الأطلسي يتوقع مواصلة حرب ليبيا 6 أشهر
تسارعت الاتصالات الدبلوماسية لحل الأزمة في ليبيا، في ظل استمرار حالة الجمود الميداني، مع تواصل الهجمات والهجمات المضادة بين الثوار الليبيين وقوات معمر القذافي، الذي بدأ يجس نبض الغربيين بشأن مخرج سياسي ينهي القتال المستمر منذ نحو شهرين، إذ أرسل مبعوثاً إلى أثينا ومن ثم أنقرة طلباً لتسوية كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» عن بعض تفاصيلها، من بينها وقف إطلاق النار بعد تولي أحد أبناء الرئيس الليبي – يرجح أنه سيف الإسلام – السلطة في البلاد لفترة انتقالية، وهو ما سارعت المعارضة الليبية وعدد من الحكومات الغربية إلى رفضه.
وتمكن مقاتلو المعارضة، أمس، من طرد القوات التابعة للقذافي من معظم أحياء البريقة إلى ضواحي البلدة النفطية الواقعة في شرقي البلاد في اطار تقدمهم البطيء صوب الغرب، فيما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر إن الولايات المتحدة أثارت مخاوفها مع المعارضة الليبية حول تقارير بأن تنظيم «القاعدة» يحصل على سلاح في شرقي ليبيا.
وتحرّكت المعارضة، التي أظهرت تنظيما أفضل مما كانت عليه في الأسابيع السابقة بحذر أكبر، بمساعدة الضربات الجوية الغربية وتتشبث بمواقعها أكثر من ذي قبل في مواجهة قوات القذافي البرية الأفضل تسليحا.
وبرغم ذلك، ما زال الوضع الميداني يشهد جموداً واضحاً، لا يتعدى نطاق جبهة أجدابيا - البريقة، مقارنة بالأسابيع الماضية، حيث كانت الهجمات التي يشنها الثوار والهجمات المضادة التي تشنها قوات القذافي تمتد على نطاق عشرات الكيلومترات.
وعزا الثوار الليبيون هذا الجمود إلى الألغام الأرضية التي زرعتها القوات الموالية للقذافي والمدفعية الثقيلة وصواريخ الـ«غراد» التي تستخدمها لصد تقدمهم. وقال أحد الثوار إن «قوات القذافي تريد أن يبقى الثوار على الطرقات كي تستهدفهم بالقذائف والغراد».
وفي لندن، توقع قائد سلاح الجو البريطاني المارشال ستيفان دالتون أن يستمر الصراع في ليبيا، بما في ذلك العمليات العسكرية التي ينفذها حلف شمال الأطلسي هناك لستة أشهر على الأقل. وقال دالتون لصحيفة «الغارديان» البريطانية «بصورة عامة، نبني خططنا حاليا على أساس (الاستمرار لمدة) ستة أشهر على الأقل، وسنرى ماذا سنفعل بعد ذلك».
وليلا، عرض التلفزيون الرسمي الليبي لقطات للقذافي يحيي أنصاره من سيارة جيب تسير به خارج مجمعه المحصن في باب العزيزية في طرابلس. وكتب على الشاشة «الأخ القائد بين مؤيديه».
وقال متحدث باسم الحكومة الليبية ان البلاد مستعدة لمناقشة إصلاح نظامها السياسي، موضحا أن الحكومة جاهزة لإجراء انتخابات أو استفتاء أو أي إصلاح آخر لنظامها السياسي. وأعلن أن طرابلس مستعدة «لحل سياسي مع القوى العالمية». وأكد ان الشعب الليبي فقط هو الذي يستطيع ان يقرر بقاء القذافي أو رحيله.
وفي مقابل هذا الجمود الميداني، تكثفت الاتصالات الدبلوماسية في محاولة لإيجاد مخرج سياسي للأزمة. وذكرت مصادر رسمية تركية ان نائب وزير الخارجية الليبي عبد العاطي العبيدي وصل إلى أنقرة موفداً من قبل القذافي، بعدما أجرى في أثينا محادثات مع رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو لإيجاد مخرج للأزمة.
وقال مصدر تركي إن «هناك مطالب (قدمت إلى تركيا) من طرفي النزاع في ليبيا»، أي قوات العقيد معمر القذافي والثوار، مشيراً إلى أن «أولوية تركيا في ليبيا هي وقف الأعمال العدائية». وأكد المسؤول التركي ان ممثلين عن الثوار قد يصلون «قريبا» إلى تركيا لبحث هذا الأمر نفسه، مشيراً إلى أن «الطرفين ابلغانا امتلاكهما بعض الآراء حول وقف لإطلاق النار. وسنتكلم مع الطرفين لرؤية ما إذا كان هناك مجال للتفاهم».
وتأتي زيارة نائب وزير الخارجية الليبي إلى العاصمة التركية بالتزامن مع زيارة قام بها الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فوغ راسموسين الذي ناقش مع القادة الأتراك مهمة الأطلسي في ليبيا. وعقد راسموسين لقاء مغلقا مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بحضور كل من وزير الدفاع وجدي غونول ووزير الخارجية احمد داود اوغلو.
وقال دبلوماسي غربي إن «سيناريوهات متنوعة لحل الأزمة في ليبيا يجري تداولها... والجميع يرغب في حل سريع»، لكنه حذر من أن أي تسوية قد تشمل على سبيل المثال تسليم القذافي السلطة لأحد أبنائه، يمكن أن تؤدي إلى تقسيم ليبيا.
وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» ذكرت أن اثنين على الأقل من أبناء القذافي يعرضان الانتقال إلى ديموقراطية دستورية ورحيل والدهما عن السلطة وتولي احدهما المرحلة الانتقالية. ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي لم تكشف هويته، وعن مسؤول ليبي مطلع على الاقتراح، انه في حال تبني هذا الطرح فسوف يتولى سيف الإسلام القذافي إدارة المرحلة الانتقالية. ولم توضح الصحيفة ما إذا كان القذافي (68 عاما) يوافق على هذا الطرح الذي يؤيده نجلاه سيف الإسلام والساعدي، غير أن شخصا قريبا من ابني القذافي قال إن الرئيس الليبي يبدو موافقا.
وأشارت الصحيفة نقلا عن هذا الشخص ان سيف الاسلام والساعدي «يريدان التقدم في اتجاه التغيير في البلاد». وتابعت «انهما اصطدما بالكثير من الجدران مع الحرس القديم، وفي حال حصولهما على الضوء الأخضر، فسوف ينهضان بالبلاد بسرعة». وبحسب الصحيفة، فإن هذا الاقتراح قد يكون يعبر عن الخلافات القائمة منذ زمن بعيد بين أبناء القذافي. وفي حين ان سيف الاسلام والساعدي اقرب إلى نهج اقتصادي وسياسي غربي، فإن اثنين آخرين من أبناء القذافي الآخرين، هما خميس ومعتصم، يعدان من أنصار الخط المتشدد.
ويرأس خميس إحدى الكتائب الأمنية التي يتشكل منها الجيش الليبي، فيما يعتبر معتصم، المستشار في الأمن الوطني، خصما لسيف الاسلام في السباق إلى خلافة والدهما.
في المقابل، رفض المجلس الوطني الانتقالي الذي يمثل الثوار الليبيين فكرة مرحلة انتقالية يقودها احد أبناء القذافي. وقال المتحدث باسم المجلس شمس الدين عبد المولى إن هذه الفكرة «يرفضها المجلس بشكل تام»، مضيفاً ان «على القذافي وأبنائه ان يرحلوا قبل أي مفاوضات دبلوماسية».
من جهتها، اعتبرت الحكومة الإيطالية ان مقترحات نظام القذافي للخروج من الأزمة «لا تتمتع بالمصداقية». وقال وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني بعد استقباله مسؤول العلاقات الخارجية في المجلس الوطني الانتقالي علي العيساوي، إن «ايطاليا قررت الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي كممثل شرعي وحيد». وأضاف ان «النظام في طرابلس يرسل مبعوثين إلى اليونان لعرض اقتراحات... لكن هذه الاقتراحات لا تتمتع بالمصداقية. ومن غيــر الممكن القبول بها».
وفي بروكسل، قال المتحدث باسم مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، مايكل مان، إن «موقف الاتحاد الأوروبي واضح جدا: نظام القذافي فقد شرعيته ويجب أن يرحل... نظام القذافي يتكون من الأشخاص الموجودين في النظام وعلى حد معرفتي من أبنائه»، مضيفاً « نرغب في احترام إرادة الشعب الليبي... نرغب في رؤية تحول لمستقبل ديموقراطي في ليبيا».
من جهة ثانية، قال وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني إن رئيس شركة «ايني» الايطالية للنفط باولو سكاروني زار بنغازي خلال اليومين الماضيين لمناقشة التعاون في قطاع الطاقة مع المعارضة الليبية المسلحة، فيما شدد العيساوي على «الحقوق الشرعية للأجانب، والشركات الأجنبية في ليبيا ستحترم من قبل الحكومة المستقبلية التي ستشكلها حركة المعارضين».
وكان مصدر قريب من الثوار أكد أن المعارضة ستبدأ تصدير أولى شحنات النفط للخارج خلال اليومين المقبلين، موضحاً أن ناقلة النفط الليبيرية «اكواتور» ستصل إلى ميناء طبرق خلال الساعات المقبلة لنقل النفط الخام، من دون أن يحدد وجهتها.
إلى ذلك، قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إن مجموعة الاتصال الدولية التي أنشئت لقيادة التنسيق السياسي بخصوص ليبيا ستجتمع في العاصمة القطرية الدوحة الأسبوع المقبل. وأضاف هيغ ان بريطانيا ستمد المعارضين الليبيين بأجهزة للاتصالات لكنها لن تزودهم بأسلحة، موضحاً «أننا لسنا منخرطين في تسليح قوات المعارضة... لكننا مستعدون لتقديم معدات غير فتاكة ستساعد في الحفاظ على حياة المدنيين وتوصيل معونات إنسانية».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد