عين واحدة لفضائيات ليبيا واليمن والبحرين
الغموض الإخباري، ونهج النظر بعين واحدة، ومحاولة حجب الشمس بغربال، تبدو جميعها السمات الأساسية للسياسات الإعلامية العامة التي تتبعها الفضائيات العربية الرسمية في البلدان التي تندلع فيها اليوم مواجهات شعبية مطالبة بتغيير أنظمتها الحاكمة أو إصلاحات سياسية واجتماعية فيها.
وبينما ينشغل عدد من الفضائيات العربية بملاحقة ما يوفره لها شهود العيان وكاميرات الهواتف المحمولة، حول الأحداث الميدانية في ليبيا واليمن والبحرين، تمضي الفضائيات الرسمية في هذه الدول في عملها الإعلامي كما في أحوال البلاد الطبيعة، أو أنها تسير على حافة الأحداث بما تمليه عليها مصلحة النظام. ففي الساعة الأولى من يوم الاثنين الماضي، على سبيل المثال، يمكن للمشاهد أن يرصد اكتفاء فضائيات «الليبية» و«الجماهيرية» و«الشبابية» و«ليبيا الرياضية» مثلاً ببث الأغاني الوطنية، أو رصد المظاهـــرات المؤيـــدة للنظام الليبي الحاكم. وحين يعود البث الفضائي إلى الاستوديوهات يطل علينا مقدم ومقدمة، على خلفية شعار يقول « أقوى من المحن» ليتحدث الاثنــان بطريقة وعظية عن معاني الانتماء والوطنية. ويختلفــان حول ما إذا كــان ما يحدث اليوم في ليبيا صدعاً أم شقاً بسيــطاً، في إطار حديثهما عن كلمة مرتقبة لنجل الرئيس القذافي سيف الإسلام. ثم يأمل كل منها أن ترمم كلمة الأخير تداعيات ما يحدث على الأرض.
وتتبع فضائية «البحرين» مبدأ «شيء منه ولا كله». فيعرض برنامج حواري عودة الهدوء إلى شوارع العاصمة، مدعماً بريبورتاج يصور حركة السيارات في الشارع. ويتحدث مقدما البرنامج إلى مقدم في شرطي المرور للاطمئنان أكثر على الحالة المرورية، قبل أن يستقبلا ضيفاً للحديث عن الهدوء وضرورة الحوار. ثم سرعان ما يذهب البرنامج الحواري إلى مواضيع أخرى أبعد ما تكون عن الأحداث، منها على سبيل المثال لقاء مع موهبة فنية شابة.
أما فضائية «اليمن» تبدو الأبعد عن الأحداث، فتبث محاضرات نقدية عن جماليات اللون في قصائد شعرية...
هي صورة تجعلنا على كل حال نحنّ إلى زمن القنوات الأرضية. فيومها على الأقل، كنا نجهل ما يحدث في بلدان أخرى. وكنا نرتاب أحياناً بما تبثه إذاعتا «لندن» و«مونتي كارلو»، باعتبارهما تابعتين لمستعمرين قدامى للعرب. لكننا على الأقل، لم نكن نشعر بأن هناك من «يستغبي» عقولنا، عقول جيل صنعت اليوم التكنــولوجيا ثورته في مصر وتونس.
ترى، هل تخرج علينا الفضائيات قريباً بخبر عاجل، مفاده أن فضائيات ليبيا واليمن والبحرين لم تسمع باحتجاجات شعوب بلدانها بعد؟
ماهر منصور
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد