إجراءات قانونية لوأد الفتنة المصرية

12-05-2011

إجراءات قانونية لوأد الفتنة المصرية

تعهدت الحكومة المصرية، أمس، بإعداد مشروع قانون لتوحيد قواعد بناء دور العبادة، وهو ما يطالب به الأقباط منذ عقود، ومشروع قانون آخر يجرم «التحريض والتمييز الديني»، خلال فترة ثلاثين يوماً، في محاولة منها لوأد الفتنة الطائفية التي لاحت بوادرها في المواجهات التي اندلعت يوم السبت الماضي في ضاحية امبابة في القاهرة.
وأكدت الحكومة المصرية «الوقوف بكل حزم ضد التحريض على الكراهية والتمييز والطائفية»، مشددة على أنها ستتصدى «للقضايا التي أهملها النظام السابق». كما تعهدت بسن «قانون موحد لدور العبادة وقانون آخر ضد التمييز والتحريض الديني»، مشيرة إلى أنها كلفت لجنة بإعداد مشروعي القانونين و«بإنجازهما خلال ثلاثين يوما».
ويطالب الأقباط المصريون منذ عقود بإصدار قانون يوحد معايير وشروط بناء دور العبادة للمسلمين وغير المسلمين ليحل محل قانون «الخط الهمايوني» الموروث من العهد العثماني، والذي ينص على ضرورة الحصول على موافقة مسبقة من رئيس السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية) لبناء كنيسة جديدة أو توسيع أو ترميم أي كنيسة قائمة.
وكان الرئيس المخلوع حسني مبارك قد فوض صلاحياته في إصدار تصريحات بناء أو توسيع أو ترميم الكنائس إلى المحافظين الذين كانوا بدورهم يعتمدون في قراراتهم على تقارير جهاز أمن الدولة السيئ السمعة، والذي حُلّ في آذار الماضي. ويرى الأقباط ان القيود المفروضة على بناء الكنائس تشكل تمييزا ضدهم، خصوصا انه ليست هناك أية قيود على بناء المساجد، فيما تسببت عمليات توسيع الكنائس أو بناء كنائس جديدة في العديد من المواجهات الطائفية خلال السنوات الأخيرة.

وأشارت الحكومة المصرية إلى أنها قررت إعداد هذين القانــونين على وجه السرعة «بعد الأحداث المؤسفة التي شهدتها مـــصر خلال الأيام الأخيرة، والتي هددت أمنها الوطني، وكادت تنـــال من روح المودة والتــسامح بين أبناء شعبها»، في إشارة إلى المواجهات الدامية في امبابة.
كما قررت الحكومة «حظر التظاهر والتجمهر أمام دور العبادة وتفعيل القوانين التي تحظر استخدام الشعارات الدينية في الدعاية الانتخابية والحزبية».
وفي السياق، اعتبر المجلس القومي لحقوق الإنسان، الذي أعيد تشكيله بعد إسقاط نظام مبارك ليضم شخصيات من المعارضين الــسابقين وحقوقيين وخبراء مستقلين، ان الفراغ الأمني الذي تعانيه البلاد، وصعود التطرف الإســـلامــي، يعدان من الأسباب الرئيـــسية للمواجهات الدامية في امـــبابة.
وأشار المجلس في تقرير أصدرته لجنة تقصي الحقائق التي شكلها حول هذه أحداث امبابة، الى ان مؤيدي النظام السابق قاموا بدور في وقوع المواجهات. وشدد على أن «التغييرات الهائلة التي تمر بها مصر حاليا في ظل ثورة 25 يناير العظيمة أفرزت عددا من الظواهر التي ارتبطت مباشرة بأحداث امبابة»، مضيفاً ان من أبرز هذه الظواهر «حالة الغياب الأمني الواسعة التي سمحت للخارجين عن القانون بالتحرك وبانتشار الأسلحة بشكل غير قانوني، وظهور تفسيرات دينية متطرفة تطرح إعادة تشكيل المجتمع المصري بما يدع المواطنين المصريين من المسيحيين خارجه، باعتبارهم من (الذميين)، ليس لهم إلا حقوق الحماية الدينية»، بالإضافة إلى «تصاعد وتعدد محاولات قوى النظام السابق لإفشال الثورة عبر إثارة كل أشكال الصراعات بين طوائف المجتمع المصري».
في المقابل، لفــت التقرير إلى انه «لا يمكن إنكار وجود مناخ طائفي متراكم منذ أربعة عقود ما زالت آثاره وتفاعلاته مستمرة».
في هذا الوقت، أعلن رئيس لجنة الحوار الوطني عبد العزيز حجازي أنه تم صياغة رؤية مستقبلية لخمس سنوات مقبلة، تتلخص فى خمسة محاور مهمة، هي: الديموقراطية وحقوق الإنسان، والتنمية البشرية والتنمية الاقتصادية، والثقافة وحوار الأديان، والإعلام، ومستقبل مصر بعد «ثورة 25 يناير».
وأوضح حجازي أن اللجنة أعطت أولوية استثنائية للقضايا الأمنية واستعادة هيبة الدولة والنظام العام، وقررت بالإجماع الموافقة على تدعيم رجال الشرطة وتدريبهم وإدخال ذوي المؤهلات العليا إلى جهاز الشرطة كضباط، مثل تجربة الجيش المصري بعد هزيمة العام 1967.
وأشار حجازي إلى أن اللجنة وافقت على تأجيل الانتخابات البرلمانية إلى ما بعد أيلول المقبل، إلى حين استعادة الأوضاع الأمنية فى البلاد، وتكليف الخبير الأمني اللواء سامح سيف اليزل بإعداد ورقة عمل للمجلس العسكري ومجلس الوزراء حول أهمية الأمن.
من جهته، طالب شيخ الأزهر أحمد الطيب، خلال لقائه وفداً من قيادات «الجماعة الإسلامية»، كل التيارات والحركات الإسلامية بالعودة إلى تبني النهج والفكر الإسلامي الأزهري الوسطي المعتدل، ونبذ دعوى الفرقة والتكفير واحترام حقوق الآخر التي أقرتها الشريعة الإسلامية. وأشاد الطيب بالمراجعات الفقهية التي أطلقتها الجماعة الإسلامية، مشيرا إلى أن تلك المراجعات كانت بمثابة تحول فكري شجاع أعاد الجماعة الإسلامية والمنتسبين إليها إلى الفكر الأزهـري المعتدل الذي ينبذ العنف ويرفض دعاوى التكفير.
وكان الطيب استقبل رجل الأعمال القبطي نجيب ساويرس الذي أعرب عن دعمه لموقف الأزهر في حل الأزمة الطائفية التي تعصف بالبلاد. وأكد ساويرس أن الأزهر يمثل دائماً حصن الأقباط ويدافع عنهم، لكنه طالب الأزهر والكنيسة بعدم التدخل فى أزمات أسلمة المواطنين أو تنصيرهم، مشددا على ضرورة وضع قانون رادع لعدم التجمهر أمام دور العبادة «حتى لا نضع الزيت على البنزين».
من جهته، اعتبر مفتي الجمهورية علي جمعة أن الفتنة الطائفية من داخل المجتمع وجاءت نتيجة لتراكمات عديدة، مشدداً على أنها ليست من الخارج، بل يستغلها البعض في الخارج لإشاعة التوتر. وطالب الجميع بالتعاون للقضاء على هذه الفتنة الغريبة عن المجتمع المصري.

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...