الفن المعاصر «في الصمت» الدمشقي
بعيداً عن الصالات السورية الفخمة التي تلقى دعماً من بعض الجهات الرسمية، تحول منزل أثري قديم في منطقة باب شرقي وسط دمشق إلى محترف للفن المعاصر، أنشئ بتمويل خاص. هذا الفضاء يحتضن اليوم معرضاً مشتركاً بعنوان «في الصمت»، جمع فنانين شباباً فلسطينيين وأردنيين وسوريين، هم: عرفان خليفة، محمد علي، نسرين البخاري، محمود دياب، فادي الحموي، إيمان الحاصباني ورزان محسن. عمل كل فنان على تحويل غرفته في المنزل، «مجهزاً» فضاءها بمواد مختلفة غير مألوفة ليعبّر عن فكرة «الذاكرة» التي تمثّل القاسم المشترك بين جميع الأعمال.
في إحدى هذه الغرف، نرى خزانة مغلقة التصق بجانبها حذاء قديم. تلفتك فتحة صغيرة في بابها، تنظر منها لتشاهد صورتك طبعت على شاشة صغيرة داخلها. وفي خلفية المشهد، تسمع صوت طرق أبواب يتكرر برتابة موحشة. أمام باب غرفة أخرى حالكة الظلام، يُطلب منك خلع حذائك قبل الدخول، ثم تجد داخلها ستائر سوداء متداخلة كوّنت ما يشبه المتاهة. وسرعان ما تفاجئك سكاكين تدلت من السقف في دلالة ربما على الرعب والكوابيس التي لخصت ذاكرة نسرين البخاري صاحبة الفكرة. هذه الفنانة هي أحد المساهمين في تأسيس غاليري «الفن الآن»، في محاولة لتقديم نوع جديد من أشكال الفن المعاصر الحديث جداً على الساحة التشكيلية والثقافية السورية. تقف عند باب الغرفة الأخيرة ضمن تسلسل غرف المعرض، محاولاً فتحها أسوة ببقية الغرف. لكن الباب محكم الإغلاق. تنتبه عندها إلى ورقة كتب عليها: «هنا تقبع ذكريات عرفان خليفة... ذكرياتي ليست قابلة للنشر، على الأقل في هذه اللحظة». فضاء جُهِّز وأوصد بإحكام للتعبير عن مفهوم الذاكرة.
على الرغم من سياسة التهميش ومحاولة الإلغاء المتعمد التي يتعرض لها مشروعهم من الجهات الرسمية، نجد مجموعة الفنانين الشباب المشاركين في معرض «في الصمت» متحمسين جداً لإيجاد مساحة لهم في المشهد التشكيلي السوري، نظراً لغياب الفن المعاصر عن الصالات المحلية. أما الأسباب فهي كثيرة، أهمها عدم تطرق المناهج الأكاديمية في كلية الفنون إلى الفن المعاصر، وتوقف سياقها التاريخي عند بداية القرن الماضي، والتحريم على الكادر التعليمي التقرب مما يسمى التجهيز في المناهج.
أمام هذا التهميش، وجدت المحاولات الجديدة التي تندرج تحت مظلة الفن المعاصر متنفساً ضيقاً لها ضمن أنشطة المراكز الثقافية الأجنبية. فيما نظّمت مجموعة «الفن الآن» العام الماضي الدورة الثانية من مهرجان الفن المعاصر بمشاركة دولية واسعة.
In Silent: حتى 30 تشرين الأول (أكتوبر) ــــ «غاليري الفن الآن»، دمشق ــــ للاستعلام 00963969928780
أنس زرزر
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد