إسلاميون يشكّلون «تكتل الجزائر الخضراء» ويعدون بـ«مفاجأة» في الانتخابات
وقّعت ثلاثة أحزاب إسلامية جزائرية وشخصيات مستقلة، أمس، ميثاق «تكتل الجزائر الخضراء»، وهي التسمية الرسمية لقوائم «تحالف الإسلاميين» في الانتخابات التشريعية المقررة في العاشر من أيار (مايو) المقبل. وعلى رغم توقف «عدّاد» التحالف عند ثلاثة أحزاب من دون أن يشمل «جبهة العدالة والتنمية» و «جبهة التغيير»، إلا أن قيادات «الجزائر الخضراء» أعلنت تفاؤلها أنها ستكون «مفاجأة التيار الإسلامي» في التشريعيات.
وأقامت ثلاثة أحزاب ذات مرجعية إسلامية هي «حركة مجتمع السلم» و «حركة النهضة» و «حركة الإصلاح الوطني»، احتفالاً أمس في إحدى القاعات الكبرى وسط العاصمة الجزائرية انتهى بتوقيع ميثاق «تكتل الجزائر الخضراء» الذي سيشكّل «قوائم موحدة» لمرشحي الأحزاب والشخصيات الإسلامية المنضمة إلى التحالف في الانتخابات التشريعية المقررة بعد نحو شهرين. واعتمدت المبادرة هذه التسمية «الخضراء» بدل «تكتل الجزائر الإسلامية» خشية أن ترفضه السلطات بموجب دستور البلاد الذي يمنع استعمال الدين في هويات جمعيات أو أحزاب أو أي كيان سياسي.
وتبنّى قياديون في «تحالف الإسلاميين» في خطاباتهم مصطلحات تستلهم الثورات العربية مثل «الربيع» و «التغيير». وأفاد منسق المبادرة عز الدين جرافة عقب توقيع بروتوكول الاتفاق بين الأحزاب الإسلامية الثلاثة، أن «هذا التكتل سيكون تجربة ديموقراطية جديدة تُضاف إلى الساحة السياسية بالجزائر، وهو محاولة لإحداث ربيع جزائري نوفمبري»، في إشارة إلى ثورة الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي في الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) 1954.
وأعطى قادة الأحزاب الثلاثة انطباعاً أن تحالفهم غير متوقف على موعد انتخابي. وقد تداول الكلمة كل من أبو جرة سلطاني، رئيس حركة مجتمع السلم، وفاتح ربيعي، الأمين العام لحركة النهضة، وحملاوي عكوشي، الأمين العام لحركة الإصلاح الوطني، وثلاثتهم قالوا إن «هذا التكتل تتجاوز آفاقه حدود هذه التشريعيات». وقال سلطاني: «لقد ولّى التخويف من الإسلاميين واستعمالهم كفزاعة». وأضاف: «التكتل يؤسس لثقافة سياسية جديدة والانتقال من ديموقراطية انتقالية إلى ديموقراطية حقيقة». في حين تحدث فاتح ربيعي، مسؤول النهضة، قائلاً إن «هذا الإنجاز استثنائي وفي ظرف استثنائي داخلي وخارجي». وقال: «فأما على المستوى الخارجي: فإن الحدث تصنعه الثورات العربية وقد أتت على البنية التحتية لمجموعة من الأنظمة الاستبدادية، وآخر محطاتها اليوم - وهي ليست الأخيرة - النظام السوري الذي ظهر أكثر شراسة ووفر لنفسه حماية خارجية من بعض الدول التي تقاسمه الاستبداد والشمولية». وأضاف: «أما على المستوى الداخلي، فإن إرهاصات التغيير والتحول في الجزائر بدأت تلوح في الأفق بمناسبة الاستحقاقات المقبلة». وتعول حركة الإصلاح، كما أفاد عكوشي، على المبادرة «لترسيخ نظام برلماني واستكمال المصالحة ومحاربة الفساد».
وكانت الأحزاب الإسلامية المشكلة لهذا التحالف قد أعلنت قبل أسابيع نيتها في «الذوبان» في وعاء واحد تحسباً للانتخابات التشريعية. ووعد رئيس حركة مجتمع السلم، سلطاني، خلال حملته الانتخابية بترقية هذا المولود إلى «تحالف حقيقي تذوب فيه الأحزاب الثلاثة في حزب واحد»، وقال إن الأحزاب المعنية ستدخل بقوائم موحّدة وستفوز بغالبية مقاعد المجلس الشعبي الوطني المقبل، وهو ما فجّر حرباً كلامية بين الإسلاميين والديموقراطيين والوطنيين الذين يسعى كل منهم إلى الفوز بالغالبية في البرلمان المقبل.
وتوقيع وثيقة التحالف معناه توقف مبادرات مدّه إلى بقية الأحزاب الإسلامية. وحاولت مبادرة توحيد الإسلاميين إقناع عبدالله جاب الله رئيس «جبهة العدالة والتنمية» بضرورة اللحاق بفكرة «التحالف الإسلامي»، لكن جاب الله المثقل بتجارب فاشلة في وحدة أنصار التيار الإسلامي، بحسب تصريحاته، حاول «التملّص» بلباقة وروج لفترة بحجة انشغاله بتأسيس حزبه الجديد، لكنه سرعان ما انتقد الأحزاب التي أعلنت تحالفها واتهمها بـ «الانبطاح أمام السلطة».
كما تملّصت «جبهة التغيير» التي يقودها عبدالمجيد مناصرة، وهو قيادي سابق في حركة مجتمع السلم سبق وانشق عنها برفقة فريق من القياديين. ووضع مناصرة شرطاً «صعباً» أمام المبادرين بفكرة التوحد ويتعلق بضرورة خروج وزراء حركة مجتمع السلم - وعددهم أربعة - من الحكومة.
وحرص «تكتل الجزائر الخضراء» على توفير مشاركة قيادات وزعامات إسلامية تقيم في الجزائر أو خارجها في مؤتمر الأحزاب الثلاثة أمس. فتدخل هاتفياً الشيخ أحمد بوساق المقيم في السعودية، وأعلن تزكيته المبادرة، داعياً الجزائريين إلى «الالتفاف حول هذا المشروع الحضاري الرائد». كما تعمّدت المبادرة توجيه دعوة رمزية إلى «جمعية العلماء المسلمين» الجزائريين التي ترفض في تقاليدها الانخراط في العمل السياسي وشارك عنها الدكتور السائحي.
عاطف قداردة
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد