الدراما في رمضان: مزج بين الفن والتسويق
من يرسم المشهد الدرامي السوري كل عام؟ ولماذا تتجه دوماً أصابع الاتهام إلى شركات الإنتاج بوصفها المسؤولة عن خلل الخارطة الدرامية النهائية في كل موسم، على اعتبار أن حسابات «البزنس» في عرفها أهم من حسابات الفن؟ أسئلة حملناها إلى قيّمين على شركتي إنتاج لتوضيح الصورة الحقيقية لدور شركات الإنتاج في رسم الخارطة الرمضانية، وعادت بالآتي:
يرى مدير شركة «سورية الدولية للإنتاج الفني» فراس دباس أن الخارطة الدرامية النهائية لكل موسم تقوم على معادلة فكرية وفنية وتسويقية معاً، وأن عوامل عدّة تتحكم برسم المشهد الدرامي السوري، تحددها الجهة المنتجة. غير أن ذلك لا يتمّ بمعزل عن «المزاج» الشعبي العام للجمهور، كما يضيف.
وإذ تنطلق مسألة اختيار الأعمال الدرامية من النصوص تلجأ الشركة لاختيارها إلى دراسة «جدواها الاقتصادية» لإنتاج المادة الفنية ثم ارتباطها بتحقيق النجاح المنتظر و«هذه النقطة لا تخلو من المغامرة في بعض الأحيان» بحسب دباس.
ويستطرد «هكذا تبدو عدد من المشاريع الدرامية لشركة «سورية الدولية» كمغامرات فنية محسوبة فقد سبق وخاضت الشركة تجربة إنتاج «التغريبة الفلسطينية» العمل الأهم في الدراما التي تناولت القضية الفلسطينية، كما أسست لسلسلة «بقعة ضوء» الشهيرة» ..أما نظرية الإنتاج التي يعتقد بها منتج «ثلاثية الأندلس» و«صلاح الدين» و«الزير سالم» ..فهي تقول «بأن البذخ في الإنتاج لا بدّ وأن ينعكس على العمل الفني».
ويخلص بالقول أن المسألة هي «مسألة خيارات ابتداءً من النصوص وانتهاء بكل تفصيل فني يشرف عليه المنتج».
إلى هذا يلفت دباس أن دور المنتج - المنفذ « يقتصر على إنتاج العمل ضمن شروط معينة اقتصادية وفي بعض الأحيان فنية أيضاً، لتتحول الصعوبة إلى كيفية الحفاظ على مستوى العمل الذي لا يقبل المعنيون التنازل عنه. أما الأمور التسويقية فيتم الاتفاق عليها من قبل الطرفين ونختص كمنتجين منفذين بالخيارات التي تتعلق بالأمور الفنية».
في الحديث عمن يرسم المشهد الدرامي السوري، يرى مدير شركة «عاج للإنتاج الفني» هاني العشي أن «الخريطة الدرامية تكون مرسومة سلفاً..والخط الدرامي يرتبط بحالة العرض والطلب». وانطلاقاً من تجربته الشخصية يحدد منتج «زمن العار» و«باب الحارة» في أجزائه الأولى الأهم، مستويات للعلاقة بين معادلة السوق، عرضاً وطلباً، مع ما ينتج درامياً: «في البداية تهتم بالجماهيرية لكنك فيما بعد تبحث عن العمق في هذه المهنة، فهي ليست فقط للتسلية».
يستذكر العشي بدايات تجربته الإنتاجية، مشيراً «حين قدمنا مسلسل «الخوالي» عام 2000 كان بالنسبة لي شيئاً مميزاً كمشاهد قادم من أميركا ولا أشاهد التلفزيون كثيراً. وعلمت أن هناك شيئاً يجذب الناس، فقررت أن أقدم مسلسل «ليالي الصالحية» الذي لاقى جماهيرية كبيرة..وكانت شراكتي مع بسام الملا. وقد عملنا معاً على مسلسل «باب الحارة» إلى أن وصلت إلى مرحلة وجدت فيها أن هذا الموضوع استهلك. فقد كنت من «ليالي الصالحية» إلى «باب الحارة» أدرس السوق والناس...ووجدت أنه علي أن أبحث عن شيء آخر».
الانتقال من الاهتمام الجماهيري أولاً إلى الاهتمام الجماهيري مع عمق ما يقدم.. يبدو هو مسافة الانتقال إلى مرحلة النضج الإنتاجي، بالنسبة للعشي الذي يخوض اليوم تجربة إنتاج أعمال لها بُعد إنساني، وقد بدأ منذ موسم 2010 بإعادة إحياء أعمال قديمة خالدة في تاريخ الدراما السورية ابتداء من مسلسل «أسعد الوراق» الذي سنشاهده في رمضان المقبل. إذ يلفت المنتج إلى حلمه بإعادة إحياء هذه الأعمال برؤية جديدة، إخراجية وبصرية، تحاكي العقل. «لأنك ترى في منتصف السبعينيات (زمن إنتاج هذه الأعمال) نوعاً من السذاجة في طرح الموضوع، لكنها كانت تحاكي عقول الناس في تلك الفترة».
إلى هذا يفند العشي أولويات المحطات العربية الحكومية والخاصة، لا سيما لجهة علاقتها مع المنتج الدرامي المحلي أو العربي والمنظومة الإعلانية وحسابات الربح والخسارة، ليخلص إلى أنه لا يمكن الحديث عن رسم خارطة أو مشهد عام للأعمال الدرامية، «وإنما هناك أجندات فردية وشراكات معينة تلتئم مع بعضها فتتشكل الخارطة».
ويلفت المنتج إلى أن من أسباب العشوائية في تشكيل الخارطة الدرامية دخلاء على إنتاج الأعمال».
ماهر منصور
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد