إنا سلطنا الشياطين على الكافرين: سكين «داعش» على رقاب «النصرة»
تدهورت العلاقة بين «جبهة النصرة» وتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) خلال الأيام الماضية إلى مستويات غير مسبوقة. وبدا التدهور جلياً من خلال عمليات التصفية المتبادلة التي قام بها الطرفان ضد كوادر بعضهما البعض.
وحدوث هذه التصفيات بينما غبار معركة يبرود الإستراتيجية لم يكن قد انجلى بعد، دليل على أن أولويات الطرفين تغيرت على نحو جذري. فلم يعد قتال «النظام الكافر» أولى لدى كل منهما من قتالهما ضد بعض، وهذا تطبيق عملي لشعارات رفعها الطرفان منذ حوالي شهرين، فـ«الدولة الإسلامية» تقول إن «قتال الصحوات أولى من قتال الروافض والنصيرية»، بينما تؤكد «جبهة النصرة» ومعها حلفاؤها، مثل «الجبهة الإسلامية»، أن «داعش هي التي تفسد الجهاد الشامي ولا مناص من التخلص منها»، إلا أن انتقال الأمر من مجرد شعارات إلى التطبيق العملي مؤشر على أن الساحة الشامية مقبلة على تطورات جسيمة في ما يخص العلاقة بين الفصائل «الجهادية».
ورغم أن عدداً مهما من كوادر وقيادات الطرفين سقط قتيلاً خلال المعارك الدائرة بينهما منذ ما يقارب ثلاثة أشهر، قد يكون أبرزهم القيادي في «أحرار الشام» أبو خالد السوري الذي قتل في حي الهلك بحلب، ويوسف الهجر القيادي أحد مؤسسي «جبهة النصرة» الذي قتل في معركة مركدة ومعه آخرون كقائد «جيش مؤتة» وبعض كوادر «النصرة» غالبيتهم من منطقة الشحيل بريف دير الزور. إلا أن الاغتيالات الجديدة التي حصلت خلال الأيام الماضية، وحصدت عدداً من قيادات الطرفين وكوادرها المهمة، حدثت خارج نطاق المعارك والاشتباكات، وعن طريق الترصد ونصب الكمائن، ما يشير إلى تخطيط مسبق يستهدف من خلاله كل طرف قتل قيادات الطرف الآخر في لعبة عض أصابع، كان البارز فيها مشهد «سكين الزرقاوي»، في إشارة إلى زعيم «الدولة الإسلامية في العراق» أبو مصعب الزرقاوي، وهي تظهر، للمرة الأولى، موجهة ليس على رقاب مؤيدي النظام وجنوده وكل من يرفض الانضمام إلى تنظيماتهم، ولكن على رقاب بعض عناصر «جبهة النصرة» الذين تولى أبو عبد الرحمن العراقي قطعها وترتيبها على الأرض قبل أن يأخذ صورة تذكارية لهذا الحدث.
فمنذ أيام، قتل في ظروف غامضة القائد العسكري العام لـ«جبهة ثوار سوريا» العميد الركن المنشق أحمد مشيعل، حيث وجدت جثته في منطقة المقالع شمال مدينة معرة النعمان بريف إدلب، وقد أطلق الرصاص على رأسه، كما قتل أيضاً قائد كتيبة «الحسم» التابعة الى «لواء مهاجري جبل الزاوية» حسين محمد فضل ومعه مرعي أحمد الحسن القيادي في اللواء نفسه. وكان قد قتل قبلهم قائد «لواء شهداء الأتارب» ياسر طاهر المتهم بأنه أول من قتل «المهاجرين ـ المقاتلين الأجانب» في بداية المعارك التي اندلعت في مدينة الأتارب.
وتوجهت أصابع الاتهام على الفور إلى «داعش» بارتكاب الاغتيالات السابقة، رغم أنه لم يصدر عنه أي بيان رسمي بتبني أيّ منها، لذلك كان من الطبيعي أو المتوقع أن يكون الرد عليها باستهداف قيادات «داعش». وهو ما حصل يوم الجمعة الماضي عندما نصب عناصر من «جبهة النصرة» كميناً محكماً لصيد ثمين هو القائد العسكري لـ«داعش» في «ولاية حلب» أبو منصور المغربي، أو كما يعرف في الشام أبو أسامة المغربي، الذي يعتبر من القيادات العسكرية البارزة في «داعش»، وينسب له أنه أول من فجّر دبابة على أرض الشام كلها. وكان المغربي في طريق عودته إلى مدينة الباب بعد انتهائه من مهمته في تل جيجان بريف حلب الشمالي، عندما تعرض له عناصر «النصرة» وقتلوه مع عدد آخر من مرافقيه، عرف منهم القاضي الشرعي السابق لـ«داعش» في مدينة الأتارب أبو صابر التونسي وقائد ميداني هو أبو جابر الشيشاني.
وعلى وقع أصوات الرصاص استنفر عناصر «داعش» في المنطقة، وتمكنوا من قتل بعض عناصر «النصرة» الذين نفذوا الكمين، بينما أسروا عدداً آخر، سرعان ما عمدوا إلى جزّ رؤوسهم بالسكين انتقاماً، بعد أن علموا أن قتيلهم هو قائدهم العسكري أبو أسامة المغربي.
وقد نشر أبو عبد الرحمن العراقي، صوراً له مع رؤوس خمسة مقاتلين من «النصرة» موضوعة على الأرض أمامه، بينما السكين بيده تقطر دماً. والعراقي، هو مقاتل من أصل عراقي يحمل الجنسية الهولندية، قاتل بداية الأمر مع «أحرار الشام» ثم انشق عنهم وقاتل مع «النصرة» قبل أن يختلف مع مسؤولها «الشرعي العام» ميسر الجبوري (أبو ماريا القحطاني) الذي رفض إعطاءه جواز سفره، لينتقل أخيراً إلى صفوف «داعش» ويجذب معه عدداً آخر، من أبرزهم أبو محمد الأميركي الذي فضح علاقة زعيم «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني مع قائد «جبهة ثوار سوريا» جمال معروف وإمداده بالسلاح، وقد تعززت هذه العلاقة بكمين الجمعة الذي استهدف المغربي، لأنه جاء بعد ساعات فقط من مقتل القائد العسكري العام لـ«جبهة ثوار سوريا» أحمد مشيعل، ما يطرح أسئلة حول طبيعة العلاقة بين الجبهتين.
عبد الله سليمان علي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد