أسبوع الأفلام السورية القصيرة: النشاط الثقافي الوحيد في دمشق..واللاذقية
بالتعاون مع المؤسسة العامة للسينما افتتحت دار الفنون بالمركز الثقافي باللاذقية يوم أمس الثلاثاء أسبوع سينما الأفلام السورية القصيرة، الذي انطلقت فعالياته في العاشر من هذا الشهر، في دار الفنون بدمشق ، بعرض أربعة أفلام، ثلاثة مقرّرة، هي على التوالي: "جدارية الحب"، و"حكاية الأبواب السبعة"، و"فولت حار جداً"، ورابع كان مؤجلاً، بسبب انقطاع الكهرباء، هو "همسات" لريمون بطرس، وكان من المقرّر أن يُختتم الأسبوع، بندوةٍ لمناقشة الأفلام التي عرضت خلال الأسبوع، إلا أنّ الظروف التي يمرّ بها البلد ـ بحسب منظمي الأسبوع ـ حالت دون أن تُعقد هذه الندوة.. فيما يلي نقدّم قراءة في بعض هذه الأفلام، بحسب ما تسنّى لنا حضوره من فعاليات هذا الأسبوع، الذي يأتي في ظلّ عاصفة سياسية وأمنيّة تجتاح سورية، فمن المناسب هنا أن نؤكّد معنى أن يقام أسبوع كهذا في ظلّ هذه العاصفة:
¶ البطريق:
بينما كانت تغنّي أم كلثوم "رقّ الحبيب" كان البطريق (بسام كوسا/ الزوج) يتنقّل، بحركاته المعتادة، بين المحطات الفضائية، في لحظة تشويش رجوليّة على رقّة أنثوية؛ كسل البطريق على رشاقة السمكة (نادين سلامة/ الزوجة)، في شريطٍ سينمائيّ قصير يحتفي فيه الصوت الرقيق وضدّه والصورة معاً، بلغة سينمائيّة أراد لها فجر يعقوب أن تكون شعريّة، في توازيات وتضادات صوتية وبصرية، (الحوض الزجاجي وحياة الزوجة، السمكة والزوجة، البطريق والزوج..) إضافة إلى الرمزية المتمثّلة هنا بصرياً في الاهتمام بالشوارب، والبطريق (الزوج) الذي يضع في جيبه كلّ يوم سمكة صغيرة، وحضور الطبيعة المتمثّل في السلحفاة في المستشفى، وتداخل صور الأنثى، طفلةً وامرأةً، في تيار الوعي، في حين يغدو الرجال كلّهم متشابهين (الأب، الزوج، العشيق، ربّما)، في تكثيف علاماتيّ تلقى معه التفاصيل عناية، ربّما، أكثر من العناية بالأفكار المركزية، في انتصار، كما يبدو، لرقة الأنثى على ثقل حضور الرجل، فثمّة دائماً، رائحة قذرة تعبق في أنف الزوجة. "البطريق" هو الذكريات وألمها، هو اللون وتقلّباته، هو المجاز السينمائي المعادل للمجاز الشعري... فكرة جديدة إلا أنّ الغموض يكاد يفقدنا خيوطها.
إنتاج المؤسسة العامة للسينما.
تمثيل: نادين سلامة، بسام كوسا، رامز عطا الله، رامز أسود.
إخراج: فجر يعقوب.
¶ انزواء (حلم يقظة):
يعالج حالة نفسيّة تكاد تشمل جيلاً من الشباب في عالمنا، ففي محاولة لإشباع وتعويض رغباته المكبوتة في الشهرة وحبّ الظهور، أو الإحباط، يفتعل ذلك الشاب، في غرفة مغلقة، مقابلة تلفزيونية معه. هو يجلس على أريكة، ويقابله كرسيّ كان قد وضع عليه رداء، يخرج منه صوت آليّ لمذيعة تسأله بلهجة مصرية عن سرّ شهرته وتألّقه في عالم الفن، وسرّ عشقه للصورة، ويجيبها، إلى أن تسأله عن جديده، فينزوي، ويتكوّم فوق أريكته، في صورة يغلّفها الخوف من كلّ ما يشير إلى الغد.
سيناريو وإخراج علي خطاب.
تمثيل جوني مهنا.
¶ بلا عنوان:
الحبّ، وقد أراد أن يُصاغ من جديد، ففرض على طرفيه حالةً قد تبدو فكرة سينمائية لافتة، ولكن بكاميرا تلفزيونية، فالفتاة، وقد ادّعت أنها، لحادثٍ وقع، فقدت الذاكرة، لايمكن لها أن تنسى أشياء رائعة عاشتها في الحب معه، فما تريد، قصداً، أن تنساه هو كلّ ما آلمها من ذلك الحب.. فافترضت أنّها فقدت الذاكرة السلبيّة، أمام جنونِ من تحبّ؛ فكيف لها أن تنسى.. ثمّة ما يمكن إضاءته في هذا الفيلم: هل يمكن للإنسان أن يفقد الذاكرة متى أراد ذلك؟
لتبدو الأمور في النهاية غير ذلك، بلا عنوان قصة شاب لم يحتمل انفصال حبيبته عنه، فأراد التخلص من سيطرة الذكريات عليه بما هو غير منطقي.
إنتاج المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني.
تمثيل: محمود نصر - ربا المأمون
تأليف خالد طيار.
إخراج أحمد سويداني.
¶ نخاع:
روتين الحياة الزوجية يقدّمه لنا وسيم السيد، في مشاهد صامتة، بريشة مختلفة وأداءٍ تمثيليّ، قد يكشفا عن سينمائية لافتة.. ندخل البيت من خلال لوحة لإنسان برأسٍ فوقه طير، وجسد حيوان، وداخل البيت، وعلى السرير، تبدأ حوارات الأنوثة والرجولة الجدليّة، والافتعالات بقصد فرض كلّ من الرجل والمرأة سطوته على، وحضوره في، الآخر، واللحظة الوحيدة للسلام، هي تلك التي يكونان فيها كلاهما تحت سطوة شيء آخر، وهو الجنس.
إنتاج المؤسسة العامة للسينما.
تمثيل: نسرين فندي ومازن عباس.
إخراج وسيم السيد.
¶ يوم جديد:
أقرب إلى أن يكون فيلماً تلفزيونياً منه فيلماً سينمائياً.. الفكرة تقليدية، وكذلك الأدوات كانت، إلى حدّ كبير، تقليديّة أيضاً.. هي حياة مُجاز جامعي وقد اضطرّ إلى العمل في الزبالة، لمرض زوجته، إضافة إلى أنّ لديه ولدين جامعيين؛ الشاب مثالي في احترامه والديه ومراعاة ظروفهما، والفتاة تظهر لا أخلاقية مع والدها وقد تنكّرت له، وعاشت علاقاتها غير الشرعية.. تموت الزوجة. يصرخ الزوج، إلا أنّه يعود ويبدأ يوماً جديداً.. هذا كلّ ما في الأمر.
فكرة: بديع عثمان.
تأليف وائل ناجي.
تمثيل: وائل ناجي، عتاب نعيم، نور اسبر.
إخراج: علاء حجي رشيد.
¶ مذكّرات رجل بدائيّ:
أنيميشن (رسوم متحركة) يعيد، من خلالها، موفق قات صياغة رؤيتنا إلى التغيّرات التي تعصف بحياة الإنسان، في ضوء مكننة الإنسان.. رجلٌ بدائي يعيش في كوخ، وينعم بالطبيعة المتمثّلة في شجرة، إلا أنّ الإنسان الحديث لا يقبل هذا الهدوء الساجي، فيجرف، بآليّته، حياة ذلك الإنسان البدائي في كوخه وشجرته، ويُعتقل، فيجد في الموسيقا كوّته إلى الحرية، إذا كانت الموسيقا هي الشيء الذي نفى أن تكون الحياة خطأ، لكنّ الآلية ترفض الروحانيات.
إخراج موفق قات.
¶ عن الحب:
سبعينيّ وسبعينيّة في حديقة، يحلّق الحبّ بهما، في نظراتٍ رقيقة يتبادلانها من مقعدين متقابلين، فيعيدهما الحلم سيرتهما الأولى تدريجياً، إلى الرجولة، إلى الشباب، إلى المراهقة، في تقلّبات زمنية راقصة على إيقاع الحب، ليعودان إلى مشروع قبلةٍ قديمة تتجدّد الآن، فأيقظهما صوت الناس في الحديقة يضحكون ساخرين من زمنيّتها غير المألوفة.
إنتاج المؤسسة العامة للسينما.
تأليف عبد اللطيف عبد الحميد.
تمثيل: أنطوانيت نجيب، ألبير حلال، سوسن أرشيد، مازن منى.
إخراج وليد حريب.
¶ حكاية الأبواب السبعة:
فيلم تسجيليّ يحكي، بلغة وثائقية، قصة أبواب دمشق السبعة، على إيقاع رقصة المولوية، بكاميرا تتحرّك بأناقة دمشقية، وترصد تفاصيل التاريخ الدمشقي، بتاريخ أبوابها: باب السلامة (السلام)، باب توما، باب كيسان، باب الجابية، باب الفراديس، الباب الصغير، الباب الشرقي، باب الفرج..
إخراج غسان شميط.
¶ فولت حار جداً:
في غرفة تنطلق منها موسيقا كلاسيكية، وترقص ببعض اللوحات التشكيلية والصور الفوتوغرافية، تظهر صورة غيفارا، وتفاحة، وبانقطاع التيار الكهربائي، تهدأ حرارة المدفأة رويداً رويداً. يهرم الشاب الذي كان يتألّق وهو يخاطب نفسه، ثمّ ينتفض، كما لو أنّ وجوده وعدمه مرتبطان بفولتات التيار الكهربائي. هي حياة الإنسان ووجوده في رمزيّة صراعه مع الحياة ومشكلاته اليومية (أنا لست أكولاً؟)، لتظهر في النهاية تفاحة آدم؛ الخطأ الذي أدخلنا في هذا الصراع.. تكثيف علاماتيّ مميّز، وأداء للممثل لافت، في شريط سينمائي قصير يستحقّ المشاهدة.
إنتاج "طعمة الدولية للإنتاج الفني".
تأليف وتمثيل: باسل طه.
إخراج: وسيم قشلان.
¶ همسات:
فيلم روائي تسجيلي يرصد حركة الفنّ التشكيلي السوري في القرن العشرين، تحت عناوين تلخّص تلك المراحل، وتكثّف قراءة بصرية في فنّها، على وقع موسيقا رعد خلف، وبعدسة سينمائية خبيرة، من الرواد إلى أرابيسك، أساطير، ألوان الروح، مواويل تشكيلية، طين وحجر وناس، نساء نساء نساء، أنغام.. كانت كاميرا ريمون بطرس ترتقي بذائقتنا لنعيش مع هؤلاء في لحظات جمالية ساحرة، وتعبر آذاننا الهمسات؛ همسات العناوين.
إنتاج المؤسسة العامة للسينما.
إخراج ريمون بطرس.
على هامش الأسبوع
¶ انقطع التيار الكهربائي، في توقيت عرض بعض الأفلام يومي الأحد والإثنين، ولم تكن هناك مولّدة، فأضاف منظمو المهرجان هذه الأفلام إلى أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس، بعد أن توافرت المولدة.
¶ كان الحضور، إلى حدّ ما، جيداً، والمكان بارداً، وإن كانت حرارة بعض الأفلام قد أنست الحضور البرد، إلا أن أفلاماً أخرى زادت البرد برودة.
¶ كان من المقرّر مناقشة الأفلام، التي عرضت على مدار الأسبوع، مع مؤلفيها ومخرجيها، فكانت فرصة لافتة للقاء المبدعين الشباب، والحوار معهم حول أفلامهم، إلا أنّ الندوة أُلغيت، لأنّه لم يتسنّ لمنسقي الندوة الحضور بسبب الأوضاع الأمنية.
منور الشوا: بلدنا
تنويه: فيما يلي سننشر برناج العروض في اللاذقية ريثما يصلنا البرنامج :
إضافة تعليق جديد