أوباما يدلي بخطاب يمهّد لـ«الفيتو» لمواجهة إعلان دولة"فلسطين"

22-09-2011

أوباما يدلي بخطاب يمهّد لـ«الفيتو» لمواجهة إعلان دولة"فلسطين"

توجه الرئيس الأميركي باراك اوباما إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس، بخطاب «إسرائيلي» لاقى ترحيبا فوريا من رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، وعارض فيه بوضوح التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة لطلب العضوية، وشدد على التزام أميركي «لا يهتز» بأمن اسرائيل، كما تحدث بإسهاب عن «المعاناة اليهودية» متجاهلا عقود المعاناة الفلسطينية تحت الاحتلال، مذكرا ايضا بـ«التهديدات المستمرة» التي تتعرض لها الدولة العبرية، فيما اقترح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قبول فلسطين كـ«دولة بصفة مراقب»، مستغلا الازمة الدبلوماسية للتشديد على ضرورة إشراك اوروبا في عملية السلام. فلسطيني يحرق علماً أميركياً في رام الله خلال تجمع لدعم إعلان الدولة أمس (أ ب أ)
أما الموقف الفلسطيني من الخطابين، فكان في فحواه رفضا للطرحين وتصميما على المضي قدما في الخطوة المعلنة نحو تصويت في مجلس الأمن، رغم الاشادة بالموقف الفرنسي. لكن السلطة الفلسطينية قدمت مساحة زمنية لفرص المساومة عبر إعلانها أنها ستعطي «بعض الوقت» لمجلس الامن قبل العودة إلى الجمعية العامة، مؤكدة في الوقت نفسه أنها لن تقبل تأجيل المجلس لعملية التصويت على طلبها العضوية.

وبعد استفاضته في الحديث عن الثورات العربية والإشادة بها، انتقل اوباما في خطابه أمام الجمعية العامة للامم المتحدة، إلى الحديث عن عملية السلام في الشرق الأوسط. وذكر بدعوته العام الماضي إلى تحقيق إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة، مشددا على قناعته بأن «الفلسطينيين يستحقون دولة». لكنه أكد أنه «لا طريق مختصرة لانهاء الصراع المستمر منذ عقود... السلام لن يأتي عبر التصريحات والقرارات في الامم المتحدة. لو كانت الأمور بهذه السهولة لكان السلام قد تحقق... في النهاية، سيكون على الاسرائيليين والفلسطينيين، لا نحن، أن يتوصلوا إلى اتفاق حول قضايا الخلاف: الحدود، الامن، اللاجئون والقدس».
وقال اوباما «نسعى لمستقبل يعيش فيه الفلسطينيون داخل دولة لها سيادتها، من دون حدود لما يمكنهم تحقيقه»، لكنه استطرد قائلا «عليكم أن تفهموا التالي أيضا: اسرائيل محاطة بجيران شنوا حروبا متكررة ضدها... أطفال اسرائيل يكبرون وهم يعرفون أن الأطفال الآخرين في المنطقة يتعلمون الحقد عليهم. اسرائيل دولة صغيرة، تنظر إلى عالم يهدد فيه قادة دول أكبر بكثير، بمحوها عن الخريطة... الشعب اليهودي يحمل ثقل قرون من النفي والاضطهاد».
من جهته، اقترح ساركوزي أن تمنح الامم المتحدة الفلسطينيين وضع دولة بصفة مراقب كما اقترح جدولا زمنيا مدته عام لعملية السلام في الشرق الاوسط. وحذر ساركوزي في كلمته امام الجمعية العامة للامم المتحدة من ان استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الامن لمنع صدور قرار بقبول عضوية دولة فلسطينية ينطوي على احتمال اثارة موجة جديدة من العنف في الشرق الاوسط. وقال «فلنكف عن مناقشاتنا التي لا نهاية لها بشأن المعايير ولنبدأ التفاوض... وفقا لجدول زمني محدد». وقال ساركوزي عارضا خريطة طريق الى السلام ان المفاوضات يجب ان تبدأ خلال شهر والتوصل الى اتفاق بشأن الحدود والامن خلال ستة اشهر والوصول الى اتفاق نهائي خلال عام.
وقال الرئيس الفرنسي «اليوم نواجه اختيارا بالغ الصعوبة. كلنا يعلم ان فلسطين لا يمكنها الحصول فورا على الاعتراف الكامل والتام بوضع دولة عضو في الامم المتحدة». أضاف «لكن من يشك في ان استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الامن ينطوي على احتمال اثارة موجة جديدة من العنف في الشرق الاوسط؟» وقال ساركوزي انه يجب عدم استبعاد مرحلة وسطية. وتساءل «لماذا لا نتصور منح فلسطين وضع دولة مراقب في الامم المتحدة؟ هذا سيكون خطوة مهمة الى الامام. والاهم هو انه سيعني الخروج من حالة الجمود التي لا تفيد الا المتطرفين. فبذلك سنعيد الامل من خلال تحقيق تقدم نحو الوضع النهائي.»
كما شدد ساركوزي على ضرورة إشراك اوروبا وكافة دول مجلس الامن والدول العربية «التي سبقت أن اختارت السلام»، في مسار حل الصراع الفلسطيني-الاسرائيلي.
وقال وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه انه لن يحصل تصويت في مجلس الامن الدولي على طلب الفلسطينيين انضمام دولتهم الى الامم المتحدة قبل «عدة اسابيع» ما سيعطي الوقت لتجنب مواجهة. واعلن جوبيه للصحافيين في نيويورك «ستمضي عدة اسابيع على الارجح (قبل حصول تصويت) وسيكون من الممكن اغتنام هذه الاسابيع لتطوير استراتيجية»، في وقت يستعد الفلسطينيون لتقديم طلب انضمام دولتهم الى الامم المتحدة غدا.

واعلن عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية نبيل شعث في نيويورك ان الفلسطينيين مستعدون «لاعطاء وقت» لمجلس الامن ليدرس طلب انضمام دولة فلسطين كعضو الى الهيئة الدولية. وقال شعث في تصريح صحافي في مقر الامم المتحدة «ان الرئيس محمود عباس لا يريد ان يتهمنا احد بعدم الجدية في حال توجهنا الى الهيئتين في وقت واحد. لذلك سيعطي وقتا لمجلس الامن لبحث طلب الانضمام الكامل قبل الذهاب الى الجمعية العامة». واضاف شعث ان الرئيس الفلسطيني «سيبلغه (اوباما) اننا مصممون تماما على تلبية الشروط للانضمام الى الامم المتحدة». لكنه اكد انه في حال اخفقت الالية في اطار مجلس الامن، فان الفلسطينيين سيتوجهون الى الجمعية العامة للحصول على صفة «دولة مراقبة غير عضو».
وقال أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه تعقيبا على أوباما «هناك فاصل أو هوة بين الإشادة بنضال الشعوب العربية من أجل الحرية وبين الدعوة المجردة الى المفاوضات بيننا وبين إسرائيل.» وتابع قائلا «كنا نتوقع أن نسمع بأن حرية الشعب الفلسطيني هي مفتاح رئيسي للربيع العربي والحرية ويجب ا ن تشمل المنطقة».
وقال عبد ربه «نحن هنا في الأمم المتحدة من أجل الدعوة الى تدخل دولي فاعل بما فيه أميركا لوضع الاسس التي تفتقرها المفاوضات الجادة وفي المقدمة الاعتراف بدولة فلسطين». وتابع قائلا «القول الصريح لإسرائيل إن سياسة التهرب والضم الزاحف آن الاوان لوقفها». وأضاف «كنا نريد أن نرى هذا الموقف الأميركي ولا زلنا نطمح اليه رغم الخطاب». وقال «المفاوضات وسيلة هامة من وسائل الوصول إلى هذا الغرض إنما مفاوضات بلا مرجعية واضحة ومع استيطان مستمر فقد اثبتت تجربتنا معها انها غير مجدية».
وقال عبد ربه «اننا نقدر الافكار التي وردت في خطاب الرئيس الفرنسي ساركوزي وسوف تدرسها القيادة الفلسطينية بعمق وايجابية». كما قال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل ابو ردينة ان الرئيس ساركوزي «اطلع الرئيس عباس خلال اجتماعهما الثلاثاء على عناصر خطابه وان الرئيس عباس وعده بان تتم دراسة هذه المقترحات والافكار بعد الاطلاع عليها من قبل قيادة منظمة التحرير»، فيما أعلنت الجمعية البرلمانية لمجلس اوروبا ومقرها استراسبورغ في بيان ان عباس سيدلي بخطاب امامها في السادس من تشرين الاول المقبل. واوضح البيان ان هذه الجمعية ستكون قررت قبل يومين من ذلك بشان موقفها من طلب تقدم به المجلس الوطني الفلسطيني لمنح السلطة الفلسطينية وضع «شريك من اجل الديموقراطية».

وقال نتنياهو في تصريح صحافي اثر لقائه اوباما في مقر الامم المتحدة في نيويورك «اعتقد ان الامر يشرفك وانا اشكرك» في اشارة الى كلام اوباما عن عزمه على استخدام الفيتو ضد الطلب الفلسطيني. واضاف نتنياهو «نحن متفقان على القول بان على الفلسطينيين والاسرائيليين ان يتفاوضوا وهذه هي الوسيلة الوحيدة للتوصل الى سلام دائم وثابت». وتابع موجها كلامه ايضا الى اوباما «قلت ايضا بشكل واضح ان الفلسطينيين يستحقون دولة، ولكن على هذه الدولة ان تقيم السلام مع اسرائيل، وبالتالي فان اي محاولة لاتخاذ طريق مختصر في هذه العملية اي عدم التفاوض حول سلام ومحاولة الحصول على اعتراف من الامم المتحدة لن تنجح». واضاف نتنياهو «اعتقد بان الفلسطينيين يريدون الحصول على دولة الا انهم ليسوا مستعدين بعد لاقامة السلام مع اسرائيل».
وعلق وزير الدفاع الاسرائيلي إيهود باراك على خطاب الرئيس الاميركي باراك أوباما في الأمم المتحدة بأنه أثبت مرة أخرى أنه حليف وصديق لإسرائيل، مشيرا الى أن إدارة أوباما تقوم بدعم أمن إسرائيل بصورة واسعة وشاملة وغير مسبوقة، لافتا الى أن اسرائيل تثمن ذلك. وأعرب باراك عن أمله في أن يفضي خطاب أوباما والتطورات في الامم المتحدة الى استئناف المفاوضات في اقرب وقت ممكن وليس إلى قرارات أحادية الجانب.
وأعرب السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة مايكل أورين عن ارتياحه إزاء الخطاب الذي ألقاه أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وأشار أورين إلى أنه لا يزال من «غير الواضح» ما إذا كان سيتمكن الفلسطينيون من حشد غالبية الأصوات لدعم مطلبهم أمام مجلس الأمن. وأضاف أورين أن الكونغرس الأميركي أكد أنه ستكون هناك عواقب لأي محاولة فلسطينية لإعلان دولة مستقلة من خلال الأمم المتحدة، معربا عن اعتقاده بأن الفلسطينيين مدركون تماما لذلك الموقف.

المصدر: وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...