هـل تـذكـرون كهـرمـان؟
لم تكن سلام السورية الجنسية، والمقيمة في القبّة (طرابلس/ شمال لبنان)، تعلم أنها ستصبح يوماً ما، واحدة من أشهر فنانات الزمن الجميل، تنافس المطربات الكبيرات، وتقف إلى جانب العمالقة. السيدة السبعينية لا تزال تنبض فناً حتى اليوم، وهي مقيمة في عاصمة الضباب، لندن. نهاية شهر رمضان، ستزور بيروت مجدداً، ضمن الاستعدادات لنشر مذكراتها مطلع العام المقبل. الفنانة الغائبة عن الشاشة والحضور العام منذ سنوات، كانت نجمةً مشهورة في الستينيات والسبعينيات، بين الرقص والغناء. رقصت إلى جانب فريد الأطرش، وصباح، وفريد شوقي، لكنّها اعتزلت التمثيل بسرعة. «لم أرغب في متابعة العمل في مجال التمثيل. كنت أشارك في فيلم «فاتنة الصحراء» عام 1974، حين صرخ المخرج محمد سلمان بوجهي، فقررت اعتزال تلك المهنة، خصوصاً أنني أفضل عدم التقيّد بوقت تصوير طويل»، تخبرنا.
ترنو كهرمان اليوم نحو طفولة افتقدتها، نظراً للفقر الشديد الذي أحاط بعائلتها. دفعتها تلك الحال للهرب إلى حلب، وهي في سنّ الثانية عشرة. ومن هناك بدأت رحلتها الفنيّة ما بين دمشق وبيروت، حتى وصلت القاهرة مطلع الستينيات. في تلك الفترة، طلب موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب من فريد الأطرش إقناعها بامتهان الرقص، لما تملكه من إحساس عال، ورؤية موسيقية خاصة. قال لها عبد الوهاب «أنت جسمك جنّان»، وبالفعل أصبحت من أشهر راقصات حقبة الستينيات والسبعينيات. لكنها ما لبثت أن اعتزلت الرقص، وتحوّلت إلى مغنية، تغني الطقاطيق والمونولوغ. تقول: «قضيت أجمل أيام حياتي في القاهرة. فايزة أحمد، مدّت لي يد العون، وطلبت من الإعلام والصحافة مساعدتي».
تخبرنا كهرمان أيضاً: «كنت أصغر من نجوى فؤاد، فأعطتني اسم «مفعوصة» لأننا كنّا نتنافس في بداياتي في القاهرة. مرّة طلبت من صاحب أحد المرابع إيقافي وقالت له «يا أنا يا المفعوصة ده» فقال لها «المفعوصة ده عاملة جو» والناس تحبّها، فخرجت نجوى فؤاد من الملهى الليلي لصاحبه لمعي شنودة واستبدلت بالراقصة رجاء يوسف».
تحنّ كهرمان إلى وقت كانت فيه راقصة بيروت الوحيدة. «لم يكن هناك راقصة قبلي ولا بعدي في بيروت الستينيات والسبعينيات»، تقول. كانت بيروت في ذلك الحين، تنبض بالحياة، والمرابع الليلية تعجّ بالناس والنجــوم، كما تتذكر الـسيدة السبعينية. «كنت نجمةً في حينه، وأطلق عليّ الصـحافي الراحل جورج إبراهيم الخــوري لقب»سمراء لبنان»». تعود كهرمان بذكرياتـها إلى القــاهرة. تتـذكر اللحظة الأولى التي التقت فيــها الموسـيقار فريد الأطرش. «يومـها خفتُ كثيراً. كنت معجـبةً به. كان يجلس على طاولة خاصة مع شلّة من أصدقائه من بينهم صباح. أنهيت وصــلتي الغنائية وذهبت لإلقاء التحية. تملّكني الخوف وقلت له وأنا أصــافحه، اليوم لو مُتّ أموت مرتاحة، لأنني التقيت بك، ومن يومها أصبـحنا من أعزّ الأصدقاء». تدمع كهرمان وهي تأتي على ذكر فريد الأطرش. «كان أمــيراً بكل ما للكــلمة من معنى.
أستغرب اليوم كيف لا يأتي أحـد على ذكره في المقابلات إن في القاهرة أو في بيروت». وتتذكر بحــنين أيضاً علاقتها بالفنانة سميرة توفيق التــي لم تلتــقها منذ عشـر سنوات. «كان منزلهــا قريبـاً من منزلي في لندن، وكنا نلتـقي دوماً». في جعبة كهرمان ذكريات كثيرة جمعــتها بنجوم تلك المرحلة، ستكشف عنها ربما في مذكراتـها المرتقبة مطـلع عام 2013.
ربيع فران
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد