ساركوزي – ميركل: استراتيجية الهروب إلى الأمام
الجمل: بعد سقوط حكومات أحزاب يمين الوسط في جمهورية التشيك وبعض الدول الأوروبية الأخرى بدأت الأزمة السياسية تفرض حضورها القوي في مواجهة حكومة ساركوزي الفرنسي وأنجيلا ميركل الألمانية، وحالياً تواجه حكومات يمين الوسط في باريس وبرلين احتمالات تآكل السند الشعبي الداعم لاستمرارها.
* استراتيجية الهروب للأمام وفرصة المخرج:
تزايد انتقادات الرأي العام الفرنسي لتورط ساركوزي في العلاقات مع واشنطن وتزايدت انتقادات الرأي العام الألماني لتورط أنجيلا ميركل في العلاقات مع واشنطن والآن وبعد أن تخلص الأمريكيون من إدارة بوش فقد بدأ الفرنسيون والألمان يسعون للتخلص من ساركوزي وميركل باعتبارهما حلفاء لبوش.
ولكن بالمقابل فقد سعى الثنائي ساركوزي – ميركل إلى القيام بتغييرات ملحوظة في توجهات السياسة الخارجية الفرنسية والألمانية ويمكن الإشارة إلى ذلك على النحو الآتي:
• أصبح ساركوزي أكثر انتقاداً للإسرائيليين في المجالات العامة ونقلت التقارير الأخيرة انتقاداته لتوجهات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتينياهو واليوم نقلت التقارير المعلومات القائلة أن ساركوزي طلب من نتينياهو ضرورة التخلي عن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان وتعيين تسيبي ليفني بدلاً عنه.
• أصبحت ميركل أكثر تعنتاً في التعامل مع الإدارة الأمريكية وحالياً تقول المعلومات والتقارير أن ميركل تركز على ملف التعاون الاقتصادي والنفطي مع روسيا إضافة إلى التأكيد المتزايد على أن ألمانيا سوف لن تلتزم بالمشاركة في تنفيذ العقوبات الدولية المتعددة الأطراف ضد إيران.
هذا، وبرغم جهود ساركوزي وميركل للهروب إلى الأمام فإن قدرتهما في التأثير لجهة استمالة توازن القوى في البرلمان الفرنسي وفي "البندشتاغ" الألماني لمصلحتهما ما تزال قليلة الاحتمال وكل ما هو ممكن هو الحفاظ بصعوبة على الأغلبية الهشة التي يتمتعان بها داخل البرلمان.
* ميركل في مواجهة الورطة، وساركوزي في مواجهة حرب الأعصاب:
تقول التقارير السياسية الألمانية بأن حملة الانتخابات العامة البرلمانية الألمانية بدأت هذا الأسبوع وسوف لن تهدأ الأجواء السياسية إلا بعد انعقاد جولة هذه الانتخابات والمحدد لها أن تتم في شهر أيلول 2009 القادم.
ستواجه ميركل السيناريو ذاته الذي واجهه جورج بوش فقد أطاحت حرب العراق به، والآن تقول التوقعات أن حرب أفغانستان ستطيح بالمستشارة الألمانية.
تعتبر ألمانيا من أبرز المشاركين إلى جانب أمريكا في حرب أفغانستان إضافة إلى تحمل المزيد من النفقات المالية والمعنوية وبرغم أن الرأي العام الألماني قد ظل طوال فترة الخمسة وستين عاماً الماضية التي أعقبت الحرب العالمية الثانية فقد ظل أكثر تركيزاً في تفضيلاته السياسية على خيار الاهتمام بالاقتصاد والسياسات الاجتماعية، فإن الرأي العام الألماني الحالي أصبح أكثر اهتماماً بالحرب الجارية في أفغانستان بسبب وجود القوات الألمانية وقد أدى ذلك إلى اهتمام الرأي العام الألماني بتوجيه الانتقادات الرافضة لتوريط ألمانيا في الحروب الخارجية غير المتعلقة بقضايا الأمن الألماني.
أما بالنسبة لساركوزي فسيواجه مشكلة أن انتقاداته المتزايدة سوف لن تجعل الرأي العام الفرنسي يقف بقدر أكبر إلى جانبه لأن هذا الرأي العام يفهم بشكل تام مدى ارتباط ساركوزي العميق بإسرائيل والزعماء الإسرائيليين، والخيار الوحيد المتاح أمام ساركوزي في الوقت الحالي هو السعي باتجاه تعزيز مسيرة الاستقلالية الفرنسية وفقاً للنموذج الديغولي وهو ما لن يستطيع ساركوزي القيام به في الوقت الحالي لأن الفرق يتمثل في أن ديغول سعى لسحب فرنسا من اتفاقية حلف الناتو العسكرية أما ساركوزي فقد ظل يسعى لإعادة فرنسا إلى هذه الاتفاقية.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد