محمد الأحمد: الفيلم السوري عقدة المهرجانات السينمائية العربية و"مريم "من بين أفضل إنتاجات مؤسسة السينما
قال محمد الأحمد المدير العام للمؤسسة العامة للسينما:" إن فيلم مريم للمخرج باسل الخطيب الذي فاز مؤخراً بالجائزة الكبرى في المهرجان الدولي للسينما بمدينة الداخلة المغربية من أفضل إنتاجات المؤسسة العامة للسينما في أعوام العقد الأخير وهذا ليس غريباً على المخرج المبدع باسل الخطيب الذي يمتلك آلاف الساعات الدرامية التي ترجمت للكثير من لغات العالم حيث شكلت صورة سينمائية لافتة ورفيعة المستوى.
وأضاف الأحمد في حديث لوكالة سانا:" إن المخرج الخطيب تقدم للمؤسسة بملخص الفيلم وبعد موافقة اللجنة الفكرية التي وجدت فيه فيلماً سينمائياً كبيراً يستحق الخروج للناس كتب الخطيب بمشاركة أخيه تليد سيناريو الفيلم وتم إنتاجه مبيناً أن الفيلم منذ البداية كان متبنى من قبل المؤسسة ولم يعرضه المخرج على أي جهة إنتاجية أخرى".
وكان فيلم مريم للمخرج السوري باسل الخطيب فاز الثلاثاء الماضي بالجائزة الكبرى لمسابقة الأفلام العربية في المهرجان الدولي للسينما بمدينة الداخلة المغربية في دورته الرابعة.
وتنافست في المسابقة الرسمية للفيلم العربي في هذا المهرجان سبعة أفلام تمثل كلا من المغرب والجزائر وسلطنة عمان وسورية ولبنان ومصر وتونس.
ويتحدث فيلم مريم عن ثلاث نساء من أجيال مختلفة وينتقل من الخاص للعام ليختتم في النهاية بتحية كبيرة للوطن وتأتي أهمية الفيلم بحسب مدير مؤسسة السينما من كونه استنبط من الخاص مقولة عامة كبيرة إذ ينطلق من حكاية ثلاث نسوة في أزمنة مختلفة للحديث عن وطن بأكمله بأسلوب سينمائي فيه شجن وحنين ونبل من نوع خاص.
وقال الأحمد:" إن حصول فيلم مريم على الجائزة الكبرى من ضمن مجموعة مهمة من الأفلام العربية الكبيرة والتي حصلت في معظمها على جوائز في مهرجانات عربية أخرى هو أمر غير مستغرب مبيناً أن الفيلمين الآخرين اللذين استبعدا من مهرجاني دبي والقاهرة وهما العاشقان لعبد اللطيف عبد الحميد وصديقي الأخير لجود سعيد لو أنه أتيحت لهما فرصة المشاركة لحصلا أيضاً على جائزتي المهرجانيين المذكورين".
وأضاف:" إن عدم مشاركة الأفلام السورية في المهرجانات العربية خسارة لهذه المهرجانات ولا ينتقص من قيمة الأفلام التي ستأخذ طريقها للناس ليحكموا عليها وعلى سويتها الفنية العالية مبيناً أنه سيكون هناك عروض جماهيرية لهذه الأفلام ابتداء من منتصف شهر آذار القادم لتقدم تباعاً".
وأشار الأحمد إلى أن هناك مشاركة أخرى لفيلم مريم في العاشر من شهر آذار القادم في مهرجان سينمائي في هولندا إلى جانب مشاركات عالمية أخرى سيتم الإعلان عنها في حينها.
وقال الأحمد:" إن سورية تتعرض لحرب شرسة وقذرة فلم يحدث في التاريخ أن تم مقاطعة المنتج الثقافي والفني بين الدول حتى في أحلك الأزمات السياسية والقطيعة بين الدول لكون الثقافة أقوى من أي قطيعة".
وأضاف:" إنه بكل أسف تمت مقاطعة الأفلام السورية في كل من مهرجاني دبي والقاهرة بناء على ضغط من سينمائيين سوريين كانوا بالأمس من أبناء مؤسسة السينما التي رعتهم وقدمت لهم الكثير من الدعم منذ بداياتهم وحتى اللحظة التي قرروا فيها أن يكونوا في المقلب الآخر من الحرب على سورية".
وأكد مدير مؤسسة السينما أن عمل المؤسسة في العامين الآخيرين كان أكثر إنجازاً وعطاء في تاريخ عمل المؤسسة مبيناً أن الانتاج زاد من فيلمين إلى خمسة أو ستة أفلام حيث أنتجنا عشرة أفلام طويلة وتم دعم مشروع سينما الشباب فانتجنا عشرة أفلام العام الماضي ونعمل على انتاج خمسة وعشرين فيلما هذا العام لدعم المواهب الشابة كما زاد عدد الكتب السينمائية المطبوعة وانتظمت الحياة السينمائية أكثر إلى جانب تقديم تظاهرات سينمائية كل شهر أو شهرين.
وقال الأحمد:" إن المؤسسة حرصت خلال الأزمة ومن خلال خطة عمل وزارة الثقافة ككل على الاستمرار بالعمل وتقديم كل ما يمكن من نتاج ثقافي مميز مستفيدين من كل الإمكانات المتاحة لدينا".
وأضاف:" إن المخرج محمد عبد العزيز سيبدأ حالياً بتصوير أول فيلم من إنتاج المؤسسة لهذا العام تحت عنوان ملائكة النهار حيث سيلحق به أفلام للمخرجين نضال دوجي وباسل الخطيب وجود سعيد حيث سيتم إنتاج أفلام أكثر هذا العام الى جانب التوسع بالتظاهرات السينمائية إلى جانب زيادة طباعة الكتب السينمائية.
وأكد الأحمد أن دور وزارة الثقافة اليوم هو دور مهم وحيوي في التعاطي مع الأزمة في سورية مبيناً أنه من خلال الثقافة يتم إنجاز الكثير نحو حل هذه الأزمة كما يتم تقديم ما يجب تقديمه للوطن الذي أعطانا الكثير مستحضراً عبارة جورج برناردشو الشهيرة "حين تحضر الثقافة يغيب كل شيء آخر".
وأشار مدير مؤسسة السينما إلى أن تضافر جهود الجميع من السينمائيين السوريين المخضرمين والشباب العاملين في حقل السينما جاء على شكل ورشة عمل في المؤسسة لسير عملية الإنتاج وتقديم التظاهرات السينمائية وطباعة الكتب وترجمتها مبيناً أن كل ما يمكن تقديمه الآن هو جزء بسيط مما يمكن أن يقدم لسورية التي تعتبر الوحيدة في الوطن العربي التي تدعم السينما من الألف إلى الياء على نقيض ما يتم في غيرها من الدول العربية التي تدعم جزئياً الإنتاج السينمائي.
وقال الأحمد أن هناك آلية تحكم تبني الأفلام والعمل على إنتاجها حيث يوجد لجنة فكرية تتكون من مخرجين سينمائيين وكتاب سيناريو وشخصيات عامة وشخصيات أدبية تقوم بقراءة ودراسة أي سيناريو يقدم للمؤسسة وفي حال الموافقة على السيناريو يتم تبنيه وإسناده لأحد مخرجي المؤسسة.
وأضاف:" إن معايير الإنتاج في المؤسسة تخضع لموافقة اللجنة الفكرية التي يعاد تشكيلها كل سنة والتي تتمتع بأمزجة مختلفة ولكنها في النهاية محكومة بمنطق النقاش ومن ثم التصويت وهذا يبعد العمل عن الأهواء الشخصية والمزاجية الفردية".
وأشار مدير مؤسسة السينما إلى أن الإنتاج السينمائي يكون أكثر قدرة على العيش والاستمرار بالنجاح عندما يعتمد على رؤية جماعية لمجموعة كفؤة من الاختصاصيين مبيناً أن هذه الآلية في العمل تدخل في كل نواحي عمل المؤسسة من مهرجان السينما إلى استيراد المعدات وإنتاج الأفلام وإقامة التظاهرات السينمائية وطباعة الكتب بما يضمن العمل الجماعي.
وقال:" إن هناك الكثير من الصعوبات التي تواجهها المؤسسة في مختلف نواحي عملها نتيجة الظروف الاستثنائية من حصار وعقوبات اقتصادية وتجارية وثقافية مبيناً أنه لا يمكن استيراد معدات جديدة حالياً نتيجة هذا الحصار على سورية كما لا يمكن حالياً الاستفادة من إمكانات المدينة السينمائية على طريق المطار نتيجة ما يجري من عمليات إرهابية" مبيناً أن المؤسسة تعمل حالياً بما تملك من إمكانات بشرية ومادية لديها.
وعبر الأحمد عن تفاؤله الكبير بمستقبل السينما السورية بعد الخروج من الأزمة الحالية معتبرا أن أعظم المدارس السينمائية والتجارب السينمائية والفنية والموسيقية والتشكيلية خرجت ما بعد الأزمات.
وأكد الأحمد أن جوهر المشكلة السينمائية في سورية يكمن في قلة عدد صالات العرض وان الفيلم السوري موجه بالأساس للإنسان السوري ولكن نتيجة قلة فرص العرض تأخذ هذه الأفلام سمة النخبوية والتوجه للمهرجانات.
وقال:" إن مؤسسة السينما قدمت كل ما يمكن عمله من إعداد قوانين ومراسيم والتي صدرت فيما بعد وصارت نافذة لإعادة تأهيل الصالات القديمة وإقامة صالات عرض جديدة في سورية ولكن للأسف لم يستجب أصحاب الصالات لهذه القوانين والمراسيم للبدء في التوسع بإنشاء الصالات وتأهيلها".
وأضاف:" إن المشكلة التي يتذرع بها أصحاب دور السينما هي عدم وجود تمويل مالي لهم مما يتطلب جهوداً في أماكن أخرى في الدولة منها الجانب الاقتصادي من مصارف وغيرها وجهات إدارية لتسهيل عمل هذه الصالات لتكتمل الحلقة السينمائية ويكون لدينا حياة سينمائية صحيحة.
وبين الأحمد أن التطور السينمائي قادم إلى سورية بحكم المنطق والتاريخ العريق لسورية في هذا المجال مبيناً أن المستقبل سيكون أفضل للسينما السورية وللثقافة السينمائية في سورية بشكل عام.
وأكد مدير المؤسسة أن السينما السورية مقدرة ومحترمة على الصعيد العربي والعالمي ونادراً ما شارك فيلم سوري في أي مهرجان عربي أو إقليمي أو عالمي ولم يعد بجائزة وهذه النوعية العالية للفيلم السوري هي ما نعول عليه في مواجهة الحرب التي نشهدها حالياً علينا كما أن لنا علاقات مميزة مع السينمائيين في العالم تراكمت عبر تاريخ عمل المؤسسة لأربعين سنة مما شكل رصيداً كبيراً للسينما السورية وهذا لصالح الفيلم السوري وتسويقه عالمياً.
ولفت الأحمد إلى أهمية تعاطي الصحافة السورية مع عمل المؤسسة العامة للسينما بكم أكبر من المحبة نحو ما تقدمه من إنتاج سينمائي مهم مبيناً أن توقف عمل المؤسسة سينجم عنه توقف الإنتاج السينمائي الوطني لعدم وجود أي بديل حالي مما يشكل ضرراً بالمنتج السينمائي السوري.
كما أكد المدير العام للمؤسسة العامة للسينما على أهمية وجود معهد عال للسينما لتكتمل حلقة الإنتاج السينمائي وليتم تأهيل نقاد سينمائيين مؤهلين للنهوض بواقع النقد السينمائي في سورية وللوصول إلى سينما سورية حقيقية لها أعراف عريقة وواضحة والانتقال من تقديم تجارب سينمائية إلى صناعة سينمائية متكاملة.
سمير طحان: سانا
إضافة تعليق جديد