إسرائيل تقتل 18 فلسطينياً من عائلة واحدة

09-11-2006

إسرائيل تقتل 18 فلسطينياً من عائلة واحدة

18 فلسطينياً من عائلة واحدة، بينهم ثمانية أطفال وخمس نساء، كانوا نياماً في منازلهم التي سلمت من الدمار خلال عدوان غيوم الخريف على بيت حانون شمالي قطاع غزة، تحوّلوا فجر امس الى أشلاء بشرية بنيران المدفعية الاسرائيلية التي أضافت الى سجلها الحافل بالمذابح المروعة قانا فلسطينية جديدة، التحق ضحاياها بتسعة شهداء آخرين سقطوا امس في أنحاء مختلفة من قطاع غزة والضفة الغربية.
ولم تجد اسرائيل سوى الاعلان عن فتح تحقيق في الحادثة، محملة الحكومة الفلسطينية المسؤولية عن المذبحة، ومتعهدة بمواصلة اعتداءاتها على غزة، فيما توعد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل بأن المقاومة هي الرد الحقيقي بينما أجمعت فصائل المقاومة على ضرورة الثأر لدماء شهداء المجزرة داعية إلى استئناف العمليات الاستشهادية في داخل اسرائيل.
وكالعادة، اقتصرت ردود الفعل العربية والإسلامية على إصدار بيانات إدانة واعتبار ما حصل جريمة حرب، فيما حرصت الدول الغربية، برغم إدانتها الجريمة، على الدفاع عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. أما واشنطن، فاكتفت بالإعراب عن أسفها.
ويعقد مجلس الامن الدولي جلسة مفتوحة في نيويورك اليوم لبحث المذبحة الاسرائيلية في بيت حانون، وذلك استجابة لطلب كانت قد تقدمت به قطر العضو العربي الوحيد في المجلس يوم الاثنين الماضي ولم يحظ بالتأييد في حينه، فيما تسعى الجامعة العربية الى عقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب.
وقال المندوب الفرنسي لدى الامم المتحدة جان مارك دولاسابليير ان المجلس ناقش امس، بعد مجزرة بيت حانون، طلب قطر عقد جلسة طارئة للمجلس لبحث العدوان الاسرائيلي على غزة، وقرر عقد جلسة مفتوحة اليوم. أضاف ان قطر وزعت مشروع قرار ويتعين علينا أن ننظر فيه. ويدعو مشروع القرار الى وقف فوري لإطلاق النار بين الاسرائيليين والفلسطينيين، وإرسال قوة مراقبة من الامم المتحدة للاشراف على التقيد بالهدنة وتشكيل لجنة تحقيق حول مجزرة بيت حانون.
وأصابت قذائف الدبابات الإسرائيلية أربعة منازل في شارع حمد شمالي غربي بيت حانون، تعود الى أربعة أشقاء من عائلة العثامنة، عند الخامسة والنصف صباحا. وتحولت الطريق أمام المنازل المستهدفة الى بركة من الدماء، طفت عليها جثث مقطعة التصق بعضها بالجدران.
وتجمع أقرباء الضحايا خارج المنازل، فيما وضع أحدهم يده في دماء الشهداء والجرحى قبل أن يلون وجهه بها، قائلا فلينتقم لنا الله، فلينتقم لنا الله.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية خالد راضي ان جميع الضحايا ال18 ينتمون الى عائلة العثامنة، بينهم ثمانية أطفال وخمس نساء وخمسة رجال، مشيراً الى إصابة 60 آخرين بينهم 26 قاصراً.
وقالت أسماء العثامنة (14 عاما) في المستشفى حيث ترقد مع ابنة عمها ملك العثامنة (عامان) التي أصيب والدها ايضا ويعالج في المستشفى نفسها، كنا نائمين وأيقظنا سقوط قذائف على منزل عمي المجاور. ثم انفجر زجاج نوافذ منزلنا ايضا مضيفة هربنا من المنزل لنتعرض للمطاردة خارجه. القذائف قتلت أمي وأختي وأصابت جميع إخوتي كما قتلت صهرها. وتابعت كنت خلفهم وأصبت.
وكانت حقيبتا محمد وأحمد العثامنة البالغين من العمر ثماني وتسع سنوات معدة للذهاب الى المدرسة، ولكن قذيفة مدفعية لم تمهلهما الوقت فقتلتهما وغطت الدماء سريريهما. وانهارت إحدى واجهات المنزل وأخذ أحد أعمام الطفلين، ابراهيم العثامنة، يصرخ كانوا كلهم نائمين وسقطت القذائف في غرف النوم مضيفا استشهد أشقائي السبعة.
وتابع وهو يقف مذهولا أسفل المنازل التي طالتها القذائف وقد غاصت قدماه في برك الدم والماء بينما تناثرت على الارض قطع من اللحم البشري كنت ذاهباً الى العمل وكنت ما زلت قريباً من المنزل عندما سقطت أول قذيفة موضحاً في البداية ظننت أنه قصف مثل الذي شهدناه كل يوم خلال الفترة الاخيرة ولكني سمعت بعدها خمسة انفجارات اخرى. وقال عدت على الفور ورأيت أشياء لا يمكن وصفها، لقد كان هناك بحر من الدماء... انهم مجرمون، انها مجزرة مضيفا كل أطفالي أصيبوا ولا أعرف حتى الآن ان كان أحد منهم قتل.
ويروي شقيق ابراهيم، أكرم، لم أستطع أن أصدق عيني فقد رأيت ابنة أحد أشقائي وقد فصل رأسها عن جسدها بينما فقد أحد أشقائي يده.
أما نبيل (38 سنة) وهو ابن شقيق أحد الضحايا، فأكد ان أهالي بيت حانون لن يكفوا عن مقاومة الاحتلال... سنستمر في مساندة المجاهدين لإنهاء الاحتلال.
وقال عطاف حمد (22 عاما) هذه أكثر مشاهد وصور محزنة شاهدتها على الاطلاق. شاهدنا سيقاناً ورؤوساً وأيادي مبعثرة في الشارع مضيفاً شاهدت أشخاصاً يخرجون من منزل وقد غطتهم الدماء. بدأت أصرخ لإيقاظ الجيران. وتابع رأيت القذيفة الاولى تستهدف منزلين ثم شاهدت قذيفة ثانية تسقط على منزل ثالث موضحاً ان قذيفة سقطت على أشخاص كانوا خرجوا الى الشارع.
من جهتها، قالت زعلة ابو جراد وهي جارة لعائلة العثامنة عمري 60 عاما ولم أرَ شيئاَ كهذا طوال حياتي. وآل العثامنة من العائلات البارزة في بيت حانون، وكان أفرادها قد عادوا الي البلدة بعد الانسحاب منها امس الاول.
وقال المسعف في جمعية الهلال الاحمر الفلسطيني يسري المصري قمنا بنقل أشلاء لأطفال ونساء وشيوخ وشباب بالاضافة الى عشرات الجرحى مضيفا المشهد لا يوصف. الدماء والأشلاء غطت المكان واضطررت إلى نقل أكثر من أربعة قتلى في سيارة واحدة.
وسارت تظاهرات عفوية في أنحاء غزة والضفة، تنديداً بالمذبحة الإسرائيلية، فيما عمّ الإضراب العام والحداد في القطاع حيث قام طلاب المدارس بالخروج في مسيرات حاشدة متوجهين إلى مستشفى الشفاء للتبرع بالدم وتقديم المساعدات للجرحى.
واستشهد المقاوم في كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس اياد سويلم (23 عاما) ونمر محمد أبو الناجي (17 عاما) برصاص الاحتلال شرقي جباليا شمالي غزة.
ومساء، سقط قائد وحدة تصنيع الصواريخ في كتائب القسام أحمد عوض، وهو زوج ابنة وزير الخارجية الفلسطيني محمود الزهار، ورمزي شحيبر من كتيبة المجاهدين التابعة لكتائب شهداء الأقصى، في غارة جوية اسرائيلية على شرقي مدينة غزة. وفي جنين شمالي الضفة، استشهد خمسة مقاومين في كتائب شهداء الاقصى ومدني، بنيران وحدة خاصة في الجيش الاسرائيلي.
وبرر قائد الجبهة الجنوبية للجيش الإسرائيلي الجنرال يوآف غالانت المجزرة بأن خللاً في تصويب المدافع أدى إلى حدوثها.
وقال إن فحصاً أجريناه أظهر أنه تم إطلاق قذائف مدفعية إلى منطقة تبعد 500 متر من الموقع الذي أصابته وقتل فيه الفلسطينيون. أضاف انه في ساعات الصباح كان متوقعاً أن يتم إطلاق صواريخ قسام من هذا الموقع باتجاه عسقلان أو على منطقة أخرى. وعندما تطلق قذائف مدفعية قبل ساعة أو ساعتين قبل ذلك فإن هناك احتمالاً كبيراً بأن تمنع إطلاق صواريخ القسام.
وأصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت ووزير دفاعه عمير بيرتس عقب لقائهما، بياناً أعربا فيه عن أسفهما لسقوط مدنيين فلسطينيين في بيت حانون. غير ان مسؤولا في مكتب أولمرت قال من جهته ما حصل في بيت حانون مأساة لكن الجيش الاسرائيلي سيواصل عملياته ضد إطلاق الصواريخ وتهريب الاسلحة وللافراج عن (الجندي الاسرائيلي) جلعاد شاليت.
أما المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيحاي أدرعي، فلم يجد حرجاً في القول إننا نحمل حكومة حماس المسؤولية عن مقتل الفلسطينيين في بيت حانون. أضاف ان رئيس الاركان دان حلوتس عيّن نائب قائد سلاح البرية الإسرائيلي الجنرال مئير كليفي للتحقيق في المجزرة. يذكر أن كليفي كان قد ترأس تحقيقاً في استشهاد عائلة غالية الفلسطينية عند شاطئ غزة الصيف الماضي، وتوصل التحقيق حينها إلى أنه لا علاقة للجيش الإسرائيلي بمقتل العائلة!
في دمشق، قال مشعل ندين هذه المجزرة... وإدانتنا لن تكون بالقول فقط بل ستكون بالفعل. المقاومة تفعل ولا تتكلم محملا اسرائيل والإدارة الاميركية المسؤولية عن هذه المجزرة البشعة.
وطالب مشعل الأنظمة العربية والإسلامية بقرار جريء ومبادرة عاجلة وسريعة لكسر الحصار على الشعب الفلسطيني ورفض الضغوط الأميركية.
ووصف الرئيس الفلسطيني محمود عباس المذبحة بأنها حقيرة، معتبراً ان الصواريخ التي تطلقها الفصائل الفلسطينية باتجاه إسرائيل عبثية وبلا فائدة وتعطي لإسرائيل ذريعة، وهو ما استنكرته حماس. ودعا الى رد موحد وعدم إعطاء إسرائيل المزيد من الذرائع.
وطالب القيادي في حماس نزار ريان والمتحدث باسم الحركة إسماعيل رضوان بفتح باب الاستشهاد وخطف المزيد من جنود الاحتلال فيما دعت حركة فتح جناحها العسكري والاجنحة العسكرية للفصائل الاخرى الى استئناف العمليات الاستشهادية داخل اسرائيل.
وأعلن الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى انه أجرى اتصالات هاتفية مع وزراء الخارجية العرب لبحث إمكان عقد اجتماع طارئ لمجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية.
وأدان مسؤول في وزارة الخارجية السورية، إرهاب الدولة الذي تقترفه إسرائيل فيما وصف وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ما جرى بأنه مجزرة وعمل غير أخلاقي وغير إنساني.
واعتبرت المفوضة الأوروبية للعلاقات الخارجية بينيتا فيريرو فالدنر أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن النفس، لكن ليس على حساب أرواح الأبرياء فيما شدد وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي على انه لا تجوز إعادة النظر في حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لكن عليها القيام بذلك مع احترام القانون الدولي في حقوق الإنسان.
وقال المتحدث باسم عباس، نبيل ابو ردينة، ان الرئيس عباس تلقى اتصالا هاتفيا من وزيرة الخارجية الاميركية كوندليسا رايس التي عبرت عن أسفها الشديد لسقوط ضحايا مدنيين فلسطينيين في بيت حانون. أضاف ابو ردينة ان عباس طالب رايس بسرعة التحرك لوقف العدوان الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية.
من جهته، ذكر الرئيس الاميركي جورج بوش في بيان ان الولايات المتحدة تشعر بحزن عميق للاصابات والارواح التي ازهقت في غزة اليوم (امس)... علمنا باعتذار من الحكومة الاسرائيلية وندرك أن تحقيقا بدأ. اضاف نأمل ان يستكمل سريعا وان تتخذ الخطوات المناسبة لتفادي تكرار هذا الحادث المأساوي. نناشد جميع الاطراف التصرف بحرص وضبط النفس من اجل تفادي الحاق أي اذى بالمدنيين الابرياء.
وبعد اجتماع بين عباس ورئيس الحكومة اسماعيل هنية في مقر الرئاسة الفلسطينية في غزة مساء امس، قال ابو ردينة في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء نحن في اللحظات الاخيرة للتوصل الى اتفاق بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية مضيفا اننا أقرب ما يكون وأقرب من أي وقت مضى في الوصول الى حكومة وحدة وطنية.

المصدر: وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...