زواج المسيار يثير عواصف في الخليج
أثار قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الاسلامي في مكة المكرمة إجازة ما يعرف بزواج "المسيار"، وكذلك زواج "الفرند" خلال شهر أبريل الجاري جدلا واسعا ومعارضة من ناشطات خليجيات، في حين اعتبره الداعية العراقي الشيخ احمد الكبيسي "مرذولا".
ورأت الناشطة النسائية الكويتية رولا دشتي أن زواج المسيار "فيه ضرب لأساس الأسرة والاستقرار الأسري والحقوق التي تتنازل عنها المرأة أساسية لبناء أسرة مستقرة".
ورفضت تبرير إجازة مثل هذا الزواج الذي رأت أنه ينتقص من حقوق المرأة، بحل مشكلة العنوسة.
وقالت دشتي لوكالة الأنباء الفرنسية "لا يجوز استخدام موضوع العنوسة لفرض مزيد من التنازل من جانب المرأة عن حقوقها. الأولى أن يتم معالجات سياسية وتنموية واجتماعية وليس باختيار الطريق الأسهل مثل زواج المسيار القائم على انتقاص حقوق المرأة".
وأضافت أنه "إذا كانت المرأة التي تتزوج زواجا عاديا تعاني من مشاكل كثيرة عند الطلاق مثلا فكيف بتلك التي تقع في زواج المسيار".
وتعني لفظة "مسيار" في العامية الخليجية الزيارة بمعنى أن الزواج يقوم على مبدأ زيارة الزوج لزوجته وليس على أساس المساكنة والعيش في منزل واحد. وأجاز المجمع الفقهي في 12 ابريل/نيسان الجاري ما يعرف بزواج "المسيار" وكذلك زواج "الفرند" القائمين أساسا على تنازل المرأة عن حقها في السكن والنفقة.
وقرر المجمع أن "إبرام عقد زواج تتنازل فيه المرأة عن السكن والنفقة والقسم (العيش المشترك) أو بعض منها وترضى بأن يأتي الرجل إلى دارها في أي وقت شاء من ليل أو نهار وإبرام عقد زواج على أن تظل الفتاة في بيت أهلها ثم يلتقيان متى رغبا في بيت أهلها أو في أي مكان آخر حيث لا يتوافر سكن لهما ولا نفقة. هذان العقدان وأمثالهما صحيحان إذا توافرت فيهما أركان الزواج وشروطه وخلوه من الموانع".
معارضة حقوق المرأة
وحملت دشتي وهي رئيسة الجمعية الاقتصادية الخليجية بشدة على المشايخ الذين يسارعون الى معارضة حقوق المرأة. وقالت "مشكلتنا في العالم الإسلامي أن كل ما يتعلق بحقوق المرأة يسارع بعض المشائخ، وخاصة شيوخ الدين السياسي، فيه الى التحصن بالدين الذي لا يضيرهم الاجتهاد فيه أو حتى تناسيه في مواضيع أخرى كثيرة".
وتساءلت "لماذا تتفاقم المشكلة أساسا في دول الخليج؟". وأوضحت "المرأة في بعض المجتمعات الإسلامية في آسيا وفي تركيا لا تعاني من مثل هذه المشاكل. والمشكلة اخف في دول المغرب العربي. المشكلة الكبرى للمرأة وحقوقها توجد في دول المشرق العربي وخصوصا في دول الخليج".
ودعت دشتي من اسمتهم "رجال الدين المتنورين" الى مساعدة المرأة على مواجهة الافكار المتطرفة والمتخلفة.
وقالت "آن الأوان لرجال الدين المتنورين أن يواجهوا الأفكار المتطرفة في كل المنابر وعدم ترك النساء لوحدهن في مواجهته. لا بد من حملة ضد الفكر المتطرف لأنه يؤذي الدين والمجتمع (..) ويحد من تطور المرأة في المجتمع العربي".
من جانبها أعربت رئيسة لجنة العريضة النسائية في البحرين غادة جمشير عن "عدم تحبيذها" مثل هذا الزواج. وقالت "رغم ان هذا العقد صحيح شرعا لكن انا لا احبذ زواج المسيار، ولا الفرند أو زواج المتعة (عند الشيعة)، لأنه يهضم حقوق المرأة والأطفال"، مضيفة "انا أؤمن بالزواج الطبيعي القائم على حياة زوجين معا طول العمر".
وقالت "إن الحركة النسائية والقوى الليبرالية والمثقفين وكل من يؤمن بالحرية يجب أن يتحركوا للدفاع عن الحريات عموما وحرية المرأة بشكل خاص".
زواج مباح لكنه مرذول
من ناحيته اعتبر الداعية العراقي المقيم في الإمارات الشيخ احمد الكبيسي ان ما يعرف بزواج "المسيار" هو زواج مباح شرعا غير انه "مرذول" ولا تقبل به امرأة تحترم نفسها.
وأوضح الشيخ الكبيسي أنه مع توفر العقد والشاهدين والقبول فان الزواج يكون صحيحا شرعا "كل ما في الأمر أن المرأة تتنازل طواعية عن حقها في السكن والنفقة. ولا يوجد مانع في الدنيا من تنازل صاحب الحق عن حقه"، خاصة اذا كان للمتزوجين أسر واولاد سابقين.
وأشار إلى أن مثل هذا الزواج يسهم في حل مشكلة العنوسة التي تفوق نسبتها 40 بالمئة في بعض المجتمعات الخليجية وتعزى أساسا إلى ارتفاع تكاليف الزواج. كما أشار إلى أنه شاع ايضا اثر الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) لعصمة المرأة الأرملة "من الوقوع في الحرام" دون أن تتخلى عن أسرتها السابقة وأبنائها.
غير أن الشيخ الكبيسي سارع الى تأكيد أن "هذا النوع من الزيجات لا ترضى به امرأة تحترم نفسها فهو زواج فيه شيء من التساهل في بعض القيم، وهو مع أنه حلال غير أنه مرذول تأباه القيم والأعراف والآداب". بل أنه قال "لو جاءني ملك من ملوك الأرض وطلب يد ابنتي بهذه الصيغة لبصقت في وجهه".
المصدر : أ ف ب
إضافة تعليق جديد