ابن النفيس..المشفى العجوز تحت ثقل المهمة
قبيل منتصف تلك الليلة الفاصلة بين عام يرحل وآخر يحبو قادماً, كان ( باسل ) معلقاً بين الرحيل والبقاء! في حالة الهلع تلك لم يجد أبو باسل وأمه أقرب من مشفى ابن النفيس إلى بيتهم.
في قسم الإسعاف كان ثمة من يجلس بارد الأعصاب يحتسي كأس شاي , فكثرة المشاهد التي تتوالى على أولئك المناوبين تجعل أحاسيس بعضهم باردة أو متماسكة ربما -
فلم يقدّروا خطورة الأمر كما ينبغي! بين الاستفسار والعتب يمر الوقت مؤلماً على أعصاب الأم التي نصحها طبيب مناوب مقيم لم يمنعه ضميره المهني والإنساني من القول: الأفضل أن تنقلوه إلى مشفى آخر. يمر وقت آخر ثمين ريثما يجد الأهل سيارة إسعاف تنقل مريضهم الشاب الذي دخل حالة هذيان وفقدان وعي, لأن مشفى ابن النفيس ليس ملزماً بتأمين تلك السيارة لهم ولا حتى تأمين خط هاتف ليدبروا رأسهم كما نصحهم المناوب في تلك الليلة!
- لم تكن قصة باسل البلعا الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة أيضا, ليس في مشفى ابن النفيس فقط, بل في معظم مشافينا العامة وربما الخاصة, ما يطرح سؤالاً كبيرأ وخطيراً: كيف تعمل مشافينا ? من يستقبل حالات الإسعاف? ما أهلية من يتعامل معها? وهل يتواجد الأطباء الاختصاصيون المناوبون خلال فترة مناوبتهم في المشافي فعلياً?
- على تلك التلة المرتفعة المطلة على دمشق والتي تتمتع بهواء عليل أقيم بناء قديم عام 1929 لمعالجة أمراض السل, ثم ما لبث أن تحول إلى مشفى للأمراض الداخلية والجراحية. بعد جولة في أقسامها سندرك العبء الذي يثقل كاهل المشفى كبناء وإدارة وأطباء وممرضين ومراجعين,خاصة بعد بقاء ابن النفيس المشفى الوحيد في دمشق الذي يقدم كامل خدماته الطبية مجاناً لمواطني العاصمة ولجزء كبير وهام من مواطني المحافظات الأخرى, بعد تحوّل مشفى دمشق ( المجتهد ) ومشفى الهلال الأحمر السوري إلى هيئتين عامتين مستقلتين تتقاضيان أجورا ما مقابل خدماتهما!
يضم المشفى الاختصاصات الطبية والجراحية كافة و قسماً للمعالجة الفيزيائية, إضافة إلى المخبر المركزي وقسم الأشعة و9 غرف عمليات والعيادات الخارجية , - وكي يكتمل النقل بالزعرور- ولأنه تابع لمديرية صحة دمشق فابن النفيس مركز لتوزيع أدوية الأمراض المزمنة( التهاب الكبد الإنتاني, التصلب اللويحي, وبعض الأمراض الهضمية والمفصلية المزمنة )
- بعد جولة اطلاعية على الأقسام برفقة الدكتور خالد حمو ليلا - المدير العام - وإعطاءنا نبذة عن تاريخ المشفى, استأذناه بعرض الشكاوى التي وصلتنا مرفقة بكثير من الوثائق. الممتع أن السيد المدير على علم بكل ما لدينا, بل و يعرف من يقف خلف ذلك ممن وصفهم بجبهة الإصلاح في المشفى ولذا فقد وفر علينا الدكتور ليلا الدخول في التفاصيل, بل فاجأني إقراره بكل ما أثير ضد المشفى, لكنه ناقش وبذكاء كل نقطة من وجهة نظر أخرى تثير الإعجاب أو الحذر!
- تصرف الدولة سنوياً ملايين الليرات لتقدم أدوية الأمراض المزمنة الثلاث التي ذكرناها وعلى رأسها التهاب الكبد الإنتاني للمرضى مجاناً وقدّر الدكتور ليلا ذلك المبلغ بمليار ليرة سنوياً خاصة وأن نسبة الإصابة بالتهاب الكبد ذاك قد تصل 4% و يعتبر وباء في المنطقة الشرقية من سورية . إذا تناول المريض جرعات الدواء لفترة ما ثم توقف بسبب عدم توفره لمدة محددة فإن على المريض أن يعود إلى نقطة البداية ليتناول الدواء مجدداً, ويقول الدكتور ليلا بأن فترة انقطاع الدواء لسبب من الأسباب لا تشكل معضلة إذا كانت بنسبة 20% من الوقت الخاص بالعلاج لكنها بعد ذلك تعتبر مشكلة وهنا يكون الهدر الدوائي . في السنوات الأولى من التوزيع كانت فترات الانقطاع كبيرة لكننا هذا العام ( 2008 ) ومنذ بدايته اتفقنا مع وزارة الصحة وهي بدورها مع فارمكس لتأمين 80% من الدواء كدفعة أولى,كي نتجنب الانقطاعات. لا نريد تقاذف المسؤوليات لكننا منذ بداية العام حددنا الكمية المطلوبة لوزارة الصحة ولهذه الكميات مخصصات مالية تتحول إلى قطع أجنبي هنا تكمن المشكلة وعليكم التحقيق في هذه النقطة! قد تصل كلفة علاج مريض التهاب الكبد الانتاني مليون ليرة ولنا أن نتخيل المبالغ الهائلة التي تقدمها الدولة ,هذا حق للمواطن ولكن للدولة قدراتها فالإصابات تتزايد وقد عالجت ابن النفيس حتى الآن حوالي 1200 مصاب معظمهم من المنطقة الشرقية! إنها قضية وطنية حلولها المادية ليست سهلة. كنا ندعم الدواء بنسبة 50% فيما بعد صار الدعم 100% لأن مريضنا لن يشتري الدواء بأي نسبة, حتى لو أعطيناه 90% منه مجانا إما نتيجة للفقر وإما للجهل! إن انتشار هؤلاء المرضى في ممرات المشفى وجلوسهم على الأرض واصطحابهم الطعام والشراب يسبب الكثير من الفوضى ويخلف تلاً من النفايات ولكن ماذا أفعل مع مرضى أتوا من أقصى شمال وشرق سورية لأخذ مخصصاتهم الدوائية? لدينا يومياً حوالي 300- 400 مريض! الدكتور ليلا ليس مستاءً من الأعباء الملقاة على عاتق المشفى بقدر ما هو مستاء ممن ينظرون إلى المشفى من الخارج ولا يكلفون أنفسهم عناء الدخول والسؤال والفهم!
- يقودنا ذلك للحديث عن الكادر الطبي في المشفى وهنا يؤكد د. ليلا أن مشكلة الكادر الطبي في ابن النفيس تتشابه مع كل مشافي وزارة الصحة بشكل عام والمشافي الخاصة في سورية أيضا فهناك نقص في عناصر التمريض,و الخدمات الفندقية فيها سيئة جداً لأن توفرها يتطلب وجود اختصاصات فرعية للتمريض لكنها غير موجودة في القطر! في الدول الغربية هناك تمريض ومساعد تمريض للعناية بتطعيم المريض وإعطائه الدواء ه وتمسيحه وتقليبه وهذه الأعمال كلها يقوم بها مرافقو المرضى للأسف وهكذا سنجد في غرف المرضى قافلة من المرافقين الذين لا يمكنني صرفهم والاضطلاع بالعناية بالمريض بالكامل!
هل تتساءلون: لماذا لا يلتزم بعض طاقمنا الطبي أو التمريضي أو بعض الموظفين بالعمل أو اعتبارهم مسيئين? سأقول: هؤلاء موظفون عرب سوريون يشبهون موظفي جريدتكم وموظفي المحافظة ووزارة التموين وووو... كل الموظفين ابتداء من أكبر طبيب وحتى أصغر موظف يعملون 16 ساعة في اليوم ( 8 منها في الدولة و 8 في القطاع الخاص ) لكي يؤمنون معيشة أسرهم فهل من يقول عكس ذلك? موظفي متعب وغير متفرغ للعمل في المشفى, لذا لن تكون نوعية أدائه كافية وهذا يشمل الجميع!
- في جعبة الدكتور ليلا الكثير وقد فتح قلبه لنا ليقول: سيأتي مريض ليشكو أن الطبيب الجراح أجّل عمله الجراحي لأنه لا يريد العمل ! لكن الحقيقة أن في المشفى 9 غرف عمليات يشغلها 3 أطباء تخدير فقط! إنها مشكلة كبيرة تعاني منها سورية نتيجة العوز لأطباء التخدير, فهؤلاء لا عيادات لهم لذا يذهبون إلى القطاع الخاص أو إلى من يدفع أكثر وقد هاجر عدد منهم إلى مشافي وزارة التعليم العالي بسبب 3000 ليرة زيادة تقدمها لهم - لدي إذن من مدير الصحة بالتعاقد مع أي طبيب تخدير -بالمقابل هناك فائض في عدد من الاختصاصات الأخرى .
- ثمة جملة من القرارات والتعاميم ( متوفرة لدينا بالأرقام والتواريخ والنص ) توجهها وزارة الصحة أو مديريتها في دمشق حول دوام نظام الورديات في المشافي العامة والتقيد بالمناوبات الليلية للأطباء الأخصائيين بشكل جدي وحقيقي والتواجد في المشفى خلال فترة المناوبة وكذلك تواجدهم خلال الدوام الرسمي بالإضافة إلى عدم السماح للطبيب المقيم بالقيام بأي عمل دون إشراف الطبيب الأخصائي, وأقول للدكتور ليلا : هذا يؤكد وجود مشكلة حقيقية في دوام ومناوبة الأطباء الأخصائيين فما تقول?
لا يتردد مدير المشفى بالقول: لا يوجد طبيب أخصائي ينام في المشفى! ولن أخترع أنظمة وقوانين فإن أردنا طبيباً أخصائياً موجوداً على مدار ال 24 ساعة سأقول أنه أولاً لا يوجد أي بلد في العالم يطبق ذلك! هناك طبيب أخصائي موجود أثناء الدوام الرسمي وبعد الظهر هناك أطباء مقيمون مناوبون في المشفى وأخصائيون مناوبون على الهاتف , كل حالة ترد قسم الإسعاف يتم التعامل معها فإن احتاجت إلى عمل جراحي حسب تقييم الطبيب المناوب ( المقيم! ) تم استدعاء الأخصائي حيث يحضَّر المريض ريثما يصل! أريد أن أسأل: هل ثمة طبيب أخصائي ينام في مشافي: المجتهد أو الأسد الجامعي أو الكلية أو العيون, أو في أي مشفى في القطر?!
- لا يوجد ما هو وهمي في المناوبات فالطبيب المناوب جاهز لأي استشارة على الهاتف وجاهز للمجيء عندما يطلب منه ذلك. هناك قانون عمل أساسي وساعات عمل محددة فإن أردت من الأخصائي الإقامة في المشفى ليلاً لمدة يومين يجب أن أعطيه أجراً فإن كان في البلد نظام يدفع أجر هذا الطبيب عندما ينام في المشفى ساعات تفوق ساعات مخصصة له في الأسبوع حسب قانون العمل الأساسي فسوف آتي به وأدفع له! لكن في كل المرات التي حدث فيها عدم التزام بالمناوبة حوسب الطبيب. يمكنك الاطلاع على كشوفات الشهر لدوام الأطباء ولنرى العمليات الجراحية التي أجريت بعد الظهر فهل يمكن أن يقول لي أحدهم كان هناك عملية جراحية ولم يأت الطبيب المناوب?! ( نسأل هنا: لماذا ترفع جداول مكافآت شهرية للأطباء الأخصائيين المناوبين بقيمة 3000 ليرة لكل منهم إذاً ? أهي من أجل المناوبة على الهاتف? وهل باتت الأمور تقاس مادياً فقط ? وهل تحول الطب من مهنة إنسانية إلى أحد فروع التجارة والاقتصاد!? )
- وفق التعاميم التي ذكرناها سابقا لا يحق للطبيب المقيم إجراء أي عمل إلا تحت إشراف الأخصائي أي هو لا يستطيع مثلا إجراء عملية ( الزايدة ) بمفرده ويؤكد الدكتور ليلا: يفترض أن لدينا أطباء مقيمين من كافة السنوات( أولى, ثانية, ثالثة...) وبعد السنة الرابعة يعتبر هذا الطبيب أخصائياً قادرا على تدبير المريض ريثما يصل الأخصائي ولو كان هؤلاء لا يأتون لحدثت كارثة إذ ثمة حالات مهددة للحياة لا تنتظر حتى صباح اليوم التالي!
- هل يوجد أدوية من وزارة الصحة أو توزع مجاناً في مؤسساتها يمكن أن تتوفر في الصيدليات العامة والخاصة ? نعم يوجد! هكذا سأل الدكتور ليلا وهكذا أجاب وأضاف: يفترض ألا تتوفر أدوية التهاب الكبد الانتاني في الصيدليات العامة وكذلك الأمر بالنسبة لأدوية التصلب اللويحي لكن قسماً لا يستهان به من المرضى يبيعون الدواء فإذا كان الدواء مجانياً 50% وعلى المريض شراء الباقي سنجد بعضهم يبيع حصته معتبرا إياها مصدر رزق ! هناك طريقة أخرى للتهريب, إذا كان نزيل المشفى لا يأخذ لزومه الدوائي والجهاز الفني لم يعطه الأمبولة الخاصة به وذهب ليبيعها في الصيدليات! منذ سنة ونصف وبناء على شكاوى حول تهريب أدوية المشفى( حيث يطلب من المريض شراء الدواء من حسابه ليباع ماهو له من دواء المشفى في الخارج عن طريق التمريض أو غير ذلك ) أنشأنا مكتباً صغيراً لاسترداد الأدوية غير المصروفة إذ نقوم بختم ( فلاكونات ) الأدوية بختم المشفى وعلى عناصر التمريض إعادة الأمبولات الفارغة بعد إعطائها للمرضى, وإلا توجب عليهم شراء مثيلاتها من حسابهم الخاص, لقد تمكنا بهذه الطريقة من استرجاع أدوية بقيمة 3-4 ملايين ليرة في السنة وهي أدوية تم استردادها إما لمرضى توفوا بعد الظهر أو لمرضى تخلرجوا على مسؤوليتهم بعد الظهر أو لمرضى تخرجوا بشكل نظامي بعد الظهر لأن اللزوم الدوائي يصرف صباحاً عن 24 ساعة من صيدلية المشفى.
- الجميع يشكو من ابن النفيس وأنا كمدير أشكو بأن لدي كما في كل مكان في القطاع العام والخاص ربما أمراض المجتمع والعمل , فلدي تهرب وتسيب واستغلال! لكنني أريد أن أشتكي من المواطن, لم يأت أحد ليسألني ما هي مشكلتك? باختصار إن مشكلتي إضافة إلى الطبيب والفني هي المواطن انظروا إلى الجدران وما كتب عليها بعد أن قام موظفو المشفى بطلائها , هل لي أن أسأل لماذا يلتزم المواطن بأنظمة المشافي الخاصة ولا يتوانى عن الصراخ والشتم لو قيل له ممنوع الدخول وأن توقيت الزيارة ليس الآن? لماذا يكون مهذباً في تعامله مع القطاع الخاص ويلزمني سرية حفظ نظام لمنع أحد المرافقين من تكسير أبواب الإسعاف لأن مريضه توفي? لماذا يسرق الشراشف والبطانيات وأغطية البلاليع? لماذا يبسطون في الممرات والفرندات ويشعلون مواقد الغاز ويطهون الطعام? كل ما نطلبه هو أن يتحلى النزيل بقليل من الذوق والنظافة والترتيب!
- في لقائنا مع الدكتور جهاد الأشقر مدير صحة دمشق ناقشنا قدم بناء ابن النفيس وبأن هناك توصية بهدمه وإشادة بناء آخر فقال: ثمة لجنة هندسية تقوم بدراسة الموقع العام لمجمع ابن النفيس الذي يضم فعاليات عدة وقد وجدت أنه من الأفضل الإبقاء على مشفى الكلية ومشفى العيون إذ تم ترميمهما بالكامل بينما من الصعب ترميم مشفى ابن النفيس بسبب البنى التحتية كما أنه استهلك منذ 80 سنة طلبت هيئة تخطيط الدولة إعادة الدراسة وتوصلنا إلى موافقة المحافظة بهدم المشفى ولكن أين البديل? فالمشفى يخدم نصف سكان دمشق ونسبة كبيرة من سكان المحافظات . هناك مشروع مشفى الأمراض الداخلية والسارية في الزبلطاني وقد انتهى بناء الهيكل فيه وستبدأ عمليات الإكساء مع بداية عام 2009 وتنتهي مع نهايته ويضم 280 سريراً حيث تنقل كافة فعاليات ابن النفيس إليه, بعد ذلك يهدم المشفى القديم ويشاد بدلاً عنه مشفى حضاري يستوعب 450 سريراً وذلك ضمن الخطة الخمسية الحادية عشرة وسيكون هناك مجمع لائق بمشافيه الثلاث وحدائقه ومرآبه.
- أطلب من السيد مدير الصحة تحديد مفهوم مناوبة الطبيب الأخصائي أهي على الهاتف أم لابد من تواجده فعلياً في المشفى? ويؤكد: يفترض أن يتواجد الطبيب الأخصائي خلال مناوبته ولكن جرت العادة ومنذ فترة بعيدة وبسبب عدم توفر أماكن أو غرف للأطباء أن تكون المناوبة على الهاتف لكن تعميم وزارة الصحة وعدة تعاميم أخرى تلزم الأخصائي بالتواجد الفعلي خلال 24 ساعة في المشفى,لكن بعض الاختصاصات لا يتوفر فيها عدد كاف من الأطباء كالجراحة العصبية, ففي ابن النفيس طبيب واحد بهذا الاختصاص فهل يناوب على مدار الشهر?! أطباء كثر قدموا استقالاتهم لعدم تمكنهم من الالتزام بالمناوبة ولو وافقنا لهم لتسبب ذلك بخلل في عمل المشفى ومع ذلك نحاول تطبيق الأنظمة.
- لو كان هناك تفرغ 100% في القطاعين العام أو الخاص لانتهت كل تلك المشاكل وقد درست وزارة الصحة مذكرة ومسودة قانون التفرغ الطبي ورفعتها لرئاسة مجلس الوزراء, وفق معلوماتي قانون التفرغ والضمان الصحي على طاولة رئاسة الوزراء, وهذان القانونان قد يحلان 90% من مشاكلنا . وحول هجرة الأطباء إلى مشفى المجتهد قال: سبب ذلك هو تحول مشفى دمشق إلى هيئة عامة ووجود حوافز مادية أكبر هناك ولكن لم نسمح لأي طبيب بالانتقال من ابن النفيس إلى هناك . وعن رضاه عن أداء ابن النفيس قال: يراجع المشفى يومياً عدد كبير جدا من المرضى وضمن قدرة المشفى وبناه التحتية والضغط عليه أنا راضٍ عن أدائه بنسبة 70% .
- في قصة ( باسل البلعا ) الذي لم يستقبله قسم إسعاف ابن النفيس يقول مدير المشفى: أجرى الشاب عملاً جراحياً في مشفى الأسدي قبل إسعافه إلينا بيومين ربما ( خراج حول الشرج وهو مصاب بسكر شبابي وكان يعاني من حماض خلوني وهو اختلاط شائع مع وجود السكري ) حين أسعف ليلة رأس السنة قبل ساعة من بداية عام 2007 سأل الطبيب المناوب في الإسعاف ( طبيب مقيم يختص أذنية ) عن قصته المرضية لكن لم يجبه أحد من المرافقين ( وهذا ما أنكره والد باسل الذي قال إن والدة باسل شرحت لذلك المناوب كل شيء فأشار عليها بنقله إلى مشفى الأسدي الذي أجرى له العمل الجراحي ) كأطباء نحن نفضل أن يتابع نفس الطبيب حالة مريض بدأ بعلاجه ولكن المناوب أخطأ بعدم استقباله ولا يمكن لسيارة الإسعاف لدينا أن تنقله فهي مخصصة للمشفى فقط, نقل الشاب إلى الأسدي بعد منتصف تلك الليلة وأدخل العناية المشددة هناك لكنه توفي صباح اليوم التالي وبعد 11 ساعة من خروجه من ابن النفيس! من الناحية القضائية والوجدانية لم يتوف المريض لأنه لم يقبل في ابن النفيس ولو توفي على بعد 10 أمتار من باب إسعافنا لقلنا إنه توفي لأن المشفى لم يقدم له ما يلزم وهكذا حمّل والده المشفى مسؤولية وفاته وادعى علينا وعلى الأسدي . تم التحقيق في الأمر واتخذت الإجراءات المناسبة ضد الطبيب المناوب والتمريض لكننا لا نتحمل مسؤولية الوفاة. وكان جواب مدير الصحة مشابهاً فقد تم التحقيق بالأمر واتخذت الإجراءات المناسبة!
- نسأل: إذا كان مشفى ابن النفيس يشكو نقصاً حقيقياً في أطباء التخدير, فلماذا قام بإنهاء عقد أحد هؤلاء الأطباء ?! الطبيب المعني أمضى 8 سنوات متعاقداً مع مشافي القطاع العام وليس في سجله ما يؤخذ عليه سوى عدم انسجامه مع الفريق الطبي كما يقول هو على لسان اللجنة الطبية التي أنهت عقده- بمعنى أنه لا يريد العمل كسمسار بين المشفى والقطاع الخاص رغم وجود حصة ( محرزة ) له في تلك العملية?! ونسأله عن قرار فصله فيقول:
ثمة قرار لوزارة الصحة بتجديد العقود السنوية لأطباء التخدير والطوارئ والعناية المركزة لأن الدولة بحاجة لهذه الاختصاصات و لا يجوز نقلهم إلى المراكز الصحية فماذا سيعملون هناك? فلماذا صدر قرار بنقلي إلى أحد تلك المراكز مما يتسبب لي بخسارة مادية ( 4000 ليرة ) ? ربما تخشى الوزارة من استمرار عقودنا لأكثر من 8 سنوات فكيف أعمل عملاً دائماً بعقد مؤقت ولا يجوز نقلنا من متعاقدين إلى دائمين وفق قانون العمل الأساسي!
يبدو أن في جعبة هذا الطبيب الكثير من المعلومات حول عمل ابن النفيس فهل كان ذلك سبب فصله!? بعد شرح طويل لهيكلية الإدارة في المشفى يقول: لديهم أسلوب ديمقراطي في العمل يسمى اللجنة الطبية مؤلفة من رؤساء الأقسام ومهمة رئيسها تحديد الاختصاصات فكل رئيس قسم يحدد ما يجب القيام به في قسمه ويطلع المدير العام عليه, ولكن.. هذه المجموعة مرتبطة بالخارج أي بالقطاع الخاص ومشافيه, إنها تنظيم غير رسمي موجود في المشفى تتلقى تعليماتها من المشافي الخاصة فهم يداومون فيها ويعملون على نقل كل السياسات التي ترسم لهم هناك إلى مشفى ابن النفيس . هل دقق أحد في سجلات القبول والإسعاف? يجب أن يدخل أي مريض أو مراجع بورقة نظامية ممهورة بختم المشفى لكن ما يحصل أن الأطباء هم من يزكون المرضى للدخول الذين زاروهم في عياداتهم الخاصة , ثم لنسأل هل أكمل من دخل قسم الإسعاف كل الإجراءات اللازمة له? صحيح أن المشفى تقدم خدماتها الطبية لكنها ليست خدمات قطاع عام بل في ضوء مصالح القطاع الخاص
ويقول الدكتور غير المنسجم:كان عليّ أن أعرقل العمليات وألعب دور السمسار وأقنع المريض بإجراء العمل الجراحي في المشفى الخاص, لقد اصطدمت بواقع عدم وجود الطبيب الأخصائي خلال مناوبته الليلية ولم أقبل المشاركة في عمل جراحي ما لم يحضر الأخصائي. إن دفع المريض المال سيجري له الأخصائي العمل الجراحي و إلا فليس أمامه إلا الطبيب المقيم, كما يتم التلاعب بالدور . لنسأل لماذا يتعطل جهاز فحص غازات الدم? إن دخل هذا الجهاز في الليلة في أحد المشافي 5000 ليرة ومن يعمل على الجهاز في المشفى العام هو نفسه من يعمل عليه في المشفى الخاص, وكذلك الأمر مع جهاز الأشعة والرنين المغناطيسي والطبقي المحوري! قسم الإسعاف في ابن النفيس قسم مستقل ولرئيسه قراره المستقل وهذا يسري على قسم الجراحة القديم ليبقى مدير المشفى مجرد ممثل لإدارة القطاع العام!
- قمت بجولة مسائية في ابن النفيس دون مراقبة رسمية من احد وتحدثت مع بعض عناصر التمريض والتخدير والعناية المركزة وخلصت إلى : أخيراً صدر قرار بإجراء تحاليل للمرضى الموقوفين للكشف عن الإيدز والتاهب الكبد الإنتاني ! لا يوجد أطباء أخصائيون والاستشارة تتم على الهاتف. في كل المشافي لا يناوب الأخصائي في المشفى هناك رئيس فئة أو رئيس أطباء مقيمين ( سنة ثالثة أو رابعة ) يمكنه إجراء فتح بطن وقد يعمد إلى وصف الحالة للاختصاصي على الهاتف ليرشده . عادة هناك تنافر بين أطباء التخدير والجراحة فالأول حريص على توفر كل شيء وقد يؤجل العمل الجراحي أما الجراح فلا تأجيل لديه ويظن أن التخدير يتنصل من العمل . في المشفى فنيو تخدير ( معاهد متوسطة ) ممتازون ويتم الاعتماد عليهم بشكل كبير . المشفى كلها غلط , تخيلي وجودك هنا ل 24 ساعة دون حمامات أو غرف نوم وكل ذلك الجهد المبذول بدون مقابل ولا حتى كلمة شكراً! في الدوام الصباحي يشرف طبيب التخدير على 4 قاعات مع أن القانون يجيز له الإشراف على قاعة واحدة مع طبيبين مقيمين و3 فنيين ! تهريب المرضى موجود في كل مكان فيتفق المريض مع الطبيب في عيادته وبدل أن يتقاضى عن العمل الجراحي 30 ألف ليرة مثلا في المشفى الخاص يحيله إلى المشفى العام ويتقاضى منه 15 ألف ليرة! المشفى قائم فعلياً على الفنيين والتمريض والمقيمين وبعد الظهر لن تجدي إلا هؤلاء المناوبين وليس هناك أي طبيب أخصائي رغم أنه يتقاضى 3000 ليرة بدل المناوبات أما نحن فلا نتقاضى أي مبلغ ولا حتى طبيعة عمل أو اختصاص.
سوزان إبراهيم
المصدر: الثورة
التعليقات
مفيش فايدة
إضافة تعليق جديد