دعوات لإنشاء مدن إنتاجية تلبية الاحتياجات المتسارعة للدراما
كانت واحدة من مميزات الدراما السورية على مدار نحو ربع قرن مضى، قدرة مخرجيها على الخروج بآلات التصوير من الاستوديوهات إلى المواقع الفعلية للأحداث، جاعلين من سوريا وبلدان أخرى استوديوهات ضخمة لتصوير أحداث مسلسلاتهم. وقد ساعدهم في ذلك ما تلقوه من إمكانيات لوجيستية وتسهيلات من الحكومة السورية. إلا أنّه يبدو أن طموحات صنّاع الدراما السورية التي تشهد تطوراً سريعاً، صارت تحتاج إلى مدن تصوير تلفزيونية.
يعدّ المخرج حاتم علي من أشدّ المنادين بضرورة إنشاء مدن إعلامية. وهو يعتبر أنّ «صناعة المسلسل لم تعد صناعة محلية ما دام سوقها لم يعد محلياً، ومن المهم للمخرج أن يمتلك شرطه واختياره لأعمال متقنة»، وهو أمر تتيحه المدن المذكورة.
ويرى المخرج حاتم علي، رداً على سؤال «السفير» حول ملامح المرحلة المقبلة التي تتعلّق بأماكن التصوير أنّ «الدراما (السورية) تتطوّر باتجاه منطقة احترافية جديدة».
ويلفت إلى أنّ المرحلة الجديدة تتطلّب تأسيس بنى تحتية، تتمثّل بـ«إيجاد مدن إعلامية خاصة للتصوير الدرامي التلفزيوني والسينمائي، لأنّ الدراما السورية بحاجة ماسّة لذلك».
ويترجم علي دعوته عملياً بتأسيس نواة لمدينة إعلامية من خلال الديكور الذي بناه خصيصاً لمسلسله البدوي «أبواب الغيم»، وألحقه في ما بعد بمجموعة من الخدمات التي لها علاقة براحة الممثلين والفنيين، على جزء من مساحة أرض كبيرة.
وتمتدّ المنطقة التي أعدّت لمسلسل «أبواب الغيم»، والتي يريدها علي نواة لتأسيس مدينة إعلامية، على مساحة تقارب
ثلاثة كيلومترات في منطقة ريف دمشق. ويتألّف الديكور المنجز حتى الآن فيها من قرية مجهّزة بسوق تجاري وقصر، وقام ببنائها وتصميمها مهندس الديكور الفلسطيني ناصر الجليلي.
ويأمل علي أن «تكون هذه الديكورات نواة مدينة فنية وإنتاجية وإعلامية، يضاف إليها المزيد من الديكورات تتحوّل لاحقاً إلى واحد من استوديوهات سوريا الضخمة».
وكانت «مدينة الفارس الذهبي التلفزيونية» قد بُنيت في مطلع التسعينيات غربي العاصمة السورية. وعلى الرغم من أنّها صارت قديمة نسبياً، إلا أنّها ما زالت قادرة على خدمة عدد من المسلسلات.
وقد صوّر عدد كبير من المسلسلات هذا العام فيها، ومنها مسلسل «أسعد الوراق» للمخرجة رشا شربتجي. ويقوم المخرج وائل رمضان الآن بتصوير أحداث مسلسله «كليوباترا» هناك، فيما يقوم المخرج المصري محمد فاضل بتصوير مسلسله «السائرون نياماً» في الوقت ذاته.
وتخطو مطاعم «القرية الشامية» (على طريق المطار) باتجاه تأسيس نواة لمدينة تصوير تلفزيونية خاصة بمسلسلات البيئة الشامية، مستفيدة بشكل رئيسي من ديكور «حارة الضبع»، وهو الموقع الرئيس في مسلسل «باب الحارة»، والذي تحوّل بقوة دفع شهرة المسلسل إلى واحد من الأماكن السياحية التي يقصدها زوار دمشق من السياح العرب والأجانب.
وليس في الدعوة إلى إنشاء مدن إعلامية عودة حتمية إلى الاستوديوهات الداخلية. فمعظم المخرجين السوريين يتمسّكون بالتصوير الخارجي، وحاتم علي مثلاً قام بتصوير الكثير من مشاهد مسلسله في صحاري دبي والمغرب وتدمر قبل أن يتجه إلى منطقة دير علي جنوبي دمشق ليتابع التصوير.
وبما أنّ مساحة سوريا شاسعة وفيها تنوّع جغرافي وأماكن تاريخية وطبيعية عدة، فثمة الكثير فيها مما لم يستهلك بصرياً في قطاع الدراما التلفزيونية. وبالتالي يمكن للمدن الإعلامية المنشودة أن تتحول إلى مساحة تحرك أوسـع للمخرج ولخـــياراته الفنية، تـــضاف إلى ما تتيحه له المواقع «الحقيقية» من خيارات، ولا تلغيها.
ماهر منصور
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد