الاسكتلندي إيان بانكس.. «السرطان لا يرحم»
في 3 نيسان الماضي، أعلن الكاتب الاسكتلندي إيان بانكس من على موقعه على الانترنت أنه مريض، وبأنه مصاب بسرطان في المرارة، وقد انتشر ليصيب «البنكرياس». كان يتكلم بهدوء، وبسخرية أيضاً. وهذه السخرية العميقة التي تميزت بها أعماله، جعلته يطلب من صديقته قائلا (في الخبر الذي نشره) «يا حبذا لو تشرفيني وتصبحي أرملتي». لم يجد إلا تلك اللحظة الحاسمة، ليطلب يدها للزواج. في أيّ حال، منذ يومين (9 الحالي) أصبحت آديل (صديقته) أرملته، إذ غيبه المرض بعد معاناة قصيرة، ليرحل واحد من أهم الكتّاب البريطانيين، إذ اختارته صحيفة «التايم» في العام 2008، واحداً من أعظم خمسين كاتباً بريطانياً منذ العام 1945، أي بعد فترة الحرب العالمية الثانية، كما أنه «أحد الكتّاب المفضلين لدى البريطانيين، وهو كاتب من الصعب تعويضه في عالم الأدب»، وفق البيان الذي أصدره ناشره بُعيد رحيله.
هو إذاً كاتب مرموق، ومع ذلك، لا يعرف القارئ العربي عنه الكثير، ولا حتى يعرف مواقفه المشرفة تجاه القضايا العربية، إذ كان من قلّة وقفت في وجه طوني بلير في العام 2003، مندّدا بالتدخل العسكري في العراق، وليعبر بصوت عال عن هذا الاحتجاج، ما كان على بانكس إلا أن مزق جواز سفره البريطاني ليرسله في البريد إلى «10 داونينغ ستريت»، أي إلى مجلس الوزراء. كذلك لم يتوقف طيلة السنين الأخيرة، من الدفاع عن القضية الفلسطينية مندداً بالأعمال التي تقوم بها دولة الاحتلال وعلى جميع الصعد. من دون أن ننسى نضاله من أجل البيئة، إذ باع في العام 2006 سياراته الثلاث من أجل دعم قضايا البيئة.
وإذا كانت مواقفه السياسية أثارت الكثير من الجدل، فقد شكل أدبه أيضا مادة مثيرة للقارئ ومنذ روايته الأولى «ذي واسب فاكتوري» (مصنع الدبابير، التي صدرت العام 1984) التي تتحدث عن شخص غريب الأطوار ارتكب في طفولته جريمة راح ضحيتها 3 أطفال من بينهم أخوه الأصغر وابنة عمه.
ولد بانكس في 16 شباط من العام 1954، ودخل إلى عالم الأدب وهو في الثلاثين من عمره، لتعرف روايته الأولى النجاح الكبير، ولتأتي بعدها بالتتابع 12 رواية، بالإضافة إلى 12 رواية أخرى تنتمي إلى «الخيال العلمي»، منها سلسلة تقع في 9 روايات بعنوان «الثقافة»، وهي عن حضارة في إحدى المجرات الخارجية، حيث يصف لنا حياتها وطريقة عملها وكل الأحداث التي يمكن أن تقع هناك.
إنتاج لا يستهان به، ويجد المقربون منه أنه كان يكتب بسرعة كبيرة، إذ يمكنه إنهاء كتابة رواية في مدة 3 أشهر فقط، ومن المفترض أن تصدر روايته الأخيرة في 20 حزيران الحالي، وهي بعنوان «الحِرفة»، ولتخفيف عبء المرض عنه، قامت دار النشر بتسليمه بعض النسخ الأولى، وقد حاولت أن تقدم تاريخ نزول الكتاب إلى المكتبات من أجل أن تتيح له رؤيته معروضاً في الواجهات، إلا أنها لم تتمكن من ذلك «إذ إن السرطان لا يمتلك أي فكاهة حين يصيب الجسد» (على قول ناشره).
إسكندر حبش
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد