كم تدفع أمريكا لإخفاء الحقيقة وخنق الحرية

13-04-2010

كم تدفع أمريكا لإخفاء الحقيقة وخنق الحرية

مضى وقت كان فيه القلم أقوى من السيف. انه زمن آمن فيه الناس  بالحقيقة و اعتبروها قوة مستقلة لا ملحقة  بمصالح حكومة أو طبقة و عرق أو إيديولوجيا أو المصالح الشخصية و المالية.
الأميركيون اليوم محكومون بالبروبوغاندا و يملكون القليل من الإجلال للحقيقة و القليل من إمكانية الوصول إليها و القليل من القدرة على إدراكها.
الحقيقة كائن غير مرحب به ، انها مربكة و لاحدود لها. و أولئك الذين يتفوهون بها يعرضون أنفسهم لخطر النعت بالمعادين للأميركيين أو المعادين للسامية أو أتباع نظرية المؤامرة.
الحقيقة لا تلائم الحكومة و المجموعات التي تسيطر أسهمها المالية على الحكومة.
الحقيقة لا تلائم النواب العامين الساعين وراء الإدانة  عوضا عن اكتشاف البريء من المذنب.
الحقيقة لا تلائم بعض الإيديولوجيات.
و اليوم ينال الكثيرون ممن كان هدفهم يوما اكتشاف الحقيقة أجورا سخية لأجل إخفائها. و يحصل اقتصاديو السوق الحرة على ثمن بيع منتجات بلاد ما وراء البحار إلى الشعب الأميركي.و الأعمال الأميركية عالية الإنتاجية و القيمة تعرضت لتشويه السمعة على أنها أعمال صناعية قديمة.و حل عوضا عنها "الاقتصاد الجديد"  انه اقتصاد خرافي يزعم بأنه يضم أعمالا ذات تقنيات عالية يمكن للأميركيين من خلالها ابتكار و تمويل نشاطات تحصل ما وراء البحار. و كل الأميركيين يحتاجون لأجل المشاركة في هذا الاقتصاد الجديد شهادات علمية في المال من جامعات عصبة آيفي  و بعدها يمكنهم المشاركة في وول ستريت بأعمال بقيمة ملايين الدولارات.
الاقتصاديون الذين كانوا يوما محترمين أخذوا نقودا للمساهمة في أسطورة الاقتصاد الجديد هذه.
و ليس الاقتصاديون وحدهم من باع أرواحهم بثمن بخس، فحديثا قرأنا تقارير عن أطباء قاموا و لأجل المال بنشر دراسات ملفقة تبالغ بالحديث عن هذا الدواء أو ذاك المنتج من شركات أدوية دفعت لأجل الدراسات . و يبحث المجلس الأوروبي في دور شركات الدواء بالمبالغة بالحديث عن وباء أنفلونزا الخنازير لأجل ربح مليارات الدولارات في بيع اللقاح.
و ساعدت وسائل الإعلام الجيش الأميركي في تفخيم هجوم مرجة الحديث في أفغانستان واصفة مرجة بمدينة تضم ثمانمائة ألف تحت سيطرة طالبان. و ظهر أن مرجة ليست مدنية بل عبارة عن تجمع من القرى الزراعية.
ثم هناك فضيحة الاحتباس الحراري و فيها تواطأت منظمات غير حكومية و الأمم المتحدة و الصناعة النووية لأجل تلفيق سيناريو يوم الدينونة لأجل ابتداع فوائد من التلوث.
و أينما نظر المرء سيرى أن الحقيقة تنهزم أمام المال ، و عندما لا يكون المال كاف لدفن الحقيقة يقوم الجهل و البروبوغاندا و الذاكرة القصيرة بإتمام المهمة.
أذكر كيف أصدر الرئيسان جيرالد فورد و رونالد ريغن أوامر ا تمنع ال CIA  و مجموعات أخرى من اغتيال قادة أجانب. عام 2010 أخبر دينيس بلير رئيس الاستخبارات الوطنية  الكونغرس  الأميركي  بأن الولايات المتحدة تقوم الآن باغتيال مواطنيها إضافة إلى القادة الأجانب.
لقد ثبت بأن الأميركيين أو معظمهم  ما هم سوى عجينة بيد الدولة .و دفع الأميركيون ثمن ادعاءات الحكومة بأن الأمن يحتاج تعليق الحريات المدنية و محاسبة الحكومة.و من المدهش أن الأميركيين ، أو معظمهم،يؤمنون بأن الحريات المدنية تحمي الإرهابيين لا تحميهم هم.و الكثيرون يؤمنون بأن الدستور وثيقة قديمة مملة  تحول دون ممارسة الحكومة لذاك النوع من قوة الدولة الضروري لإبقاء الأميركيين آمنين و أحرارا.ومعظم الأميركيين محجمين عن الاستماع لأي شخص يخبرهم أشياء مختلفة.
لقد كنت معاون رئيس تحرير و كاتب عمود في صحيفتي Wall Street و Business Week و ذلك على مدار خمسة عشر عاما.و عملت لعقد في خدمة أخبار Scripps Howard و عملت في Washington Times و في صحف فرنسية و ايطالية و ألمانية و كنت   من المشاركين في تحرير New York Times  وأكتب بشكل نظامي في Los Angeles Times  و لكن اليوم لا أستطيع أن أنشر أو أظهر في تيار وسائل الإعلام الرئيسي الأميركي ،فمنذ ستة أعوام منعت من ذلك. و كنت لسنوات دعامة رئيسية في Washington Times و معاون وزير المالية الأميركي ، و لكن عندما بدأت انتقاد حرب بوش العدوانية جاءت الأوامر بإلغاء عمودي الصحفي ، فالإعلام الأميركي لا يخدم الحقيقة بل يخدم الحكومة و المجموعات التي تدعمها.
لقد حدد المصير الأميركي  عندما تقبل الشعب و الحركة المعادية للحرب نظرية المؤامرة المتعلقة بالحادي عشر من أيلول التي وضعتها الحكومة.و رواية الحكومة عن أيلول ناقضتها أدلة كثيرة. و مع ذلك ، فان هذه الأحداث التي أطلقت الولايات المتحدة في حروب عدوانية لا منتهية و سياسات محلية تعتبر تابو غير قابل للبحث في وسائل الإعلام.و من العبث التذمر من حرب و سياسة الدولة عندما يتقبل المرء المقدمات التي بنيت وفقها.
هذه الحروب التي كلفت تريليون دولار خلقت مشاكل عجز مالية في واشنطن و هددت دور الدولار الأميركي كعملة عالمية احتياطية. و الحروب و الضغوط على قيمة الدولار أثرت سلبا على الأمن الاجتماعي و العناية الطبية.
إن التسلط العسكري للولايات المتحدة و إسرائيل و طمع وول ستريت سيقومون بفعلهم الآن ،و مع وقوع القلم تحت الرقابة و إبطال قوته سأتوقف عن الكتابة.
*بقلم باول كريغ روبيرتس معاون وزير المالية الأميركي و رئيس تحرير وول ستريت سابقا.

 

ترجمة رنده القاسم
عن موقع Counter Punch

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...