أمين وديفيد معلوف يتنافسان على البوكر
أعلنت لجنة جائزة مان بوكر الدولية مساء الثلثاء الماضي اللائحة النهائية للمرشحين لنيلها من جامعة سيدني، أستراليا. ثمانية عشر كاتباً بينهم أربع نساء وصينيان وأمين معلوف وديفيد معلوف. تمنح الجائزة التي تبلغ قيمتها ستين ألف جنيه استرليني كل عامين عن مجمل أعمال الكاتب، وتحاول أن تعدل حيث تغفل جائزة نوبل التي تساوي مالياً نحو مليون دولار أميركي.
حاز أمين معلوف (61 عاماً) في 1993 جائزة غونكور عن «صخرة طانيوس» التي يستعيد راويها طفولته في جبل لبنان حيث تسلّق الصخور مع رفاقه، وتجنبوا صخرة طانيوس خوفاً من لعنتها. جلس طانيوس، الابن غير الشرعي للشيخ فرنسيس، على الصخرة محدّقاً في البحر ثم اختفى في ظروف غامضة.
تدور أحداثها في القرن التاسع عشر، زمن الاحتلال العثماني وصراعه مع الإنكليز الذين حاولوا تأجيج التمرد عليه. يبني الراوي حياة طانيوس مستعيناً بجبرايل المسن الذي تجاوز التسعين. اشتهر معلوف أيضاً بروايتي «ليو الأفريقي» و«سمرقند» وكتاب «هويات قاتلة»، واختار الماضي غالباً إطاراً مع مزج الحدث بالفلسفة والفانتازيا. يعيش الكاتب اللبناني في فرنسا، ويكتب بالفرنسية، ويتابع أحداث بلده الأول في بلاد الانتداب السابق.
ولد ديفيد معلوف (77 عاما) في بريسبان، أستراليا، لأب لبناني وأم إنكليزية المولد من أصل برتغالي يهودي. روائي وقاص وشاعر وكاتب أوبرا، ونال جائزة إمباك وجائزة كتّاب الكومنولث في 1993 عن «تذكر بابل» التي دارت في القرن التاسع عشر في شمال أستراليا حيث شعر مزارعون اسكوتلنديون بالتهديد حين ظهر شاب أبيض نشأ بين السكان الأصليين. تناولت روايته «العالم الكبير» أستراليين يقاتلان في الحربين العالميتين ويسجنان في اليابان. يهجس ديفيد معلوف بالمكان، ويشبّه كل رواية باستكشاف غرفة جديدة في البيت، يؤدي في النهاية الى رؤية الروابط بين الأحداث، وبالتالي المشهد كاملاً.
ولدت وانغ أنيي في 1954 وهي رئيسة جمعية الكتّاب في شانغهاي. التحق والدها رو جيوان بالحزب الشيوعي واشتهر كاتباً، لكنه اتهم باليمينية، ومنعت ابنته من إكمال دراستها بعد المرحلة الثانوية خلال الثورة الثقافية. أرسلت الى مزرعة في منطقة أنوي الفقيرة التي مات سكانها جوعاً، فغذّت إعادة تأهيلها غضبها وزودتها مادة الكتابة. أشهر رواياتها «الندم الدائم» التي رصدت حياة فتاة من شانغهاي من أربعينات القرن العشرين حتى موتها بعد الثورة الثقافية.
اشتهر تونغ جونغوي (47 عاما) في بلاده باسم سو تونغ، وكتب سبع روايات وأكثر من مئتي قصة. أشهر أعماله في الغرب «زوجات وخليلات» التي حوّلت فيلماً بعنوان «ارفع المصباح الأحمر» فباتت الرواية تعرف بالعنوان نفسه. اهتمت شخصياته بتفاصيل حياتها من يقظة الجسد وعلاقة الوالدين وانهيار زواجهما، وإذ ركّز على الفرد وأغفل محيطه السياسي نفذ من غضب السلطة وعقابها طوال عقدين.
ثلاثة بريطانيين على اللائحة هم جيمس كلمان وجون لو كاريه وفيليب بولمان. كلمان سكوتلندي يساري لاذع في الرابعة والستين ترفد أدبه خلفية فقيرة والتزام سياسي. فاز بجائزة بوكر في 1994 عن «كم تأخر الوقت كم تأخر» وأثار اعتراض بعض أفراد اللجنة الحكم الذين كانت الحاخام جوليا منهم ورأت فوزه «عاراً». قال إن الانتقاد أثّر على انتشاره وجعل ناشرين كثراً يتجنبون أعماله. في «كم تأخر الوقت كم تأخر» يفرط البطل في الشرب طوال يومين ويشتبك مع رجال الشرطة، ويكتشف حين يستفيق أن الضرب تسبّب بعماه، وأن صديقته هلن اختفت. يتقدّم بطلب مساعدة حكومية منتظمة لكنه يخاف اتهام الشرطة، ويرفض الطبيب تصنيفه أعمى.
عمل جون لوكاريه (70 عاما) واسمه الحقيقي ديفيد كورنويل، للاستخبارات البريطانية في الخمسينات والستينات، وحين دخلت روايته الثالثة لائحة الأكثر مبيعاً وحوّلت فيلماً تفرّغ للكتابة. بات من أفضل كتّاب الجاسوسية لكنه اعتمد الشهادة الاجتماعية في العقدين الأخيرين، وكتب عن أخطار البيئة وجرائم شركات الأدوية التي تنشر المرض عمداً في أفريقيا لامتحان أدويتها. كان لوكاريه طلب استثناءه من جائزة مان بوكر الخاصة ببريطانيا ودول الكومنولث، وها هي النسخة الدولية للجائزة تضيء ما تهمله الجوائز الأخرى.
اشتهر فيليب بولمان (64 عاما) بثلاثية «مادته القاتمة» التي نالت جوائز عدة وضمّت «أضواء شمالية» المعروفة في شمال أميركا بـ «البوصلة الذهبية» و «السكين المرنة» و «منظار العنبر». انتقد البعض ما رأوه رسالة معارضة للمسيحية فيها في حين طالب غيرهم بإدراجها في صف التعليم الديني. يصنّف بولمان الملحد كاتب أطفال لكن كتبه تثير اهتمام بالغين كثيرين مطالعة ونقداً، وقد تكون ثلاثيته رداً على «تاريخ نارنيا» للكاتب سي أس لويس التي رآها بولمان دعاية مسيحية. مثل لويس يعتمد بولمان المجاز الديني والحيوانات الناطقة وتعايش عالمين مختلفين.
ثلاثة مرشحين أميركيين أيضاً. التزم فيليب روث تمحّص هويته اليهودية الأميركية، وقال إنه كتب عن شاب يحاول الانفصال عن تراثه والتخلص من ضغوط الأسرة والدين. أثار غضب بعض اليهود الأميركيين بالصراحة الجنسية الصارخة في «وداعا كولومبوس» و«شكوى بورتنوي». نال بوليتزر عن «رعوية أميركية» التي ظهر بطلها في روايات عدة لاحقة وكان الأنا الآخر لروث البالغ الثامنة والسبعين. اتهم بكره الذات فقال إنه شاء استكشاف الصراع بين الدعوة اليهودية الى التضامن والرغبة الخاصة بأن يكون حراً لمساءلة قيم الطبقة الوسطى اليهودية وسط مناخ الانصهار الاجتماعي والصعود الطبقي.
فصل بين الروايتين الأولى والثانية لمارلين روبنسون (67 عاماً) أربعة وعشرون عاماً. نالت بوليتزر عن كل من «تدبير منزلي» و «غيلياد» ثم كوفئت بجائزة أورانج عن «البيت». تعتقد أن «كلمة كاتبة سامّة. أنا كاتبة فقط حين أكتب لكنني أضع الكلمة جانباً عندما لا أكتب».
تتابع آن تايلر (69 عاماً) حياة النساء والعلاقات في رواياتها الغزيرة التي رشحت التاسعة والعاشرة منها لجائزة بوليتزر، ونالتها الرواية الحادية عشرة «دروس في التنفس». لم تدخل المدرسة حتى سن الحادية عشرة، وأغنى ذلك كتابتها بحس غير عادي من الرقابة والدهشة. تزوجت الروائي وعالم النفس الإيراني تاغي مدرسي الذي توفي في 1997.
خوان غويتيسولو (70 عاماً) شاعر وروائي وكاتب مقال إسباني يعيش في مراكش ويعجب بالحضارة الإسلامية. ورث بغض الجنرال فرانكو من والده الأرستقراطي، وعاش في باريس حتى وفاة الجنرال الذي منع كتبه في إسبانيا. ما بعد حداثي يكتب مقاطع طويلة من دون تفقيط، وتخالط نصّه عبارات باللاتينية والعربية. اشتهر بثلاثيته «أقنعة الهوية» و «الكونت خوليان» و «خوان بلا أرض»، وتحتاج قراءته الى جهد من القارئ.
داكيا ماريني (74 عاماً) ابنة أميرة من صقلية وكاتبة يسارية مثيرة للجدل تعاديها السلطة. روائية وكاتبة مسرح ومناضلة لحقوق الإنسان والنساء، ارتبطت بعلاقة مع ألبرتو مورافيا. روهنتون مستري، أصغر المرشحين (59 عاماً)، هندي هاجر الى كندا ونبع أدبه من حنينه. فازت روايته الثانية «كم هي طويلة الرحلة» بجائزة الحاكم العام وكتّاب الكومنولث وحوّلت فيلماً، وحازت روايته الثالثة «توازن دقيق» على الجائزة الأخيرة أيضاً. بعد الهجوم على مركز التجارة العالمي في 2001 ألغى جولة أدبية في الولايات المتحدة لاعتقاد الشرطة والموظفين في المطارات أنه عربي.
مودي بيطار
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد