سـوريـا: السـلطة والنشـطاء يتحدثون عن عشرات القتلى والجرحى
أعلنت السلطات أمس، سقوط 19 قتيلاً و81 جريحاً من قوى الامن بنيران مجموعات مسلحة في مدينتي درعا وحمص، خلال يوم من الاحتجاجات التي جرت في عدد من المدن في سوريا، فيما قالت مصادر حقوقية إن 22 متظاهراً قتلوا بنيران القوات المسلحة في درعا وحمص وحرستا. كما شهدت مناطق ريف دمشق، وحماه، والقامشلي ذات الطابع الكردي تظاهرات احتجاجية أيضاً، بحسب وكالات الأنباء الغربية ووكالة «سانا» السورية.
وأذاع التلفزيون الرسمي مشاهد لمسلحين ملثمين يطلقون النار في درعا، وأكدت أن هؤلاء وجّهوا نيرانهم إلى المحتجين كما إلى قوات الامن، وقاموا بإشعال الإطارات وسدّ الطرقات.
وأفاد مصدر مسؤول في وزارة الداخلية السورية بأن «عدد الشهداء من قوات الشرطة والأمن ارتفع إلى 19 شهيداً و75 جريحاً بإطلاق النار عليهم من مجموعات مسلحة في مدينة درعا». وأضاف المصدر «أنه عقب صلاة الجمعة في مدينة درعا وأثناء توجه جموع المواطنين من الجامع العمري إلى درعا المحطة قامت مجموعات مسلحة بإطلاق النار على المواطنين وقوات الشرطة والأمن العزل من السلاح ما أودى بحياة العديد منهم وإصابة العشرات مؤكداً ان هناك تعليمات صارمة لعناصر الشرطة وقوى الأمن كافة الذين تقضي مهامهم الوجود في أماكن تجمعات المواطنين بعدم حمل السلاح».
وكان المصدر أعلن في وقت سابق أن «أربعة من عناصر الشرطة والأمن استشهدوا برصاص المجموعات المسلحة إضافة إلى قيام المسلحين بإطلاق النار أيضاً على سيارة إسعاف أثناء قيامها بنقل مصابين إلى المشفى ما أدى إلى استشهاد سائق السيارة مشيراً إلى وجود إثباتات موثقة حول هذه الاعتداءات».
وأشار المصدر إلى أن مجموعات أخرى قامت بوضع حواجز إسمنتية على الطرقات وأشعلت النيران في الإطارات ورشقت قوات الشرطة وعناصر الأمن بالحجارة ما اضطرهم لاستخدام الغاز المسيل للدموع لتفريقهم قبل أن يعتدوا على ممتلكات عامة وخاصة عدة وقاموا بإحراق بعض المرافق الخدمية والسيارات.
وعرض التلفزيون السوري الرسمي في «بث حي» ما وصفهم بأنهم «مخربون ومندسون يطلقون النار على المدنيين وعلى قوات حفظ النظام» في درعا. واشار مسؤول في التلفزيون السوري إلى «ان ادارة التلفزيون في درعا اضطرت لإغلاق المبنى بعد ان قام محتجون باجتياحه وتدمير
بعض الاجهزة الموجودة فيه» من دون اضافة المزيد من التفاصيل. واعتبر التلفزيون السوري ان «سوريا تعيش ازمة وهذه الازمة اراد لها البعض ان تكون أزمة مستشرية وان تتحول من مطالب شعبية محقة الى ازمة أمنية تستهدف حياة المواطنين وأمن الوطن».
واضاف التلفزيون ان «المحاولات الاصلاحية تتعرض الآن لمحاولة الإجهاض والافساد من بعض الجهات التي تعمل على تخريب الممتلكات العامة والخاصة في محاولة لزعزعة الامن والاستقرار وافساد اللحمة الوطنية التي سادت في سوريا لعقود طويلة».
وأصدرت القيادة السورية، مساء أمس، بياناً تحذيرياً يمكن أن يكون نقطة تحول في سياسة الدولة مع الاحتجاجات منذ ثلاثة أسابيع. وجاء في البيان «خرجت في الأسابيع الماضية مجموعات من المواطنين في تظاهرات في عدد من مناطق القطر وخاصة أيام الجمعة وطالبوا ببعض المطالب التي لقيت استجابة فورية من القيادة.. وفي المقابل تم الإعلان عن سلسلة من الإجراءات والمراسيم استجابة لهذه المطالب مع الاستمرار بإصدار المراسيم واتخاذ الإجراءات اللازمة في إطار عملية التطوير والتحديث التي تشهدها سوريا اليوم».
وأضاف البيان إن «بعض الموتورين والدخلاء على شعبنا والمدفوعين من قبل جهات خارجية معروفة، وفي موازاة التحريض المكشوف للفضائيات وشبكات الانترنت، لم ترق لهم المبادرات والاستجابة لكل المطالب المحقة للمواطنين والجاري تنفيذها والتي عبّر شعبنا العظيم عن تأييده لها بمسيرات عمّت المحافظات والمدن السورية كافة... وقد اتضح ان هؤلاء لا يريدون الإصلاح ولا تعنيهم المطالب الشعبية ولا منع استخدام السلاح، واستغلوا ذلك واندسوا بين صفوف المتظاهرين أو المشيّعين للشهداء وبدأوا بإطلاق النار عشوائياً بهدف إيجاد الشرخ بين المواطنين ورجال الأمن، وقاموا بإحراق المؤسسات الرسمية والخدمية ودفعوا بالبعض للاعتداء على العناصر العسكرية والأمنية التي ما زالت تلتزم عدم إطلاق النار.. الأمر الذي أدى الى استشهاد وجرح أعداد كبيرة منهم».
وتابع البيان أن «وزارة الداخلية تهيب بالإخوة المواطنين أن يتفهموا ويدركوا حقيقة ما يحدث وخفايا المخطط وأن يعملوا على تعرية هؤلاء المجرمين وعزلهم والإبلاغ عنهم أينما وجدوا لمحاسبتهم وتقديمهم للعدالة وكشف أغراضهم وأغراض من دفع بهم ولهم»، مشيراً إلى أنّ «السلطات السورية، حفاظاً على أمن الوطن والمواطنين وعلى المؤسسات الحكومية والخدمية، ستعمل على التصدي لهؤلاء ومن يقف خلفهم وفق أحكام القانون الذي يحدد حالات استخدام السلاح».
وختم البيان إن «وزارة الداخلية تؤكد أنه لم يعد هناك مجال للتهاون أو التسامح لتطبيق القانون والحفاظ على أمن الوطن والمواطن وحماية النظام العام تحت ذريعة التظاهر، والذي ما زلنا نعتبره حالة صحية، ولكننا لن نسمح بالخلط المتعمّد بين التظاهر السلمي وبين التخريب وزرع الفتنة وزعزعة الوحدة الوطنية الراسخة وضرب مرتكزات السياسة السورية القائمة على أساس الدفاع عن ثوابت الأمة ومصالح الشعب».
واشار عضو مجلس الشعب خالد العبود الى «وجود حالة غير طبيعية يتسم بها بعض المحتجين اليوم تنحو باتجاه رفع سقف الاحتجاج وليس المطالب». واضاف «كان لا بد من رفع سقف حالة الشغب بعد أن تمّ التجاوب لأغلب المطالب» لافتاً الى ان «من يريد رفع سخونة الداخل السوري يحاول رفع الأصوات في اكثر من مكان».
وتابع العبود قائلاً «القضية ليست قضية مطالب بل استغلالها للعمل على خلق حالة وجدانية تجعل الناس تندفع الى الشارع مما يتسبب بوقوع قتلى وجرحى». ونقلت وكالة «سانا» الرسمية للأنباء عن مدير المستشفى العسكري في حمص إن المستشفى استقبل 6 جرحى من قوى الأمن موضحاً أن أحدهم مصاب بطلق ناري وحالته حرجة.
في المقابل، نقلت وكالة «فرانس برس» عن «ناشط حقوقي» في درعا قوله إن رجال الامن بملابس مدنية اطلقوا النار لتفريق المتظاهرين بعد صلاة الجمعة». واضاف الناشط «ان 13 شخصاً على الاقل عرفت اسماؤهم قتلوا بنيران قوات الامن، كما اصيب العشرات». واكد ان العديد من الجرحى اختبأوا في المنازل في درعا «الا ان قوات الأمن قامت بملاحقتهم وإخراجهم منها». كما اكد الناشط ان المتظاهرين «قاموا بعد سقوط القتلى بإحراق مقر شعبة حزب البعث» في درعا.
من جهته، اعلن رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان عمر قربي من القاهرة «ان 22 شخصا لقوا حتفهم في سوريا خلال تظاهرات احتجاجية في درعا وحمص وحرستا».
وقال الناشط الحقوقي حسن برو إن «المئات خرجوا من رأس العين من جامع الاسد باتجاه شرق المدينة». واشار برو الى ان المتظاهرين ومعظمهم من الاكراد كانوا يهتفون «بالروح بالدم نفديك يا درعا» و«واحد واحد الشعب السوري واحد» و«الجنسية لا تعني الحرية». وتأتي هذه التظاهرات غداة إصدار الرئيس السوري بشار الاسد مرسوماً يقضي «بمنح المسجلين في سجلات اجانب الحسكة الجنسية السورية». واكد برو ان «المتظاهرين في الدرباسية وقفوا دقيقة صمت على ارواح شهداء اللاذقية ودرعا».
وقال نشطاء وشهود إن آلاف الاكراد ومعظمهم من الشباب قاموا بمسيرة إلى مدينة القامشلي في شمال شرق البلاد ورددوا هتافات «لا كردي ولا عربي... الشعب السوري واحد».
وفي دوما «اقام السكان حواجز حول المدينة من اجل التدقيق في هوية من يريد دخول الجامع الكبير والتأكد من عدم حمله لأي نوع من الاسلحة»، بحسب ناشط حقوقي. واكد الناشط ان السكان «يريدون التظاهر بعد أن تم الاتفاق مع السلطات على عدم تدخل الامن لتفريق المحتجين». كما قال ناشط آخر إن «آلاف المتظاهرين خرجوا في مدينة بانياس الساحلية ونحو الف شخص في مدينة التل (شمال دمشق) تضامناً مع شهداء اللاذقية ودرعا ودوما». وقال مواطنون من مدينة حماه إن حوالى 2000 شخص شاركوا في تظاهرة في الحي القديم من المدينة.
ونقلت وكالة «رويترز» عن «نشطاء معارضين سوريين» قولهم إن أصداء نيران أسلحة آلية ترددت أثناء تظاهرة مطالبة بالديموقراطية في ضاحية حرستا قرب دمشق. وقال النشطاء في اتصال هاتفي إن الاتصالات قطعت عن الضاحية، فيما نقلت عن «شاهد غربي» قوله إن الشرطة هاجمت محتجين بالهراوات أثناء خروجهم من مسجد الرفاعي في منطقة كفرسوسة في دمشق.
(زياد حيدر- السفير) + وكالات
إقرأ أيضاً:
إضافة تعليق جديد