أعداء سوريا يجنحون للتعقل أمام ضعف المعارضة و"مجلس للحكماء" بأغلبية إخونجية
قالت مصادر ديبلوماسية عربية، أمس، إن هيئة تمثيلية جديدة للمعارضة السورية، ستظهر قريباً في إطار محاولات القاهرة، صاحبة مبادرة «اللجنة الرباعية»، لجمع المعارضات السورية المختلفة، يطلق عليها اسم «لجنة الحكماء» وتضم معارضين سوريين في الخارج والداخل، ممن يمكن أن يكونوا مقبولين للنظام والمعارضين.
في هذا الوقت، أعلن وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو أن نائب الرئيس السوري فاروق الشرع «رجل عقلاني» ويمكن أن يترأس حكومة سورية انتقالية، ما يثير تساؤلات عما اذا كانت الإدارة التركية التي كانت تتمسك برحيل الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه، تعطي إشارات تراجع عن موقفها جزئياً. وأعربت واشنطن عن قلقها من استمرار التوتر بين دمشق وأنقرة، مع مواصلة القوات التركية قصفها للأراضي السورية بحجة سقوط قذائف مصدرها سوريا.
وكان رئيس الحكومة وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني حث، في مقابلة مع قناة «الجزيرة»، الدول العربية على التحرك إزاء سوريا. وأضاف أن «مجلس الأمن يشكل عقبة قانونية أمام أي تدخل واضح لوقف ما يجري في سوريا، وأن الانتخابات الأميركية تلقي بظلالها على ما يجري الآن».
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن السعودية وقطر أوقفتا تسليح المعارضين السوريين بالأسلحة الثقيلة في غياب دعم كاف من جانب الولايات المتحدة التي تتخوف من سقوطها في أيدي إرهابيين. وعبر وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية خالد العطية عن تأييده لتسليم المعارضين أسلحة أثقل، لكنه أضاف «نحتاج أولاً إلى دعم الولايات المتحدة والأفضل الأمم المتحدة».
ويتوقع أن تظهر على ساحة المعارضة السورية هيئة جديدة تقدم نفسها باعتبارها الإطار الجامع بين أشتات المعارضين بفصائلهم المختلفة، بحسب ما قالت مصادر مطلعة .
وتتركز الاتصالات حالياً لجمع المرشحين لأن يكونوا في الهيئة الجديدة التي تتخذ اسماً لها هو «مجلس الحكماء» في القاهرة خلال الأيام القريبة المقبلة. وثمة أكثر من مؤشر على أن القاهرة ترعى، من بعيد، مثل هذه الهيئة، وتشرف وزارة الخارجية، تحديداً، على المساعي الهادفة إلى تجميع من يمكن اعتبارهم من «المعتدلين» سياسياً، لتشكيل «مجلس الحكماء» العتيد الذي يفترض أن يضع الإطار العام للتحرك في المرحلة المقبلة.
ومعلوم أن حكومة قطر تعمل جاهدة لعقد مؤتمر عام للمعارضات السورية المختلفة، تقدر أن المشاركين فيه سيكونون حوالى 600 من أطياف مختلفة، وإن كان تمثيل «الفصائل العسكرية» ما يزال موضع نقاش.
اما في ما يتصل بـ«مجلس الحكماء» فمن المفترض ان يعقد لقاءه الاول بعد غد الاربعاء، إلا إذا أخرت الاتصالات انعقاده يوماً او يومين، وفي كل الحالات قبل المؤتمر الموسع للمعارضة المقرر انعقاده في الدوحة في 17 الحالي.
ويضم «مجلس الحكماء» في عضويته المقترحة أسماء معارضين متنوعي التوجهات والانتماءات، بعضهم في الداخل، وإن كانت أكثريتهم من المقيمين حالياً في الخارج. وبين الأسماء المتداولة: ميشال كيلو، عارف دليلة، برهان غليون، عبد الحميد درويش، حسين العودات، أصلان عبد الكريم، الأب اسبيريدون، علي صدر الدين البيانوني، هيثم المالح، وشيخ درعا أحمد الصياصنة. وهكذا يتبدى ان المجلس يراعي في تشكيله ألا يستفز الداخل او الخارج، بحسب ما تعتبر المصادر المطلعة نفسها.
ويقول بعض المدعوين للمشاركة في «مجلس الحكماء» إن وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو قد فوض نائبه اللقاء بهم ومناقشتهم تمهيداً لتحديد الهدف من المؤتمر وتأمين شروط نجاحه، وأن النقاش تركز حول ضرورة أن يضم شخصيات معتدلة ومتنوعة التوجه ومعتدلة المطالب وتمثل مختلف الطوائف والقوميات.
وفهم أن اختيار الأسماء خضع لمراجعات وتعديلات، وتم استبعاد بعض الذين غالوا في طروحاتهم فاستفزوا الداخل والخارج معاً، وألقوا أكثر من علامة استفهام على الهدف النهائي لتحركهم والمستفيدين منه. كذلك فإن القيادة المصرية أوصلت رسالة واضحة إلى المعارضات المختلفة بأن القاهرة في طريقها للعودة الى ممارسة دورها العربي، وأن اقتراح تشكيل اللجنة «الرباعية»، التي تضم مصر والسعودية وتركيا وإيران، يصب في هذا التوجه ويؤكده.
إلى ذلك، أعلن نائب الأمين العام للجامعة العربية احمد بن حلي أن المبعوث الدولي والعربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي سيستأنف مشاوراته في القاهرة خلال أيام من خلال مقر «مكتب» دائم له يكون منطلقاً لاتصالاته، وذلك بالإضافة إلى مكتب دمشق. وأعلن أن «الجامعة ستشارك بوفد رفيع المستوى في أعمال مؤتمر المعارضة السورية الذي تستضيفه الدوحة في 17 تشرين الأول الحالي».
وذكرت وسائل إعلام تركية، أمس، أن الجيش قصف الأراضي السورية «في رد فوري بعد سقوط قذيفة من الجانب السوري على بلدة أكجاكالي التركية الحدودية»، في ثاني واقعة من نوعها خلال يومين.
ولم ترد أنباء عن سقوط ضحايا عندما سقطت أحدث قذيفة سورية قرب منشأة خاصة بمجلس الحبوب التركي على بعد مئات الأمتار من وسط أكجاكالي حيث قتل خمسة مدنيين الأربعاء الماضي.
وكان الجيش التركي قصف الأراضي السورية أمس الأول بعد سقوط ثلاث قذائف هاون، أطلقت من الجانب السوري، في أرض زراعية في منطقة يايلاداغي التابعة لإقليم هاتاي. وقال مكتب حاكم إقليم هاتاي إن القذائف أطلقتها القوات الحكومية السورية في ما يبدو لاستهداف معارضين بمحاذاة الحدود. ولم تقع أي خسائر بشرية.
وأعرب وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا، أمس الأول، عن قلق الولايات المتحدة من احتمال اتساع نطاق الأعمال العسكرية في سوريا. وقال «ننتظر لنرى هل سيبدأ الصراع في التمدد إلى دول مجاورة مثل تركيا. لكن من الواضح ان حدوث تراشقات بالنيران الآن بين هذين البلدين يثير مخاوف اضافية من ان هذا الصراع قد يتسع نطاقه».
وقال وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو، في مقابلة مع قناة «تي ار تي ان» التركية، إن «فاروق الشرع رجل عقل وضمير، ولم يشارك في المجازر في سوريا. لا أحد سواه يعرف بشكل أفضل النظام في سوريا». واعتبر أن المعارضة السورية «تميل إلى قبول الشرع» لقيادة الإدارة السورية في المستقبل.
وعن نقاط الخلاف بين تركيا وغيرها من الدول حول الوضع السوري، قال داود أوغلو «إن كلا من روسيا والصين ترغبان في مرحلة انتقالية بزعامة الأسد، في حين أن تركيا ترغب في تشكيل حكومة انتقالية من دون الأسد»، مكرراً أن «الأسد لا بد أن يتخلى عن جميع صلاحياته».
وأعلن وزير الخارجية الإيراني علي اكبر صالحي، في مقابلة مع مجلة «در شبيغل» الألمانية نشرت أمس، أن الأسد لا يزال واثقاً من النصر. وقال «لقد التقيت في دمشق رئيساً مطلعاً جداً على الوضع الدقيق. لم يبدو انه منفصل (عن الواقع) لكنه واثق جداً ومستعد للقتال». وتابع إن «الرئيس مقتنع بإمكانية الفوز في النزاع في سوريا من خلال الطرق العسكرية»، مشيراً إلى أن الأسد «منفتح على أي حل يأتي من داخل سوريا» لكنه يرفض أي ضغوط أجنبية، موضحاً انه لا يفكر أبداً باللجوء إلى دولة أخرى.
السفير
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد