إسرائيل: صفعة لهيبة أميركا المسحوقة في المنطقة
أظهرت تعليقات إسرائيل حيال الإقرار الأميركي بالفشل الاستخباري في لبنان، كأن تل أبيب جهة تراقب عن بعد، حالة فشل لم تألفها ولم تعان منها استخباراتها. ومع الإقرار بالتطور النوعي لدى حزب الله على كشف العملاء، جهد المعلقون الإسرائيليون في التأكيد أن السقوط الاستخباري الأميركي، كان نتيجة لعدم مهنية السي اي اي، والتقديرات الخاطئة لواشنطن، في ما يتعلق بقدرة حلفائهم في لبنان.
وتحت عنوان «رعب الجواسيس»، أكدت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، في تقرير طويل على موقعها على الإنترنت، أن «اعتقال العملاء التابعين للاستخبارات الأميركية في لبنان، دليل إضافي على التحسّن النوعي الذي طرأ في العقد الأخير على قدرات محور الشرّ، في مواجهة مساعي التجسّس والإحباط من جانب الغرب»، مشيرة إلى أن «كلاً من إيران وحزب الله، طورا خلال السنوات القليلة الماضية قدرات خاصة على مكافحة التجسس، عبر التحلي بالصبر وضبط النفس والكثير من المناورة، ما مكن الطرفين من استغلال الثُّغر في منظومة الحماية لدى أجهزة الاستخبارات الأميركية، لإحباط أنشطة معادية وكشف عملاء».
وفي تناسٍ واضح للهزيمة الاستخبارية الإسرائيلية في لبنان، خلال السنوات القليلة الماضية، أكدت الصحيفة أن «خطوات الحماية التي اعتمدتها السي آي إيه لعملائها، لم تكن كافية؛ إذ إن الوكالة، على خلاف الاستخبارات الإسرائيلية، تفتقر إلى الخبرة في العمل التجسّسي، الأمر الذي عرّض عملاءها للاعتقال، وسمح لحزب الله بالنجاح في كشفهم وتفكيك جزء من شبكات التجسس التابعة للأميركيين في لبنان».
من جهتها، وصفت القناة الثانية الإسرائيلية، السقوط الاستخباري الأميركي في لبنان، بأنه «سقوط صعب وقاس»، وأشار مراسلها في واشنطن، أهارون برنياع، إلى أن «الاستخبارات الأميركية قلقة جداً من فقدانها معلومات أساسية وحساسة عما يجري في لبنان، وعن الحرس الثوري الإيراني الذي يدعم حزب الله، وأيضاً سيغيب عنها ما يجري في داخل إيران، وما يرتبط بالبرنامج النووي الإيراني». وبحسب مراسل القناة للشؤون العربية، يارون شنايدر، عمل حزب الله منذ سنوات، استناداً إلى تقديره أنه «هدف حقيقي وواقعي لجهات عديدة تعمل على اختراق صفوفه، الأمر الذي استدعى منه زيادة مستويات الحيطة والحذر، وتكثيف الجهد المضاد لكشف العملاء وصدهم، وعلى ما يبدو، فقد حقق نجاحاً على هذا الصعيد».
بدورها، أكدت القناة الأولى في التلفزيون الإسرائيلي، «خيبة أمل الاستخبارات الأميركية»، وأشارت إلى أن «الفشل الذي منيت به واشنطن في لبنان، أضر بنحو قاس بقدرة الولايات المتحدة على جمع المعلومات في الشرق الأوسط». وبحسب مراسل القناة للشؤون العسكرية والأمنية، يؤاف ليمور، فإن السبب المباشر وراء الفشل الاستخباري الأميركي، يرتبط تحديداً «بتقنية تعقب متطورة موجودة في لبنان، زودت الولايات المتحدة اللبنانيين بها، وهي منظومة قادرة على تحليل الاتصالات الخلوية، إلا أن السي آي إيه هي التي دفعت الثمن أخيراً في نهاية المطاف»، مضيفاً أن «القضية لن تؤثر سلباً على إسرائيل، لكنها تمثّل صفعة جديدة للولايات المتحدة ولهيبتها، التي هي في الأساس مسحوقة في المنطقة».
وفي السياق نفسه، قال المعلق والخبير الإسرائيلي في شؤون الاستخبارات، رونين برغمان، إنه «جرى تجنيد المخبرين في منطقة الهدف، وضمن دوائر قريبة وعلى صلة بحزب الله، لكن ما حدث يشير فعلاً إلى أن الجهات المشغلة كانت تعمل عملاً غير مهني وهاوياً جداً جداً، ما مكن حزب الله من كشف المجندين، الذين اتضح أن بعضهم كانوا عملاء مزدوجين، ولم يزودوا الأميركيين بمعلوماتٍ مهمة». وبحسب بيرغمان، فإن «السبب وراء الفشل الأميركي يرتبط بالمساعدات الأميركية الهائلة للحكومة اللبنانية بين عامي 2006 و 2008؛ إذ اعتقد الأميركيون أنهم يتعاملون مع حكومة سنّية معتدلة وقوة وازنة في مواجهة حزب الله، وقد تضمنت المساعدات أجهزة إلكترونية للمراقبة وتحديد المواقع والتعقب، وهي الأجهزة نفسها التي استفاد منها حزب الله». وأضاف بيرغمان أن «إسرائيل حذرت في الماضي الأميركيين، بصوت عال جداً، من أن هذه الأجهزة ستصل في نهاية المطاف إلى أيدي حزب الله، وستُستخدَم لتحقيق أهدافه العدائية، وهذا ما حصل تماماً».
وقال بيرغمان إن «الأجهزة الإلكترونية الأميركية والأوروبية المتطورة، التي سمحت واشنطن بإيصالها إلى لبنان، هي نفسها يديرها ضباط يعملون حالياً تحت إشراف لصيق لحزب الله»، وأكد أن «لبنان حالة خاصة، وهو عالم مصغر عن كل الشرق الأوسط ويعج بالعملاء، بل يمكن إحصاء العملاء في هذا البلد بالكيلومتر الواحد، تماماً كما يجري اعتماده لإحصاء السكان».
يحيى دبوق
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد