تقديس شعر المرأة وجز الناصية في المجتمعات الشرقية

05-05-2013

تقديس شعر المرأة وجز الناصية في المجتمعات الشرقية

الجمل- بشار بشير: بماذا يمتاز الشَعر على بقية أجزاء الجسد ؟ لماذا التركيز على تغطية الشعر ؟ كيف نشأت فكرة غطاء الرأس أو الحجاب ؟ هل تغطية الرأس تدخل ضمن الإجتماعي أم المناخي أم الديني ؟

للشَعر قداسة خاصة عند الحضارات البشرية هو مرتبط منذ القدم بالقوة العضلية والجنسسية عند الذكور(شمشون مثلاً ) وعند العرب الذين كانو يسبلون شعورهم أويجدلونها أويجعلوها ذؤابات كان جز الناصيه (قص الغرة عنوة ) دليل على سلب الرجولة والإهانة القصوى . وحلق الشعر كجزء من الشعائر الدينية مثل الحج في الجاهلية والإسلام هو تعبير عن الخضوع للإله أو تعبير عن التضحية بشيء مهم معنوياً من الجسم ومقدس لصالح الإله. هل ينسحب هذا ولو بدرجة أقل على النساء ؟ فكما الشَعر مقر للقوة الذكورية هل هو أيضاً مقر للقوة الأنثوية وهي هنا على الأغلب قوة جنسية فقط . كان على النساء تغطية شعرهن أثناء الشعائر الدينية و يوجد لوحات تدمرية تظهر نساء مختمرات ( يضعن خمارهن على رؤوسهن ) أثناء موكب أحد الآلهة هنا على الأغلب لا مجال لإظهار مقدس آخر مع الآلهة , أما الرجال فرؤوسهم مغطاة دائماً بأشكال وأنواع متعددة من الأغطية والرجل الذي لا يضع غطاءً للرأس هو إما عبد أو في أدنى السلم الإجتماعي . وأعتادت النساء عند الخطوب إسقاط غطاء رأسهن وشد شعرهن إما تعبيراً عن الخطب الجلل أو تحريكاً لحمية الذكور وإذا أردن زيادة الجرعة فإنهن يحثون شعرهن بالتراب أو يقصصنه ( هي إزالة للقدسية عن المقدس تعبيراً عن الحزن أو الأحتجاج ). هل أتت هذه القدسية نتيجة لأنثوية الشعر و للإيحاءات الجنسية التي يقدمها ؟ أشك بذلك فالإهتمام الأسطوري بالشعر بدأ بشَعر الذكور وليس بشَعر الإناث لذلك أميل إلى عكس الفرضية إن التقديس الذي مُنح للشَعر و هالة الغموض التي تحيط به وبمعناه وبالقوى التي يمنحها هي التي تحولت فيما بعد عند البعض إلى نوع من الأفتتان الجنسي . كان العرب "كشعائر" دينية يقدمون "الشعير" والحنطة كقرابين و تقدمات للآلهه وينشدون الأناشيد "الشِعر" كنوع من الإبتهال ويقصون "شَعرهم" كجزء من طقوس التعبد "فيشعرون " برضى الآلهة عليهم, هل لهذا علاقة بأن كل تلك الكلمات لها جذر واحد: شعائر و شعير وشِعر وشَعر وشُعور . نادرة هي الشعوب أو القبائل التي لا يستر أفرادها أعضاءهم التناسلية مهما أوغلوا بالبدائية مما يمكننا من القول أن الإنسان البدائي ربما بدأ بستر أعضاءه التناسلية قبل أن يحتاج للملابس ولا أظن أن تغطية هذا الجزء من الجسم كان لإتقاء البرد مثلاً لأن أكثر التجمعات البشرية الأولى كانت في مناطق معتدلة أوحارة لا حاجة فيها لتغطية أسفل البطن تحديداً , والقبائل الأفريقية والأسترالية التي لازالت تحتفظ ببدائيتها تغطي منطقة الخصر وأسفل البطن فقط دون أن يستعملوا غطاءً للكتفين أو للصدر أو للرأس . هل لهذا علاقة بقدسية معينة للأعضاء التناسلية عند الإنسان البدائي مما جعله يفكر بستر أو تغطية هذا الجزء المقدس الذي لا يجب أن يكون معروضاً كغيره من أعضاء الجسم , لابد أن للقدسية علاقة بالموضوع فالأعضاء التناسلية المؤنثة والمذكرة كانت محل عبادة وتقديس في الديانات الأولى وكانت تعتبر آلهة وتشيد لها المعابد (الديانات السورية القديمة)على الأغلب لعلاقتها بخلق الحياة. مالذي سحب هذه القدسية على الشَعر هل بدأ الأمر بعادة وضع غطاء (قبعة) للرأس عند تأدية شعائر ما دينية (على الأغلب) كنوع من التميز للكهنة والقادة , وهل أنسحب الأمر ليصبح غطاء الرأس أمتيازاً لطبقات معينة تميز نفسها بأغطية الرأس ثم أختلط الأمر ليصبح مزيجاً ما بين أحترام الشَعر المقدس و التميز الإجتماعي الطبقي المرتبط بتغطية الرأس ( الشَعر) وهل لإستمرار نمو الشعر بعد قصه علاقة بقدسيته وكأنه كناية عن التجدد الدائم للحياة , وهل لهذا علاقة بأن بعض النساك والكهنة الذين ينذرون أنفسهم للمعابد يزيلون شعرهم تماماً كناية عن التبرع التام بنفسهم للإله ,أو كناية عن زهدهم بهذه الدنيا بإنتظار البعث والخلود. جرت العادة أن يغطي الرجال وخاصة رجال الدين رؤوسهم لكن من يحلق رأسه لأسباب دينية أو شعائرية يكشف رأسه ,هل هذا لإظهار تضحيته , أم لأن المقدس زال أي الشعر فلا حاجه بعده للغطاء , أم هل هو الزهد وعدم الرغبة بأي تميز أجتماعي عن طريق غطاء الرأس ( سواء الطبيعي أي الشَعر أو اللباسي ) . هل كانت بعض الراهبات يطبقن هذه الطقوس الذكورية وهل ينطبق عليهن ما ينطبق على الذكور من عدم الحاجة لغطاء الرأس إذا أزيل الشعر.

حسب فتوى الأزهر الأخيرة فالحجاب هو عادة اجتماعية وليست فرضاً دينياً ( وليضربن بخمُرهن على جيوبهن . النور 31 ) ولم يقل وليضربن بخمورهن على رؤوسهن أو على شعرهن ( والله أعلم ), ومنشأ هذه العادة ( الحجاب) كما يقال هو العهد العباسي الذي كثرت فيه السبايا والإماء فكثر التعرض لهن و للنساء عامة فصدر قرار بأن تستر الحرة رأسها ووجهها لتتميز عن العَبدة الأَمَة فتُصان ولا يتعرض لها أحد , لماذا لم يُطلب من الإماء أن يستروا أو يغطوا رؤوسهن بدل الحرائر ؟ لأن وضع غطاء على الرأس للنساء أو للرجال في العرف المجتمعي هو للطبقة الأعلى وليس للأدنى , يمكننا أن نلاحظ هنا أن غطاء الرأس لم يكن لأسباب دينية بقدر ما كان لأسباب أجتماعية وتنظيمية . نساء الشام حتى اليوم تلبس بعضهن ( ملاية ) وهي عبارة عن كساء فضفاض للجسم و غطاء لشعر الرأس يمتد منه ستارة شبه شفافة للوجه ( ربما من هنا أتى اسمها ملاية أي ملاءة أي ستارة أوجلالة ) هذا اللباس كان يمكن أن تجده حتى وقت قريب في مالطة حيث هو لباس النساء هناك. مالطة كانت مركز تجمع الصليبين الآتين للشرق بحراً وكثرين منهم وخاصة النبلاء والأمراء اصطحبوا زوجاتهم معهم و كن يرتدين لباساً شبيهاً بالملاية التي أخذتها منهم نساء مالطة ومن ثم نساء سورية ( من المعروف أن الأوروبيين كانوا متشددين في تلك الأوقات بموضوع لباس المرأة المعبر عن عفتها وهم الذين اخترعوا حزام العفة ولعلهم الوحيدين من الشعوب الذين استعملوه ) أيضاً لباس النبيلات الصليبيات (مع تعديلات طفيفة ) هو ما تلبسه الراهبات المسيحيات الآن . وهكذا استعمل نفس اللباس (الكوستوم) إسلامياً ومسيحياً , لاتزال الراهبات يستعملن نفس اللباس أما الملاية فتطورت ( في بعض المناطق ) قليلاً مع الموضة وأصبحت عَباءة وبرقع. لم أجد سبباً لطغيان اللون الأسود على هذه الألبسة وهو اللون الذي لا زال معتمداً حتى اليوم، هل اعتمد لأنه الأقل لفتاً للإنتباه أم هل اعتمد لأن رجال الدين يفضلونه نظراً لهيبته ورسميته أم هل اعتمد لأسباب أقتصادية فالأسود هو الصباغ الأرخص وهو لا يكلف الكثير من التنظيف والعناية كغيره من الألوان ( إسلامياً كان الرسول "ص" يفضل من الألوان الأبيض و المصبوغ بالزعفران أي الأصفر والأخضر و الأحمر ). شعوب غير متشابهة لا اجتماعياً ولا عقائدياً تتبنى نفس الفكر باللباس و تقتبس من بعضها اللباس أظن أن القاسم المشترك هو ذكورية المجتمع الذي يعتبر المرأة ملكية ويعاملها على هذا الأساس وأحد أشكال هذه المعاملة إلباسها بما يتناسب و مصادرتها لصالح الذكر , وقد يكون العكس، قد يكون لبس الحجاب والألبسة الفضفاضة التي لا تظهر تضاريس الجسم وذات الألوان الغير ملفتة للنظر هو خيار أنثوي غير واعي كرد فعل على ذكورية المجتمع فالأنثى هنا تجهد لإلغاء كل مظاهر أنثويتها لتقدم نفسها للمجتمع بأقرب صورة للذكورية , لعلها رشوة: أنا أتخلى عن أنوثتي وأنت تقبلني اجتماعياً .

حتى نزول آية الضرب على الجيوب كانت المرأة في الجاهلية والإسلام لا تغطي ثدييها، ويذهب كثيرون بأن الضرب على الجيوب القصد منه تغطية الصدر وليس حجاب الرأس , واستمر حال الإماء (العبدات) هكذا لا يسترن جسمهن حتى وقت متأخر من العصر العباسي فليس على الأَمَة حجاب أو لباس عفة حتى لو كانت مسلمة فلباس العفة للحرائر فقط وهذا يجنح بنا للتأكيد أن موضوع اللباس اجتماعي أكثر منه ديني فدينياً المطلوب هو لباس لا يخفي شخصية المرأة وأن لايتسبب لها بإيذاء ( ذهب البعض للقول أنه يجب على اللباس أن لايسبب إيذاءً لا إجتماعياً ولا مناخياً ) راجع سورة الأحزاب آية59 . قيل كلما تحضرت المرأة في القبائل الأفريقية زادت من ملابسها وكلما تحضرت المرأة الأوروبية قللت من ملابسها ,بالنسبه لبعضهن الموضوع ليس تحضر أو موضة أوفروض دينية هو موضوع مناخ فنساء قبائل التوندرا و سيبيريا وألاسكا يلبسن فراءً يغطي كل الجسم فلايظهر منه شيئاً . يبقى الخط الأحمر الأساسي هو تغطية الأعضاء المقدسة الأصيلة ( الأعضاء التناسلية ) أما الشعر الذي حاز القداسة متأخراً ( وبشكل معنوي أكثر منه بنيوي ) فسيبقى موضوع تغطيته محل أخذ ورد هل هو عادة أجتماعية أم مناخية أم أنه يدخل ضمن المقدس بشكل أصيل .

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...