسيارة فلاش ميموري (يو. إس. بي) علـيها أكثر من مئتي أغنية لأشهر مطربي الأعراس الذين يغـنون عرب عرب، ويا عرب يا شرقية، وعيوش، وهاجر بين الرعوشـي، وزَعبوطك شفرات ناسيت، والأعمال الكاملة لعمر الفرا بصوته.
ذات يوم، وبعـدما أصبحت حياته شبيهة بحـياة الرجل الآلي الذي لا يتحرك إلا بموجب معادلات فيزيائية وكيميائية، تسلل إلى المطبخ على رؤوس أصابعه، دخل من دون أن يحدث صوتاً، وغافل زوجته وأخذ لها عدة صور وهي تتنقل بين البوتاغاز والمجلى والخلاطات المنتشرة على البلاطة العرضانية التي جعلها قابلةً للتحريك بخيط مثل خيط الستائر، ثم قال لها وهو يضع يده على رأسها:
- ناشدتك بالله، وهذه يدي على رأسك قولي لي، وبصراحة، كيف ترينني مع مفردات العصر؟
قالت الزوجة: والله يا زوجي العزيز، وبما أنك حلفتني، سأقول لك الحق والصدق، وبكل شفافية: كل شيء في شخصيتك متحضر وعصري، واسم الله عليك، ولا يوجد فيك شيء متخلف غير عقلك!

المصدر: النور