مستقبل كوبا: ذهب كاسترو.. جاء كاسترو والوضع يبقى على ما هو عليه
الجمل: في 31 تموز المنصرم، تولى راوول كاسترو السلطة في كوبا، بعد مرض شقيقه الرئيس فيدل كاسترو، وهي السابقة الأولى في تاريخ كوبا منذ عام 1959، التي تكون فيها مقاليد السلطة في يد شخص غير فيدل كاسترو.
الكثير من التساؤلات حول غياب كاسترو، ومدى تداعيات ذلك على مستقبل كوبا، بات مطروحاً. وعلى الصعيد الداخلي، من الممكن أن تظل الأمور مستقرة على ما كانت عليه، بسبب عدم وجود معارضة داخلية فاعلة يمكن أن تنشط وتشكل ضغوطاً على القيادة الكوبية الجديدة بشكل يدفعها إلى تبني بعض التغييرات.
هناك موقفان مؤثران على التوجهات الاستراتيجية في كوبا، على الأقل في الوقت الحالي، هما:
• موقف واشنطن: ظلت أمريكا تعمل منذ عام 1959 من أجل تقويض النظام الشيوعي الكوبي، وإقامة نظام تابع لها، يندرج ضمن أنظمة أمريكا اللاتينية الموالية لأمريكا ضمن ما اصطلح عليه في الإدارة الأمريكية تسمية الـ(مزرعة الخلفية) للولايات المتحدة.. بدأت المحاولات الأمريكية بعملية العزل الدبلوماسي لكوبا في عام 1961م، وبالحصار التجاري من أجل إضعاف حكومة كاسترو، وغير ذلك من مسلسل الاستهدافات الأمريكية الذي امتد حتى نهاية القرن الماضي، وعندما لم يجدِ كل ذلك نفعاً، بدأت إدارة الرئيس جورج دبليو بوش العمل من أجل تشديد الإجراءات العقابية ضد كوبا، ولكن برغم كل ذلك لم تنجح محاولات كل الحكومات الأمريكية في تقويض النظام الكوبي، وذلك بسبب تأثير عاملين، أولهما العامل الشعبي والذي يتمثل في وجود عدد كبير من الأمريكيين ذوي الأصول الأسبانية داخل أمريكا (حوالي 30% من إجمالي سكان أمريكا من أصل أسباني)، يرفضون التوجهات السياسية الأمريكية ضد كوبا، من الممكن أن تؤدي إلى توتر شعبي داخل الولايات المتحدة بشكل يؤثر سلباً على موقف الحكومة الأمريكية في الرأي العام الأمريكي. والثاني يتمثل في التأييد الشعبي داخل كوبا لقيادة كاسترو، وذلك على النحو الذي أفشل كل محاولات الحكومات الأمريكية التي هدفت لبناء معارضة شعبية قوية لنظام كاسترو يمكن التذرع بها من أجل التدخل وتغيير النظام.
• الموقف الأمريكي- اللاتيني: معظم دول أمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية ظلت ترفض بشكل عام قيام أمريكا بالتدخل في شؤون كوبا الداخلية، وقد هددت الكثير من هذه الدول بدعم كوبا في حالة مواجهة الغزو الأمريكي، وذلك بشكل جعل كل الإدارات الأمريكية تفهم أن قيامها بأي تدخل عسكري في كوبا، سوف تترتب عليه خسائر كبيرة للسياسة الأمريكية في أمريكا اللاتينية والجنوبية، وبالذات في البرازيل، الأرجنتين، وشيلي.. كذلك لعب نظام هوغو شافيز في فنزويلا دوراً كبيراً في تدعيم النظام الكوبي، وذلك بتأمين عملية الإمداد النفطي لكوبا، على النحو الذي جعل الاقتصاد الكوبي يتغلب على كل الأزمات التي كان يمكن أن يواجهها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي والمعسكر الشرقي.
أبرز التوقعات تقول: إن الزعيم فيدل كاسترو سوف لن يعود كما كان في حلبة السلطة، وأن شقيقه راوول لن يختلف عنه كثيراً، خاصة وأنه كان يسيطر على كل شيء في الحكومة الكوبية خلال السنوات العشر الماضية، والتي كان فيها الرئيس فيدل كاسترو مجرد غير قادر من الناحية العملية على إدارة دولاب الحكم، وكان يعتمد على شقيقه راوول في شؤون الاقتصاد والدفاع والأمن والسياسة الخارجية.
الجمل
إضافة تعليق جديد