السوريون أمام يوم أسود: الشيطان الكيميائي و«حكومة» تقسيم برئيس أمريكي والناتو يجهز قواته
دخلت سوريا، أمس، أخطر مرحلة في تاريخ الأزمة التي دخلت عامها الثالث قبل أيام، مع مقتل وإصابة العشرات في سقوط صاروخ كيميائي على حي خان العسل في ريف حلب. وبالرغم من ان السلطات السورية والمسلحين تبادلوا الاتهامات حول من يتحمّل مسؤولية الهجوم، فإن المؤكد أنه قد تم إخراج «شيطان الكيميائي من القمقم» للمرة الاولى، وهو ما يثير مخاوف إقليمية ودولية تتعدى سوريا.
وجاء «الهجوم السامّ» على حلب، والذي أدّى الى مقتل 31 شخصاً، بينهم 10 جنود سوريين، بعد ساعات من إعلان غسان هيتو، الأميركي الجنسية الكردي الهوية و«الاخواني» الهوى، الذي انتخبه «الائتلاف الوطني» السوري المعارض «رئيساً للحكومة المؤقتة»، بدعم واضح من جماعة الإخوان المسلمين، عن رؤيته الاولية لإدارة المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق، ما يثير هواجس التقسيم التي تخيّم على السوريين، بالاضافة الى زيادة حدة العنف، مع رفضه اي حوار مع النظام السوري وتأكيده أن الاولوية لتأمين دعم عسكري للمسلحين لإسقاط النظام بكل اركانه.
وفي حين اتهمت موسكو مسلحي المعارضة بالوقوف وراء الهجوم الكيميائي على خان العسل، واصفة ذلك بأنه سابقة خطيرة، معربة عن مخاوفها من سقوط الأسلحة الكيميائية بأيديهم، سارعت واشنطن ولندن إلى تبرئة المسلحين، واعتبرتا أن النظام قد يكون يقف خلف هذا الأمر، و«إذا ثبت ذلك فيجب أن يكون هناك رد حاسم».
وفي التفاصيل أن صاروخاً سقط في منطقة خان العسل في ريف حلب، بعد أيام من استرداد القوات السورية للمنطقة من المسلحين، ما أدى إلى مقتل 31 شخصاً، بينهم 10 جنود سوريين، وإصابة 110، غالبيتهم في حالة خطرة، بحسب ما أعلن نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد.
وقالت مصادر في المنطقة إن عددا كبيرا من الأشخاص أصيبوا باضطرابات عصبية وخلل في التنفس وتقلص في حدقات العين ثم نوبات من التقلصات العضلية الشديدة يصعب معها تحكم الجهاز العصبي بالعضلات، وهو ما يقود إلى الوفاة اثر الاختناق الناجم عن التشنج، وهي أعراض تشير إلى التسمم بغاز السارين القاتل.
وقال مصور من «رويترز» إن المصابين نقلوا إلى أربعة مستشفيات في المناطق الواقعة تحت سيطرة القوات السورية في حلب. وأضاف «رأيت في الأغلب نساء وأطفالا. قالوا إن الناس يختنقون في الشوارع والهواء مشبع برائحة الكلور، إن الناس يموتون في الشوارع وفي منازلهم».
وكشف القائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي في اوروبا الأدميرال الأميركي جيمس ستافريديس، خلال جلسة استماع أمام لجنة في الكونغرس الأميركي، أن حلف شمال الأطلسي يضع خططا طارئة من أجل تدخل عسكري في سوريا وأن القوات الأميركية قد تكون جاهزة للمشاركة إذا اتخذ قرارٌ بالتدخل في مجلس الأمن الدولي.
وقال ستافريديس إن واشنطن «تدرس عدداً من العمليات. نحن على استعداد للتورط اذا استدعينا». وأعلن أن «الاطلسي» يدرس عدداً من الخيارات لدعم المعارضة السورية المسلحة لكسر الجمود، لكنه شدّد على ضرورة صدور قرار من مجلس الامن او اتفاق دول الحلف قبل قيام «الأطلسي» بأي دور عسكري في سوريا، معتبراً انه «لا يوجد حالياً أي افق لانتهاء الحرب الاهلية». وأشار إلى أن المحادثات بين دول «الأطلسي» تركزت على فرض حظر طيران واستهداف الدفاعات الجوية وتقديم أسلحة فتاكة إلى المعارضة السورية وفرض حظر تسليح للسلطات السورية.
وقال، رداً على سؤال حول ما إذا كان هناك تفكير باستهداف الدفاعات الجوية السورية، «نعم». وأشار إلى انه يمكن توجيه أنظمة صواريخ «الباتريوت» التي تم نشرها في تركيا قرب الحدود السورية من أجل إسقاط الطائرات السورية، معتبراً ان القيام بهذا الأمر سيبعث برسالة قوية للطيارين لمنعهم من التحليق فوق المنطقة.
ورفض غسان هيتو، بعد ساعات من انتخاب «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» له «رئيساً للحكومة المؤقتة على المناطق المحررة» في سوريا أي حوار مع النظام السوري. وقال هيتو، في اسطنبول، «لا يمكن لأي قوة في العالم أن تفرض على شعبنا خيارات لا يرتضيها. ونؤكد لشعبنا السوري العظيم أن لا حوار مع النظام الاسدي، وستنطلق الحكومة من مبدأ تأكيد السيادة الكاملة والوحدة، والإصرار على إسقاط نظام الأسد بكل أركانه باستخدام كل الأساليب».
وتحدّث هيتو عن العناوين الرئيسية التي ستسير عليها «حكومته». وقال «ستبدأ الحكومة عملها من المناطق المحررة، وستمهد للشعب وبرعاية الائتلاف الطريق نحو المؤتمر الوطني العام بعد سقوط النظام وصولاً إلى انتخابات حرة شفافة تعبر عن تطلعات الشعب السوري». وأضاف إن «الحكومة ستعمل كل ما في وسعها لبسط سيطرة نواة الدولة السورية الجديدة في المناطق الحرة تنظيمياً وإدارياً بشكل تدريجي، وبالتعاون الوثيق مع قيادة أركان الجيش الحر والكتائب». وشدّد على أن «الأولوية تبقى لتأمين الدعم العسكري والمالي للجيش الحر وهيئة الأركان والثوار بهدف إسقاط نظام بشار الأسد بكل أركانه قبل كل شيء».
وشكر قطر وتركيا والسعودية وفرنسا وبريطانيا وايطاليا والولايات المتحدة «على الدعم السياسي والمادي». ودعا المجتمع الدولي إلى «السماح للحكومة الجديدة بشغل مقعد سوريا في الأمم المتحدة والجامعة العربية والمنظمات الإقليمية والدولية، الأمر الذي سيمكّن الحكومة الجديدة من استلام السـفارات وتســييرها، والاعتراف بهذه الحكومة ممثلة للدولة السورية فوق أي ارض وتحت أي سماء».
وعلى الرغم من تقديمه على أنه «رجل التوافق» الذي يحظى باحترام الإسلاميين وقبول من الليبراليين، فإن هيتو لم يحصل على إجماع أعضاء «الائتلاف»، حيث أن عدداً من هؤلاء غادروا قاعة الاجتماع لدى بدء التصويت أمس الأول. ونال هيتو 35 صوتاً من أصل 49 شخصاً شاركوا في الاقتراع. وأعلن البعض أن سبب رفضهم لهيتو هو انه «مفروض من جماعة الإخوان المسلمين». وقال كمال اللبواني «لا نريد أن يتكرر في سوريا ما حصل في مصر. لقد حوّلوا الثورة عن مسارها».
وأوضح عضو في «الائتلاف» أن «المجلس الوطني» ربط موافقته على تشكيل «حكومة مؤقتة» بإعلان رفض الحوار مع النظام. وقال «بعد أن تمّ الاتفاق على ذلك، دعم المجلس هيتو» في الانتخابات.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن مصادر مطلعة في القاهرة قولها إنه «من المنتظر أن تتم الموافقة خلال القمة العربية التي ستعقد في الدوحة في 26 و27 آذار الحالي على أن يحتلّ الائتلاف مقعد سوريا في القمة بشكل رسمي، خاصة بعد تشكيل حكومية سورية مؤقتة برئاسة هيتو، بحيث تكون تلك الحكومة المؤقتة مكلفة إدارة المناطق التي تسيطر عليها المعارضة». وأشارت إلى أن «هناك مطالب من الائتلاف أن يتمّ تسليمه مقار السفارات السورية في الدول العربية وكذلك في الدول الأخرى، إلا أن هذا المطلب قد يصطدم برفض عدد من الدول في المرحلة الحالية».
ونقلت وكالة الأنباء القطرية (قنا) عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية القطرية قوله إن «انتخاب رئيس للحكومة السورية المؤقتة يُعدّ خطوة مهمة للاستعداد للمرحلة الانتقالية، والمشاركة السياسية الشرعية، خاصة بعد صدور قرار حصول المعارضة السورية على مقعد سوريا في جامعة الدول العربية». وأعرب عن «ترحيب قطر بمشاركة المعارضة السورية ممثلة برئيس الحكومة المؤقتة في اجتماع جامعة الدول العربية على مستوى القمة في الدوحة».
وعبرت وزارة الخارجية الروسية عن «أسفها العميق» لانتخاب «رئيس حكومة» للمعارضة. وقال المتحدث باسـم وزارة الخـارجية الروسـية الكسندر لوكاشيفيتش «لن يؤدي القرار سوى إلى تعميق حالة عدم الاستقرار الداخلي في سوريا، ويزيد من احتمال انقسام البلاد، ويؤثر ليس فقط على من يدعمون الحكومة الشرعية الحالية، بل أيضاً على هياكل المعارضة التي ليست جزءاً من الائتلاف».
في المقابل، رحبت كل من فرنسا والولايات المتحدة بالانتخاب وأعربتا عن أملهما ان يتمكن من «توحيد المعارضة وترسيخ تماسكها»، لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية فيليب لاليو أشار إلى أن باريس لم تصل بعد إلى حد الاعتراف الرسمي به «كرئيس حكومة».
المصدر: السفير+ وكالات
إقرأ أيضاً:
أسلحة الدمار الشامل الليبية بأيدي إرهابيي سوريا والإفتتاح في "خان العسل"
إضافة تعليق جديد