جورج بوش يربك توجه المحافظين الجدد حول إسرائيل
الجمل : إذا كان الاعتدال، هو مضمون الرسالة، فإن اختيار الرئيس جورج بوش لأحد الملتقيات، فهو لكي يشن حملة علنية جديدة، مدافعاً عن سياسته إزاء العراق، منتقداً أولئك الذين يتوقعون أن الإدارة الأمريكية قد أصبحت تتحرك إزاء خطوة انفرادية في الصراع العربي الإسرائيلي.
إن المنشأة أو المؤسسة المحافظة الجديدة، المثيرة للدهشة، مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات (FDD)، تعتبر واحدة من المجموعات الأكثر صقورية في الحرب ضد الإرهاب، بدليل أنه قد تم إنشاؤها بعد يومين من الهجمات الإرهابية في 11 أيلول 2001 ضد نيويورك والبنتاجون. وقد ظلت هذه المؤسسة تتخذ مواقف متشددة ضد العرب والحلفاء الأوروبيين، والذين ظلت الإدارة الأمريكية نفسها تسعى للحصول على تعاونهم.
إن ثمة جزءاً من الشبكة المغلقة للمجموعات المحافظة الجديدة المهيمنة، والتي تتضمن: معهد المسعى الأمريكي (AEI)، مركز سياسة الأمن (C.S.P)، المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي (JINSA)، ولجنة الخطر الماثل (CPD)، وجاءت مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات (FDD) لتقوم ببناء الدعم والتأييد من أجل (تغيير النظام) في سوريا وإيران.
إن حديث الرئيس بوش، والذي أثار قليلاً من الانتباه، كان الأول من بين سلسلة، هدفت للحصول على الدعم والتأييد للاحتلال بواسطة الولايات المتحدة، والتأكيد بأن العراق سوف لن ينزلق أو ينحدر إلى الحرب الأهلية برغم العنف الانقسامي الطابع، والواسع الانتشار، والذي أعقب قصف المسجد الذهبي بسامراء في شباط الماضي.
لقد جاء حديث بوش وسط إجماع متنام بين محللين مستقلين، بأن وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس قد احتلت بنجاح مكانة نائب الرئيس ديك تشيني والمحافظين الجدد الذين تجمعوا حوله باعتباره صاحب النفوذ الأبرز والمهيمن في سياسة بوش الخارجية.
إن صعود رايس وأفول المحافظين الجدد، الذين لكل واحد منهم روابط وثيقة مع حزب الليكود اليميني الإسرائيلي، قد جعل واشنطن تبدو أكثر اعتدالاً حول قدرتها على إنفاذ عملية (تغيير النظام) في الشرق الأوسط، ضد الحكومات التي ينظر إليها على أنها ناشطة في العداء للولايات المتحدة وإسرائيل.
وعلى المثيل من ذلك، فإن واشنطن ينظر إليها الآن باعتبارها الأكثر حرصاً على ترميم العلاقات مع الحلفاء الأوروبيين والعرب، والتي كانت قد تضررت بشكل كبير خلال فترة ولاية بوش الأولى، كنتيجة للمسار المنحرف الفردي الذي اختطه فيه كل من السيد تشيني والمحافظين الجدد.
بذلك المعنى، فإن اختيار البيت الأبيض لمؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات (FDD) كمنتدى مناسب، يمكن أن يبدو على نحو ما شاذاً أو غير مألوف، وذلك إذا ما أخذنا كمعطى، خلفية نفوذ وسيطرة المحافظين الجدد في القيادة وصرامة التوجهات. ومن بين مجلس المستشارين، هناك رئيس مركز سياسة الدفاع: فرانك غافني، والذي سبق أن هاجم الرئيس بوش بسبب دعمه خطة فك الارتباط لآرييل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي، وبيل كريستول محرر الويكلي ستاندارد، وجيمس ووسلي مدير وكالة المخابرات الأمريكية السابق، والذي يعتبر من المؤيدين المتشددين لفكرة أن صدام حسين قد لعب دوراً في هجمات 11 أيلول، وذلك في التصعيد للحرب على العراق، وريتشارد بيرل من معهد المسعى الأمريكي والرئيس - فوق الصقوري- للجنة سياسة الدفاع، والمتشدد النزعة. وقد أفادت المعلومات بأنه قد اقترح في إحدى مناقشات لجنة الشؤون المشتركة الأمريكية الإسرائيلية (AIPAK: الأيباك) الدورية، (وقد خاطب أيضاً السيد تشيني) بأن 12 قاذفة (B-2) يمكن أن تحل الأزمة الجارية حالياً مع إيران حول برنامجها النووي.
إن المجموعة التي يترأسها كليفورد ماي، المحرر السابق بالنيويورك تايمز، ومدير اتصالات اللجنة القومية للجمهوريين، قد نشأت وانبثقت بالأصل عن منظمة أخرى، تدعى إيميت (EMET): مؤسسة المبادرة التعليمية. وقد أنشئت في مطلع عام 2001، بواسطة عدد من أثرياء اليهود المتحمسين، ومن بينهم دالك فايث، والد معاون وزير الدفاع الأمريكي للشؤون السياسية: بيرل بروتيفا دوغلاس فايث، وهدفها – وفقاً لإحدى مرجعيات المحافظة الأمريكية – تعزيز وتحسين صورة إسرائيل بين طلاب الجامعات والكليات الأمريكية أمام الانتفاضة الفلسطينية.
وبعد 11 أيلول، تحولت إيميت إلى مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات (FDD) رئيسها: كليفورد ماي، والسفير الإسرائيلي السابق نير بومس، نائباً للرئيس.
«هذا، وبرغم أن بيان مهمة مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات لم يشر إلى إسرائيل، فإن البيانانات العلنية وعمليات مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات كانت تهتم وتعنى غالباً بإسرائيل» وذلك حسب إحدى المواقع اليمينية على الشبكة، والذي يهتم بتقديم المحافظين الجدد والمنظمات اليمينية الأخرى.
في التصعيد للحرب على العراق، كان السيد ماي، رئيس مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات ضيفاً دائماً على إذاعة وشبكة أخبار فوكس اليمينيتان. وقد أعلى من شأن العديد من الحجج والأدلة والبراهين الداعمة للحرب الوقائية، والتي كانت تقدمها الإدارة الأمريكية ومؤيدوها من المحافظين الجدد، ومن بينها التأكيد بأن لصدام حسين وتنظيم القاعدة تاريخاً طويلاً من التعاون. وكانت المؤسسة أيضاً تهاجم الحكومات الأوروبية الغربية والأمم المتحدة بسبب فشلهم في دعم الولايات المتحدة.
وبالفعل، فإن الأمم المتحدة، والتي شن المحافظون الجدد هجوماً مطولاً عليها، باعتبارها معادية لإسرائيل وللسامية، قد أصبحت هدفاً رئيسياً لمؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات (FDD)، وذلك عندما قامت كلاوديا روزيت الكاتبة الذائعة الصيت في صحيفة وول ستريت جورنال، بالاستقصاء حول فضيحة النفط مقابل الغذاء، وبمساعدة محرر الصحيفة، والويكلي ستاندارد، وبعض إصدارات المحافظين الجدد الأخرى، على نحو بارز، ونشرت أكثر من 50 مقالة، كانت كلها ضد الأمم المتحدة، مستبقة الكونغرس في عدة مناسبات، ومستندة إلى أقوال مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات، حيث تأخذ "الملاحظة وتصنع منها فضيحة في رأس الصفحة".
في عام 2004، كانت مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات، قد بدأت تتلقى أموالاً حكومية من أجل تدريب الطلاب والناشطين في الشرق الأوسط، إضافة إلى المساهمات الخاصة. وقد قدمت مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات ملخصاً إلى محكمة العدل الدولية بهدف دعم إسرائيل، وبنائها على أرض فلسطينية، للجدار العازل، الذي يفصلها ومستوطناتها عن بقية الضفة الغربية، على أساس أن ذلك "يمكن أن يفيد الفلسطينيين".
في العام نفسه، ساعدت مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات (FDD) في إنشاء لجنة الخطر الماثل (CPD)، والتي استقطبت: وزير الخارجية السابق جورج شولتز، والسيناتور الديموقراطي جوني ليبرمان، ورئيس الوزراء الإسباني السابق خوسيه ماريا أزنار، وأصبحوا أعضاء في مجلس إدارتها.
هذا، وقد قامت كل من مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات، ولجنة الخطر الماثل، بإجراء العديد من المؤتمرات المشتركة، والتي كانت تستهدف "مجموعة أو حزمة سياسات واشنطن" المتعلقة بسوريا وإيران، وكانت هذه الأنشطة المشتركة تتبنى وتروج لوجهة نظر مفادها أن واشنطن تواجه "حرباً عالمية رابعة" في معركتها مع الفاشية الإسلامية.
وحيث أن إيران تفرض تهديداً رئيساً على الولايات المتحدة، فقد أصبح هذا الموضوع الأكثر بروزاً حالياً في عمل المجموعة، وذلك بعد انتصار حماس في الانتخابات الفلسطينية في يناير الماضي. ولذلك فقد كتب السيد ماي قائلاً: «لقد غض القادة النظر طويلاً عن إسلاميي طهران المسلحين، وسوف يستمرون في القيام بذلك، على ما يبدو، غير عابئين بالتكلفة المالية».
في ملتقى آخر لمؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات، ولجنة الخطر الماثل، في مبنى الكابيتول في شباط، قام غافني من مركز سياسات الأمن، بالتحذير من أن برنامج صواريخ إيران قد تم تصميمه، حيث يحمل سلاحاً نووياً «في الفضاء الذي يعلو الولايا ت المتحدة، حيث يطلق بشكل ضخم وفوري مفاجئ انبعاثاً كهرومغناطيسياً قوياً من النوع الذي بمقدوره أن يعيد الولايات المتحدة إلى مجتمع من المرحلة ما قبل الصناعية في غمضة عين».
«تقوم المؤسسة بجهد في كل أنحاء العالم» وفقاً لقول الرئيس بوش في مارس الماضي: «وأنا أقدر الجهد الذي تقومون به».
الكاتب: جيم لوبي
الجمل: قسم الترجمة
المصدر: Finalcall.com
إضافة تعليق جديد