«الفودكا» تنتصر لاسمها في محاكم بريطانيا
فودكا. لطالما افتخر الشعب الروسي بهذا المشروب الكحولي، حتى أصبح جزءاً من إرثه الثقافي والاجتماعي، ورمزاً من رموز ارتباطه الوطني بأرضه وعاداته وتقاليده. فكيف ستكون الحال حين ينتصر أحد رموز القومية الروسية في إحدى المحاكم البريطانية لاسمها، فتصل درجة حمايتها إلى المستوى الذي بلغته الشمبانيا الفرنسية والشوكولاته السويسرية. الإجابة وردت في صحيفة «موسكو تايمز» الروسية، التي أشارت في تعليق لها على الموضوع إلى أن الروس هلّلوا «حين حكم القاضي البريطاني ريتشارد أرنولد برفع مستوى حماية الفودكا ليوازي مستوى حماية الشمبانيا الفرنسية والشوكولاتة السويسرية».
ما هو سبب وصول الفودكا إلى المحكمة البريطانية العليا؟ بدأت القصة حين قدّمت شركة المشروبات المتعددة الجنسيات «دياغيو»، التي تنتج فودكا الـ«سميرنوف»، دعوى قضائية ضد شركة «أي سي بي»، التي بدأت منذ عام 2005 بإنتاج مشروب «الفودكات». يختلف هذا الأخير عن مشروب الفودكا كعلامة تجارية بحرف زائد في اسمه الاستهلاكي، وأيضاً باحتوائه على نسبة أقل من الكحول لا تتعدّى الاثنين والعشرين في المئة؛ هذه الفوارق والاختلاف في المواصفات الفنية هي ما سمحت بإنزال المنتجات المقلّدة إلى الأسواق بأسعار تنافسية مع منتج الفودكا الأصلي.
الصراع على اسم الفودكا وتركيبته محض تجاري. إلّا أن الخصوصية الروسية هي التي انتقلت به من مجرد سلعة تجارية إلى علامة سياحية، تميّز بها هذا البلد على الصعيدين الداخلي والخارجي. هذا ما حققته الشوكولاتة السويسرية التي سجلت مبيعاتها داخل برن وخارجها عام 2008 ارتفاعاً قياسياً مقارنةً بالأعوام السابقة، لتتحدّى بها الأزمة الاقتصادية التي ألقت بثقلها على غالبية دول العالم.
أمّا الشمبانيا الفرنسية، فتخضع لحماية تشريعات، تُسمى عادةً «قانون الشمبانيا»، تحدّد على نحو دقيق مصدر هذا النوع من المشروب الكحولي وإنتاجه. وتكافح اللجنة المشتركة بين المهن المعنية بالشمبانيا (CIVC) لتفادي انتحال علامتها التجاريّة. لذا هي تعمل دائماً على التأكد من عدم «وجود نوع آخر من النبيذ الفوّار يحمل الاسم نفسه».
بالعودة إلى الفودكا، فقد ارتكز القاضي أرنولد في حكمه على خصوصية المشروب التاريخية، معلناً أن أصله روسي. وبالعودة إلى تاريخ هذا المشروب، يتبيّن فعلاً أن مخترع تركيبته هو الكيميائي الروسي ديمتري منديلييف، الذي وضع فيه نسبة 40 في المئة من الكحول.
هذه الخصوصية الملكية عبّر عنها القاضي البريطاني حين قال إن «أيّ علامة تجارية مستمدة من الفودكا من دون أن تكون هي نفسها (الفودكا)، ستضيّع المستهلك بطبيعة الحال. وفي هذه الحالة يُحتّم على المحكمة ولأول مرة أن تقرر ما إذا كان منتج الفودكا يتمتع بنفس الحقوق لمنتج الشمبانيا والشوكولاتة السويسرية والويسكي... ويجب استبدال كلمة الفودكات».
قرار المحكمة أفسح المجال للعديد من تعليقات الخبراء، الذين رأوا بغالبيتهم أن «القرار يمثّل سابقة محتملة لمزيد من التقاضي نيابةً عن واضعي الفودكا في روسيا». وقال خبير الكحول في لجنة السياسة الاقتصادية في المجلس الفدرالي، بافل شابكين، لـ «موسكو تايمز»، إن قرار المحكمة «يمثّل خطوة نحو الاعتراف بأن الفودكا منتج روسي»، مضيفاً إن «بريطانيا تنتج أنواعاً من الفودكا مثل أورلوف وسوفوروف، وهما يبدوان ذوَي أصل روسي. وهذا الأمر سبّب إرباكاً للمستهلكين لجهة الأصل الحقيقي لهذه الفودكا».
ليست هذه المرة الأولى التي يزجّ فيها بالـ«فودكا» في قاعات المحاكم، فلطالما كانت طرفاً في دعاوى قضائية. إذ قدّمت «دياغيو» عام 2007 شكوى للدفاع عن الفودكا المصنوعة من العنب؛ كانت حجة المنتجين في أوروبا الشرقية أن على المنتَج الذي يحمل اسم «الفودكا» أن يكون مصنوعاً فقط من القمح والبطاطا.
«في صحة» الفودكا.
ربى أبو عمو
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد