استعدادات إسرائيل للعودة إلى المفاوضات: بحث قانون يُلزم الاستفتاء على أي تسوية
تجري الاستعدادات في كل من واشنطن وتل أبيب ورام الله لعقد أول محادثات بين حكومة بنيامين نتنياهو والسلطة الفلسطينية برعاية أميركية. ومن المقرر أن تناقش الحكومة الإسرائيلية هذين اليومين مسألة استئناف المفاوضات وتصادق على الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين القدامى، الذين تقرر حل مسألتهم في إطار مبادرات حسن النية المتبادلة. وبرغم معارضة عدد من مكونات الائتلاف الحكومي لفكرة سن قانون يلزم بإجراء استفتاء شعبي على أي حل نهائي مع الفلسطينيين، فإن الغالبية مضمونة في الحكومة لإقرار مشروع قانون كهذا.
وبدا مؤكداً أن المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية ستجري في العاصمة الأميركية قبل الرابع من آب المقبل. وأشارت صحيفة «يديعوت» إلى أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري يعكف على تشكيل طاقم أميركي محترف لإدارة المحادثات، وأن القرار بشأن مارتن اينديك لم يتخذ بعد.
ولم تؤكد المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جين بساكي أو تنف المعلومات عن تعيين إينديك. وقالت في مؤتمر صحافي إن «هذه المرة الاولى التي يتفق فيها المفاوضون الرسميون من الطرفين علناً على اللقاء على هذا المستوى». إلا انها لم تحدد موعدا لاستئناف المحادثات، مؤكدة ان المسؤولين الاميركيين «على اتصال مع الطرفين في اليومين الاخيرين، لكن ليس هناك معلومات حول التاريخ بعد».
وأضافت بساكي «الآن نواصل المضي قدماً. تم بذل الكثير من العمل والتسويات والتضحيات حتى الآن»، لكنها شددت على أنها ستحترم التزام كيري إبقاء تفاصيل المحادثات سرية لاعطائها أفضل فرص للنجاح. وأوضحت أن كيري يركز حالياً «على جمع افضل تركيبة للاعبين للعمل مع الاطراف»، مضيفة انه لم يتخذ اي قرار حول مفاوض او مبعوث بعد، حيث ان «العملية ستكون مليئة بالتحديات ولا يمكن ان يقودها وحده كل يوم بيومه، لذلك نسعى الى تشكيل فريق مفاوضين».
ورداً على سؤال عن مؤهلات اينديك، قالت بساكي «من الواضح انه محترف يحظى باحترام شديد ولديه خبرة وخلفية كبيرتان... لكن ليست لدي معلومات أخرى حول تشكيلة الفريق».
وفي الجانب الإسرائيلي قرر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عقد اجتماع قريب وخاص للحكومة لمناقشة العودة إلى المفاوضات مع الفلسطينيين ولإقرار قانون الاستفتاء الشعبي. لكن الصحف الإسرائيلية أشارت إلى أن القرار الأكثر حساسية الذي سيتخذ في هذه الجلسة هو المتعلق بالإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين القدامى.
وذكرت «معاريف» أن الحكومة تنوي تخويل طاقم وزاري من كل الكتل الائتلافية لاتخاذ القرار بشأن الإفراج عن 85 معتقلاً منذ قبل التوقيع على اتفاقيات أوسلو العام 1993. وبحسب التفاهمات، فإن إسرائيل لن تفرج عن هؤلاء المعتقلين إلا بعد انتهاء دورة الجمعية العمومية للأمم المتحدة أي في شهر أيلول للتأكد من أن السلطة الفلسطينية ستنفذ جانبها في مبادرات حسن النية، ولن تطلب اعتراف الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية.
وكان نتنياهو الذي يتعرض لضغوط واسعة من أوساط يمينية أكثر تطرفاً قد شدد في الكنيست على أنه هو من يقود الاقتراح القاضي بأن تُطرح كل تسوية سياسية مستقبلية للاستفتاء الشعبي. وقال إن «السلام مع جيراننا يستوجب سلاماً في داخلنا. السبيل الى ضمان السلام في داخلنا هو من خلال الاستفتاء الشعبي».
وكان زعيم «البيت اليهودي»، نفتالي بينت قد أعلن أنه اذا لم يتم الدفع الى الأمام بقانون الاستفتاء الشعبي فإنه لن يؤيد إقرار ميزانية الدولة. وقال بينت إنه «مع مرور ثماني سنوات على فك الارتباط و20 سنة على أوسلو لن أساهم في اتفاقات الميتسوبيشي. الاستفتاء الشعبي هو السبيل الوحيد لمنع شرخ في الشعب».
وسيطرح مشروع القانون الاساس أي الاستفتاء الشعبي ابتداء من اليوم على الكنيست لاقراره بقراءة عاجلة بمبادرة ثلاثة من النواب من الائتلاف، وهم رئيس الائتلاف ياريف لفين من الليكود، وأييلت شكيد واوريت ستروك من «البيت اليهودي»، وبتشجيع من نتنياهو. ومعروف أن زعيم «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان ووزيرة العدل تسيبي ليفني يعارضان مشروع قانون الاستفتاء الشعبي على اعتباره «تهرباً من المسؤولية». ولكن هناك إشارات بأن مشروع القانون هذا يحظى بغالبية كبيرة في الحكومة. ومن المقرر أن يقر نتنياهو مشروع القانون في اجتماع الحكومة يوم الأحد المقبل.
وانتقدت افتتاحية «هآرتس» اندفاعة نتنياهو نحو الاستفتاء الشعبي، وهو ما يلح عليه نفتالي بينت وهدد استقرار الحكومة بصدده. وأشارت الصحيفة إلى أن «فكرة الاستفتاء الشعبي تبدو نظرياً كفكرة جميلة وديموقراطية، ولكن الواقع مختلف: فالدافع خلف المبادرة الحالية، التي يحثها بشدة الوزير بينت، في ظل التهديد بالانسحاب من الائتلاف هي تطويق الحكومة والكنيست وتعسير تحقيق اتفاق مع الفلسطينيين. ومعنى جعل قانون الاستفتاء الشعبي قانوناً اساس هو أن الكنيست لا يمكنه أن يلغيه الا بغالبية تزيد على 61 نائباً على الأقل».
وأشار المراسل العسكري لـ«هآرتس» عاموس هارئيل إلى أن استئناف المفاوضات وضع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أيضاً في وضعية مركبة. وكتب أنه «بسبب خلاف شديد في الرأي العام، وفي أوساط قيادة حركة فتح بشأن خطواته، وضعف حماس، لأسباب بينها تغيير الحكم في مصر، يفكر عباس الآن بالإعلان عن انتخابات جديدة في السلطة، وهي خطوة لم تتم منذ فوز حركة حماس بالانتخابات البرلمانية في العام 2006».
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد