اسكندر حبش عاش ألف عام
في كتابه «حيوات ميتافيزيقية، حيوات تاريخية» (الدار العربية للعلوم ناشرون)، يذكّرنا اسكندر حبش بمقولة الكاتب الإنكليزي ماثيو أرنولد: «الصحافة هي أدبٌ على عجل». الفارق هنا أنّ المقالات التي يضمها الكتاب ليست صحافة خالصة، بل مراجعات صحافية ونقدية عن روايات أجنبية، إلّا أنّ جمعها وإصدارها في كتاب يحوّلان فكرة «الاستعجال» المصاحبة للعمل في الصحافة اليومية إلى مادة أكثر بقاءً وديمومة، كما أنّ تجاور المقالات المكتوبة في مناسبات متفرقة يعزّز فكرة وجودها معاً.
كأنّ حبش يؤرشف مقالاته، لكنه يضعها في متناول القارئ أيضاً. إنّه لا يُخفي رغبته في منح ما كتبه في الصحافة حقّ البقاء في كتاب، فقد سبق له أن فعل ذلك في كتابيه «مديح اللامرئي» (2003) و«حكاية الحكايات» (2008)، ويعدّ كتابه الجديد «امتداداً لهما»، و«سفراً في خرائطية الرواية الأجنبية المعاصرة»، بحسب تمهيد مختصر استهل به الكتاب الذي يحظى بأحقيّة أخرى تتعلق بوحدة ما لموضوعه المتمثّل بحضور الرواية الأجنبية وحدها فيه.
إنّها مقالات عن روايات، لكن ما نقرأه يتجاوز فكرة المراجعة التقليدية الضيقة للروايات المدروسة. هناك جهد مبذول لخلق خلفية مناسبة لصاحب كل رواية، من خلال تحديد موقع الرواية نفسها داخل الكرونولوجيا الشاملة لأعماله الأخرى، إضافةً إلى النقد الذي كُتب عنها في لغتها الأصلية أو في لغات أخرى.
يمزج حبش بين قراءته الذاتية، وقراءات الآخرين، للوصول إلى مادة أكثر شمولاً وإحاطة عن زمن كتابة الروايات وتأويلاتها المتعددة، وعلاقتها المتشعبة بحركة الرواية العالمية. هكذا، تصبح صفة «بورتريهات»، التي يقترحها حبش لمواد الكتاب، مقنعة أكثر، إذْ تتحول كل رواية إلى مفتاح للدخول في عالم روائي خاص. لا يعطي الكتاب أفضلية لروائيي أوروبا وأميركا. إلى جوار أنطونيو تابوكي، وبول أوستر، وميلان كونديرا، وأنطونيو سكارميتا، نجد كتاباً من جغرافيات مهملة عادةً في مشهد الرواية العالمية، فنقرأ عن الأفغانيين: عتيق رحيمي، وخالد حسيني، والإيراني صادق هدايت، والمجري لاسلو راكاي، والنروجي آسني سييرستاد، والتركية أليف شفق.
ويحضر إلى جوار هؤلاء جميعاً بعض حائزي جائزة «نوبل»، فنقرأ عن أعمال: الترينيدادي ف. س. نايبول، والنمسوية الفريديه يلينك، والجنوب أفريقي ج. م. كوتزي، والإنكليزية دوريس ليسنغ.
حسين بن حمزة
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد