«الإبداع الروائي»: احتفاء ناقص بغادة السمان!
لعلّ برنامج «الإبداع الروائي» الذي يحتفي بتجارب الروائيين السوريين على «الفضائية السورية»، مثال حي على البرامج التي تحتفي بالمبدعين لكن من دون أن يجهد فريق الاعداد لتقديم صورة لائقة بالمكرّم، فيأتي الاحتفاء أعرج. وهذا ما جاءت عليه الحلقة التي خصصت للروائية غادة السمّان (إعداد إلهام سلطان، وتشاركها في الإعداد وقراءة التعليق هدباء العلي). فعلى الرغم من الشهادات العديدة التي قدمها البرنامج لبعض الأدباء والنقاد، وهي للروائيين ياسين رفاعية، سمر يزبك، عدنان كنفاني. ود. عادل الفريجات، د. ماجدة حمود، د. ملكة أبيض والشاعرة هنادة الحصري، فإن البرنامج أضاء فقط على الجوانب الشخصية للروائية السمان، مع إشارات خافتة لإبداعها.
بديهي أن الصحيح يتجسّد في أن يوازن البرنامج بين الجانبين. يصح السؤال مثلاً عن استطراد عدنان كنفاني في الحديث عن رسائل شقيقه غسان كنفاني إلى غادة السمان، وميعاد إصدار السمان لها، حتى خرجت الشهادة عن هدف البرنامج، فافتقدنا الحديث عن تجليات المكان عند الروائية، هي التي سكنت في بيروت ولندن وباريس. كما افتقدنا معرفة كيف تطورت بنية السرد في رواياتها، وصورة لغة الحوار عندها، وغيرها.
كان بإمكان البرنامج أن يقدّم صورة عن العلاقة الجدلية بين خطاب السمان وخطاب شخصياتها بشكل أعمق. وللحقيقة، تمت ملامسة نقطة فنية واحدة على صعيد طباعة النص بصرياً من قبل د. أبيض، والهدف من هذه التقنية. كما تحـدّث الفريجات باختصار شــديد عن الـغرائبية في روايات السمان، وهو مفصل هام كان يمكن بحثه بشكل أوسع. فالتجربة الإبداعية للروائيــة الســمان تختزن العديد من المفاصل الفــكرية والفنية التي من المفترض أن يعرض البرنامج لأهــمها بشكل يعــطي التجــربة حقــها. فهي تجربـة، برأينـا، لا يوازيـها في المدونـة الروائية العــربية أية تجــربة أخرى سواء على صعيد الكم، أو على صعيد ترجمتها إلى لغــات قومية أخرى، أو على صعيد الطبــعات التي صدرت فيها أعمالها والتي وصل بعضها إلى عشر طبعات. ربما يجب البحث في تقديم مثل هذه التجارب الإبداعية على ان يكون إعدادها على طريقة الندوات النقدية، طبعاً بعد اختيار النقاد والأدباء الأكثر خبرة بتجربة المحتفى به. فبتلك الطريقة المتـقنة وحدها يخرج الإعداد من مــعطف المقولة الشائعة «أن جمهور التلفزيون لا يحتمل متابعة برامج دسمة بمضمونها».
- عرضه «الفضائية السورية» عند الواحدة والنصف من ظهيرة يوم الخميس بشكل نصف شهري.
نضال بشارة
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد