أطفال العراق في سجون الإحتلال
أشارت تقارير دولية إلى وجود العشرات من الأطفال الذين تعرضوا لعقوبة السجن في العراق، وإلى أنهم سجنوا مع أفراد بالغين، الأمر الذي يعرضهم لتعقيدات نفسية كبيرة، إضافة إلى عدم وجود مؤسسات وهيئات متخصصة لمساعدتهم على تجاوز تجربة السجن التي يمكن وصفها بأنها مريرة.
إنه ليس مجرماً، ولكن مجرد رؤية أي رجل شرطة، تثير الرعب في نفس "عمر" البالغ من العمر 14 عاما، والذي أطلق سراحه من سجن عراقي الشهر الماضي، بعدما احتجز هناك لأكثر من سبعة أشهر.
ويوضح عمر: "اعتقلوني لأنهم قالوا أني كنت أحد المشبوه فيهم، بعدما انفجرت سيارة مفخخة في الشارع قرب منزلي، وأودت بحياة أمريكي."
وكان عمر قرب موقع الانفجار، ولذلك اعتقل مع عراقيين بالغين مشتبه بهم.
وكان عمر أحد 450 معتقلا أفرج عنهم من السجنين، اللذين تديرهما القوات الأمريكية والعراقية، في السابع والعشرين من يوليو/ تموز، بموجب خطة المصالحة الوطنية التي تهدف لجذب المسلحين إلى المشروع السياسي، وإنهاء إراقة الدماء في العراق.
ومع أنه تم اعتقال عمر بالخطأ، إلا أنه وفقا لتقارير من جمعيات محلية ودولية، بالإضافة إلى الأخبار في السنوات الثلاث الماضية، فقد سجن العشرات من الأطفال لأدوارهم في هجمات، أو لأن الفقر حولهم إلى مجرمين.
وقال عمر، إن تجربة السجن كانت مخيفة، "وكنت أبكي ليل نهار شوقا لعائلتي."
وتبقى صدمة التجربة معه فيقول: "أفضل أن أموت على أن أذهب للسجن مجددا."
وتقول جماعات حقوق الإنسان، إنه مهما كان سبب الاعتقال فإن الأطفال العراقيين، يوضعون أحياناً، في المكان نفسه مع البالغين.
وعندما يغادرون السجون، لا تتوافر لهم مساندة نفسية أو أي مساندة من نوع آخر، لمساعدتهم على الابتعاد عن الشوارع وعالم الجريمة.
ويقول صالح محمد، متحدّث باسم اتحاد إنقاذ الأطفال الذي يتخذ من بغداد مقراً له: "الأطفال العراقيون السجناء يعانون من نقص في الدعم لمساعدتهم على الاندماج مجددا في المجتمع، الأمر الذي يفتح الأبواب لأسوأ حياة إجرامية."
ووفقاً لقوانين حقوق الإنسان الدولية، يجب وضع الأطفال المحتجزين في مرفق خاص بعيد عن البالغين، ويجب أن يتلقوا معاملة خاصة وأقل وقت حجز ممكن. ولكن في العراق، يدعي البعض، أن بعض الأطفال، يحتجزون لأكثر من سنتين في السجن نفسه مع بالغين.
وقال طفل سجين آخر، يدعى موسى، وكان اتهم بالمشاركة مع المسلحين وأطلق سراحه العام الماضي: "لقد اعتقلت مع ابن عمي، في سبتمبر/أيلول 2004 عندما كنت في الرابعة عشرة من العمر."
وقال إن السجناء كانوا يعذّبُون بالصدمات الكهربائية وتعضهم الكلاب، "وفي حالات عديدة، كنا نرى رفاقنا، يعودون للسجن بعدما يتم اغتصابهم من قبل الجنود."
ورفضت الحكومة العراقية، ادعاءات تفيد أن الأطفال يتم احتجازهم لفترات طويلة.
وقال مسؤولون إنه تم اعتقال بعض الشباب الصغار عندما اشتبه بمشاركتهم في أعمال إرهابية، ولكنهم يحتجزون فقط لمدة التحقيق.
وقال الكولونيل حسن عبيد، وهو مسؤول كبير في وزارة الداخلية: "إنه من الصعب معرفة عدد الأطفال العراقيين المحتجزين في السجون العراقية، لأنهم يبقون فيها لفترة قصيرة من الزمن. "
وأضاف إنه لن يكون هناك أكثر من 100 طفل في وقت واحد في الدولة، محتجزين للاستجواب.
وقال عبيد: "طبعا، ثمة حالات لأطفال ارتكبوا جرائم خطيرة وحتى إرهاب، الأمر الذي شجع على قتل أناس أبرياء - ولكنهم في سجون خاصة."
وقال إنه لم يكن هنالك أطفال ضمن السجناء الذين أطلقت الحكومة سراحهم في الشهر الماضي. ولكن جماعات محلية كجمعية العدالة للسجناء، ومؤسسة تخفيف معاناة الأطفال الأبرياء ضحايا الحرب (RICVW) وحملة الضحايا الأبرياء في الصراع (CIVIC)، يقولون كلاماً آخر.
فقد قال فاروق صالح، المتحدث باسم (RICVW): "لا يريدون للموضوع أن يكون له صدى عالمي، ولذلك يطلقون سراح البالغين أمام الكاميرات والأطفال خلفها."
وأضاف صالح: "لقد تلقينا معلومات تفيد أن سبعة أطفال كانوا ضمن السجناء المطلق سراحهم، خمسة من محافظة الأنبار واثنان من العاصمة، بغداد، ولكننا تمكنا من الوصول إلى ثلاثة منهم فقط."
وتبعاً لتقارير صحافية، يبقى آلاف المحتجزين في السجون التي تديرها القوات الأمريكية في العراق، ولكن لا يوجد تقدير رسمي لعدد الأطفال من هؤلاء السجناء.
وقال مكتب الصحافة الأمريكية في العراق، إنه تبعا لمعلوماتهم، لا يوجد أطفال محتجزين في السجون الخاضعة للإدارة الأمريكية في العراق.
ويقول خالد ربيعة، المتحدث باسم (PAJ)، إن مجموعته أجرت تحقيقات في المشكلة عبر لقاءات سرية مع مصادر بوزارة الداخلية، وعبر التحدث مع سجناء أطلق سراحهم، وتبعا لهذا البحث، فيوجد في السجون العراقية اليوم، حوالي 200 طفل عراقي، سجنوا لأسباب مختلفة.
وقال، يأتي على الأقل طفلان وأهلهما إلى مكاتبه، كل أسبوع، للبحث عن المساعدة.
وأضاف ريبعة: "إنها ليست لعبة سياسية، إنهم أطفال ويجب احترام حقوقهم. إنهم يحاولون إخفاء الواقع، ولكن الحقيقة هي أنهم (الأطفال) هناك، ويحتاجون مساعدة خاصة قبل وبعد إطلاق سراحهم."
في العراق، لا توجد جمعية متخصصة لمساعدة الأطفال على الاندماج في المجتمع بعد خروجهم من السجون.
ويقول مسؤول في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، إن النقص الحالي في التموين تسبب إعاقة العديد من المشاريع، من ضمنها مشاريع للأطفال الذين ارتكبوا جرائم.
وقال مسؤول في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، تحفظ على ذكر اسمه: "مثل هؤلاء الأطفال يحتاجون لمساعدة جادة لمنعهم من العودة إلى الشوارع للبحث عن المخدرات أو الجرائم. إننا نحاول أن نستخدم قسمنا الحالي لمساعدتهم، ولكن مثل هذه الحالات تحتاج لمراكز متخصصة، غير موجودة في العراق."
وعرض الدكتور عماد عبد الحسن، وهو طبيب نفسي في بغداد، خدماته على مؤسسة PAJ، وتحديدا للسجناء الأطفال، لقد وجد مشاكل نفسية حادة وارتفاع في العدائية والتوحش ضمن هؤلاء المرضى، وتحديدا "الرغبة في الانتقام."
وقال عبد الحسن: "يعودون من السجن، وهم فقط يفكرون بالانتقام لما عانوه هناك. ويدعي البعض أنهم تعرضوا للاغتصاب وآخرين (يقولون) إنهم عذبوا وعانوا الضرب من الضباط. ولكن الآن هم خائفون من أن يتكلموا. خائفون من أن يتم اعتقالهم مجددا."
وتبعا لمنظمة اليونيسف، يجب على السجناء الأطفال أن يتمكنوا من التواصل مع عائلاتهم ومحاميهم، كما يجب أن يبقوا آمنين وفي صحة جيدة ويحظون بالتعليم اللائق والطعام بشكل جيد، وألا يتعرضوا لأي نوع من الإساءة العقلية أو الجسدية.
وقد تم تأجيل جهود الأمم المتحدة للحصول على معلومات أكثر عن مصير الأطفال المحتجزين في السجون العراقية والأمريكية، بسبب الوضع الأمني الحالي وعدم القدرة على الوصول إلى المعتقلين.
المصدر: CNN
إضافة تعليق جديد