يوم تاريخي لسوريا وتركيا: زوال الحدود المشتركة
تشهد كل من سوريا وتركيا اليوم الثلاثاء، حدثا تاريخيا يفتح فيه البلدان بواباتهما الحدودية، ويلغيان آخر ما تبقى من حواجز ورقية بينهما، يرافقه جهد استثنائي للاتفاق على أكثر من ستين عنوانا للتعاون والتفاهم، ستقيم بدورها جسورا إضافية بين الجانيين، اللذين كانا منذ عشر سنوات فقط، على شفير الحرب.
ولا يكتفي اليوم وزيرا خارجيتي البلدين، وليد المعلم واحمد داود أوغلو، بالتوقيع على اتفاقية إلغاء التأشيرات والسمات، بل يطبقانها مع عشرين وزيرا من الطرفين يعبرون الحدود، يرافقهم ما يقارب 80 إعلاميا سوريا وتركيا في «يوم تاريخي»، كما يقول المعلم.
ويرى الوزير السوري والحماسة بادية على وجهه، أن هذه العلاقة سمتها الأساسية هي في معادلة «كيف يربح الطرفان»، وهي «حكمة» قائمة على «النظر إلى المدى البعيد في ما يخدم مصالحهما»، منوها بأنها علاقة مبنية على «حقائق الجغرافيا والتاريخ»، وتقوم على قاعدة شعبية تركية، وشبه توافق بين الحكومة والمعارضة على علاقة طيبة واستراتيجية مع سوريا، لذا لا خوف عليها، وإن اختلفت طبيعة الحكام في أنقرة مستقبلا.
كما يعرب المعلم عن ارتياحه لخطوة تركيا إلغاء المناورات العسكرية مع إسرائيل، التي كانت مقررة هذا الأسبوع، مشيرا إلى أن العلاقة بين الجيشين السوري والتركي قوية ايضا، وان العلاقة بين سوريا وتركيا، على النقيض لعلاقة إسرائيل بتركيا، مبنية على «حقائق جغرافية وتاريخية».
وفي هذا السياق، تلفت مصادر مشابهة الى ان لجنة مشتركة بين وزارتي الداخلية والخارجية في كل من البلدين، ستجتمع خلال ايام لبحث موضوع الملكيات المشتركة، بينما ينتظر مشروع الإصلاح الديموقراطي الذي طرحه رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في تركيا، أن يتبلور ليتم شرحه للسوريين، وهو مشروع تدعمه دمشق، وفقا لهذه المصادر، في حال توفرت فائدة لها فيه، بالطريقة التي ترى دمشق أن لها مصلحة كبيرة في توافق كل من أرمينيا وتركيا من جهة، وأذربيجان وأرمينيا من جهة أخرى، لأن في ذلك «فائدة لسوريا».
ووفقا لمصادر رسمية سورية، فإن برنامج الجانبين اليوم يتضمن عقد جلستي محادثات موسعة، وجلسات ثنائية موازية بين الوزراء المعنيين بالاختصاص ذاته. كما ينعقد مؤتمران صحافيان في كل من حلب وغازي عينتاب، ويذهب كلا الوفدين «راجلين» بعد توقيع اتفــاقية إلغاء التأشيرات والسمات عبر الحدود إلى تركيا، وذلك في تطبيق عملي لخطوة الإلغاء.
ويتضمن جدول العمل الثنائي عناوين واسعة للتعاون والبحث، تقارب 70 عنوانا من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبروتوكولات، أبرزها الاتفاق على التشاور السياسي بين وزارتي خارجيتي البلدين بشكل منتظم، وتوجيه وتنسيق الاستراتيجيات في المجالات المشتركة، والتعاون في مجال حماية المصالح في البلدان التي لا يمتلك فيها أحد البلدين تمثيلا دبلوماسيا، كما الدعم المتبادل لمرشحي البلدين في المحافل الدولية.
ويتفق البلدان على تدريب الدبلوماسيين المتبادل، كما التعاون في المجال العسكري، وفي إطار الاتفاقيات القائمة، وتعزيز وتوسيع التعاون في مجال «اتفاقية أضنة»، والتعاون في المجال الزراعي ولا سيما في الأراضي الحدودية التي تتم إزالة الألغام فيها، وهي خطوة بات الجانب السوري يطمئن لها بعدما أبلغه الجانب التركي أن الجيش سيقوم بها، بالتعاون الفني مع حلف شمال الاطلسي. ويبحث الجانبان ايضا التعاون في مجال الصحة والصحة العامة، ومجال الصناعات الدوائية، كما الري ومكافحة الجفاف وإدارة الحرائق، والتعاون السياحي عبر تطوير الحركة بين البلدين، وتحويلهما الى مقصد مشترك للسياح.
ويبحث الجانبان أيضا التعاون في مجال النقل البري والبحري والسككي، عبر ربط شبكات البلدين، كما التعاون في مجال الطاقة عبر ربط خط الغاز العربي مع الشبكة التركية، والتعاون في مجال الاتصالات، وفي اقتسام الموارد المائية، ولا سيما في مجال مكافحة الجفاف. كما مجالات أخرى في نطاق التعليم العالي، والثقافة، والاقتصاد حيث يبرز تشجيع الاستثمارات المتبادلة، وبشكل لافت المتعلقة بجنوب الأناضول لصالح تنمية المنطقة الشمالية الشرقية من سوريا، وتوسيع برامج التعاون بين المناطق الحدودية.
ويبدو واضحا من العناوين الأخرى الموجودة في أوراق عمل اليوم، الرغبة في تحقيق التشابك في مختلف المجالات الحيوية، سواء كانت خدمية أم اقتصادية، او سياسية وأمنية، والتي ينتظر أن تأخذ بعدا تشريعيا حين يقوم رئيسا وزراء البلدين بالبت في ما اتفق عليه وزراء الطرفين في اجتماع المجلس الأعلى الأول برئاستهما، والذي ينتظر أن ينعقد في تشرين الثاني المقبل.
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد