«دليلة والزيبق»: نجوم فقدوا حيوية «الفصحى»
الحظ التسويقي لم يسعف مسلسل «دليلة والزيبق»، فغاب عن القنوات المهمة، وحصر عرضه في «سوريا دراما» في وقت متأخر من الليل. فمر المشروع من دون القراءة التي يستحقها، والتي يفترض أن تكون على عدة مستويات.
المستوى الأول يعنى بمناقشة النوع الدرامي الذي تنتمي إليه «دليلة والزيبق»، وهو ينتمي إلى ما يمكن تسميته بدراما تاريخية - تراثية. ولعل السؤال الأهم هنا يتمحور حول مدى اعتبار الاتجاه نحو هذا النوع الدرامي مغامرة، ولا سيما أنه يقدم باللغة العربية الفصحى. وهو لا يشبه الدراما التاريخية بشكلها النموذجي المكرس في سوريا، والذي حصد نجاحا. ففي «دليلة والزيبق» لا معارك كبرى ولا جيوش جرارة، ومشاهده خارجية معدودة، تغيب فيها القلاع التقليدية لصالح ديكورات ضخمة، منها تصور لمدينتي بغداد والقاهرة، وسطهما قصران لوالي كل من المدينتين.
وكان الجمهور سيقدر مدى المغامرة، ولكن الجمهور المستهدف في «دليلة والزيبق» وهو في الغالب من الفتيان، لم يحظ، نتيجة برمجة العرض، بمشاهدة العمل.
لكن مبدئياً، نشير بأسف إلى شكل اللغة العربية الفصحى التي خرجت من أفواه عدد من ممثلي «دليلة والزيبق»، وقد جعلوها أقرب إلى الكوميديا، لا بإراداتهم بل بضعفهم لغوياً. وكم مؤسف أن نتحدث عن ضعف في هذا المجال من قبل أبناء دراما، اشتهرت بأعمالها المقدمة باللغة الفصحى منذ الثمانينيات، المعاصرة منها والتاريخية.
المستوى الثاني الذي كان يستحق التوقف لمناقشته في «دليلة والزيبق»، هو المشروع الفني الذي ينتمي إليه المسلسل (قدم في سياق المشروع ذاته مسلسل أسعد الوراق)، والذي تبنته شركة عاج للإنتاج الفني باتجاهها نحو إعادة تقديم الأعمال القديمة، التي لاقت نجاحاً جماهيرياً كبيراً وقت عرضها، برؤى جديدة ليس على صعيد الرؤية البصرية وحسب، بل على صعيد المضمون، إذ عمل كاتب هوزان عكو على إعادة كتابة العمل وخلق أجواء جديدة فيه.
ثمة مستوى ثالث أثاره توقيت عرض المسلسل، والبحث في المعايير التي تعتمدها المحطات التلفزيونية في برمجة مسلسلات رمضان. وهي برمجة تستهدف المشاهد بعناوينها العريضة، وفق أجندة تأخذ بعين الاعتبار نجومية صناع العمل، وإغراءاته الإعلانية. ولكنها تسقط أهم ما في المسلسل حين تغفل بكثير من الأحيان في برمجتها عن الإجابة عن سؤال: أي شريحة من المشاهدين يستهدفها العمل ويخاطبها؟!
في النسخة الجديدة من «دليلة والزيبق» ثمة اجتهاد على مستوى الإخراج والتأليف. ربما يعيب المسلسل إيقاعه البطيء، ولكنه يبقى من المسلسلات التي لا تستسهل عملها، ولا تستخف بمشاهدها. وقد تابعنا أكثر من موقع تصوير يبنى فيها ديكورات ضخمة من أجل مشاهد لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة. مثل مشاهد الحمام التي جمعت الفنانين فارس الحلو وفادي صبيح ووائل شرف.
على صعيد الممثلين تفاوت الأداء بينهم. وبينما برزت بشكل أساسي الفنانة كاريس بشار التي أدت واحداً من أجمل أدوارها، قدم العمل الفنان وائل شرف ببطاقة تمثيلية جديدة لم نعرفها من قبل. وبدا لافتاً أداء الفنانين عابد فهد وفارس الحلو وفادي صبيح، والفنان الشاب مازن عباس. وفي المقابل جاء أداء البعض الآخر من الممثلين قاتلا ورتيباً، ويمضي باتجاه أفقي من دون تصاعد مفارقاً لطبيعة النص.
ماهر منصور
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد