ريم بنّا تحيّي صمود غزة من دمشق
اصرت المغنية الفلسطينية ريم بنا على تقديم فلسطين «العاشقة والفرحة والمقاومة» في حفلتها الموسيقية مساء أول من أمس في دمشق, بعدما عبرت عن مشاعر «فرح» لحفلتها الاولى في سورية «ممزوج بالحزن» على مأساة غزة.
واشارت المغنية الى ان هذه المشاعر المتناقضة تتنازعها لأنها تشعر بالفرح لحفلتها الاولى في سورية التي اعتبرتها «لحظة حياتي»، وبالحزن على ضحايا «المجازر الفظيعة التي تحصل في غزة حتى اليوم».
واستهلت حفلتها قائلة: « لا نريد يأسا أو احباطاً»، وتجلت دعوتها في الأغاني التي قدمتها، فالى جانب اغان تعيد صوغ المعاناة الفلسطينية، غنت ايضاً الحب والفرح في الاراضي المحتلة.
ووجدت الحالتان تجاوباً من الجمهور الذي رافق اغاني شكلتها ايقاعات «الروك» راقصاً بالوقوف متمايلا ومصفقاً ومزغرداً مع المغنية الفلسطينية.
وقالت الفنانة الفلسطينية انها لم تأت الى دمشق «لتقديم اغان تندب ما يحدث في غزة، مع ان ما يحدث مأساة من دون شك». واضافت: «فلسطين ليست التي تندب فقط، ولا اريد ان يرى احد صورته على هيئة المأتم، لو اننا نعيش فقط بالبكاء والدموع واللطم هل سترانا صامدين حتى اليوم ونقاوم».
وغنـت ريم امام نحو 1500 شخص معظمهم من الشباب، مرتدية الثوب الفلسطيني التراثي، وبدأت حفلتها بوقفة منفردة، غنت فيها «تهليلة فلسطينية» اهدتها «الى كل ام فلسطينية فقدت ابنها».
هذه الاهزوجة التي سربت الى الصالة مشاعر الحزن والشجن، تلتها اغان اخرى عن كل عناوين الحياة الفلسطينية. غنت بنا للاجئين وتضامنت مع المعتقلين العرب في السجون الاسرائيلية بأغنية «مرايا الروح» وهي من رسالة كانت كتبتها امها الشاعرة زهيرة صباغ لأخيها الأسير في السجون الاسرائيلية.
ابنة مدينة الناصرة قدمت ايضاً اغاني عن شهداء فلسطين. وقبل كل اغنية قدمتها، كانت تحكي قصتها. غنت عن الطفلة سارة عبد العظيم عبد الحق «التي استشهدت وعمرها سنة وثمانية اشهر برصاصة قناص اسرائيلي في جبينها». كما غنت للطفل فارس عودة من غزة «الذي كان عمره 14 سنة عندما حمل حجراً ليقاوم به دبابة اسرائيلية اطلقت قذيفتها عليه»، واهدت الاغنية الى «اهالينا الصامدين في غزة».
وجلست بنا على كرسي مرتفع طوال الحفلة، لإصابتها بكسر في رجلها، بعد ان وضعت عكازيها جانباً. وصاحبها في حفلتها عازفون من جنسيات مختلفة، على رأسهم زوجها ليونيد اليكسيينو (غيتار) الاوكراني الذي يعيش معها في الاراضي المحتلة، ودافيد سولير (سولو غيتار) ومصطفى بوشو (غيتار بوشو) وروبيرتو اولوري (درامز).
واحتدمت الحان الاغاني التي قدمت بنا «الوجه الآخر» للعيش في الاراضي المحتلة، واعادت الى الذاكرة من عمق التراث قصة الشاب «مشعل» الذي «كانت تحبه كل النساء الفلسطينيات»على حد قولها. كما غنت «مواسم البنفسج» عن الحب في فلسطين، اضافة الى اغان ذات ايقاعات فرحة وراقصة مثل «ما لك» و «لاح القمر» و «راس الجبل»، وهي اغان تجاوب معها قسم من الحضور بفرح وحماسة.
ومن التراث قدمت المغنية الفلسطينة ايضاً أغنية «ستي العرجا» مستلهمة اياها من الاهازيج الفلسطينية القديمة، وهي اغنية لاقت تفاعلاً كبيراً واعادتها بنا نزولاً عند مطالبة صاخبة من الجمهور.
وترى المغنية الفلسطينية ان «صوت الفن مؤثر في كل الأوقات»، وتقول ان «وجودي بكليته كفنانة وانسانة هو لخدمة القضية الفلسطينية»،وتعلق على سؤالها عن تقديم اغنية خاصة بالمعاناة الحالية التي تعيشها غزة بالقول: «انا لا اشتغل اغاني للظرف نفسه، ولا اقدم اغنية تستطيع سماعها فقط عندما يكون هناك مجزرة، بل بإمكانك الاستماع الى أغانيّ في يوم عادي وفي وسط المأساة».
وعن عملها على استعادة التراث في شكل وقالب موسيقي حديث، توضح بنا ان «الفنان الفلسطيني يهتم اكثر من غيره بالتراث لأنه تحت احتلال يهدف الى محو هويته وذاكرته يومياً».
والحفلة التي نظمتها احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية، هي الاولى لريم بنا, على الاراضي السورية، بعد ان قدمت حفلتين للسوريين من خلف الحدود والاسوار الشائكة.
وريم بنا من مواليد مدينة الناصرة (1966)، قدمت اغانيها في العديد من المدن العربية والاوروبية، واصدرت عشرة البومات غنائية منها «جفرة» (1985) و «الحلم» (1993) و «مرايا الروح» (2005), و «مواسم البنفسج» (2007)، وحصلت على جوائز عدة منها لقب «سفيرة السلام» من ايطاليا عام 1994 وجائزة الغناء الفلسطينية عام 2000.
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد