احتجاجات على «تهميش النساء» في الحكومة المغربية الجديدة
وصف البعض الأمر بالانتكاسة فيما سخر آخرون، معتبرين إياه من بركات أول حكومة يقودها الإسلاميون في المغرب. لم تضم حكومة عبد الإله بنكيران إلا امرأة واحدة، على الرغم من تشجيع الدستور المغربي المعدّل على المساواة بين الرجال والنساء، وتطرّقه إلى المناصفة في فصله الـ19 لكن، الأمر الذي صدم كثيرين في عهد يقولون إنه جديد. وأمام هذا الواقع احتجّت العديد من الجمعيات والمنظمات الحقوقية المغربية المدافعة عن حقوق المرأة، حيث رفعت مجموعة من البرلمانيات المغربيات، أمس، لافتات اعتراضاً على ضعف المستوى التمثيلي النسوي في الحكومة، وذلك أثناء تقديم رئيس الحكومة برنامجه الحكومي أمام البرلمان.
وحدها بسيمة الحقاوي المكلفة بوزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية هي من انتزعت مكاناً بين الرجال. أصبحت السياسية الإسلامية المثيرة للجدل، اليوم، على رأس وزارة كانت تقودها نزهة الصقلي، المنتمية إلى حزب يدّعي التقدمية والحداثة. وفي هذا السياق، يرى كثيرون أن تسمية الحقاوي لهذا المنصب هي تكريس لطابع محافظ قد يبصم الحكومة، خصوصا أن للوزيرة مواقف محافظة في ما يخص المساواة بين الرجل والمرأة وقضايا تهم المرأة.
إنه تراجع كبير يقرأه عدد من المراقبين، فالحقوقية خديجة الرياضي مثلاً ترى في الأمر تراجعاً «فموضع المرأة السياسي عليه أن يكون مؤشراً على الدمقرطة، لكن وبما أننا لا نعيش الديمقراطية فهذا ليس شيئاً يفاجئني، فالمشكل ليس في عدد النساء في الحكومة».
أما الناشطة في حركة 20 فبراير، وداد ملحاف، فتعتبر بدورها، وبغض النظر عن موقف الحركة التي تنتمي إليها من الانتخابات والدستور اللذين أفضيا إلى تشكيل هذه الحكومة، أنه أمر «مؤسف للغاية أن يتم التراجع عن المكتسبات التي تم تحقيقها لغاية الساعة في ما يخص وضعية المرأة»، مضيفةً: «المرأة في المغرب استطاعت أن تبرهن في أكثر من مناسبة وفي جل الفرص التي أتيحت لها على القدرة الكبيرة في أن تكون في المستوى المطلوب، ووجود امرأة واحدة في هذه الحكومة ينذر بإشارات سيئة عن الوضع الذي ستعرفه حقوق المرأة».
وأشارت ملحاف إلى أنه «صحيح أنني لست مع التمثيلية الصورية التي تكون على حساب الكفاءة، لكن في المغرب الوضع مغاير لأن هناك عدداً كبيراً من النساء اللواتي لهن من الكفاءة ما يجعلهن أهلاً للمسؤولية الوزارية، ووجود امرأة وحيدة في الحكومة يعطي انطباعاً بأن النظرة التحقيرية للمرأة ما زالت حاضرة بقوة».
إلى ذلك، قالت العضو في حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة الثلاثين في تاريخ المغرب، إيمان اليعقوبي، إن الحزب «اختار منهجية ديمقراطية في اختيار الوزراء بغض النظر عن جنسهم»، لافتةً إلى أن «العدالة والتنمية اختار وزراءه بطريقة ديمقراطية وأشرك نساءه في ذلك، وبالتالي فاختيار وزيرة من حزبنا هو نتاج هذا الاختيار الديمقراطي، فوزراؤنا تم اختيارهم سواء من النساء أو الرجال»، وأردفت «منذ سنوات حزبنا هو الحزب الأكثر نسوية في البرلمان، وهذا ما يوضح أن الحزب يثق بالنساء، لكن اختيار الوزراء ليس مرتبطاً بالجنس بل بالحقائب التي حصلنا عليها.. هذا سيساعد نساء الحزب على الاستفادة من الديمقراطية الداخلية ومحاولة تحسين وضعية المرأة، لكن هذا لا يعني أننا راضون عن غياب تمثيلية مهمة للنساء في الحكومة الجديدة».
بدورها، أكدت الناشطة الأمازيغية، مريم الدمناتي، أن «الأمر متوقع في حكومة يتحالف فيها حزبان محافظان هما حزبا الاستقلال والعدالة والتنمية»، موضحةً أنه «لم نُصدم ولم نفاجأ بهذه النتيجة التي تضرب في الصميم مساهمة المرأة في العمل الحكومي بعد الخطوات التي تم إنجازها في السنوات الأخيرة بضغوط كبيرة من الداخل والخارج، وبعد مراجعة الدستور الذي نصّ بصريح العبارة على المناصفة وعلى تقوية دور المرأة وفسح المجال أمام النساء سواء داخل البرلمان أو الحكومة وغيرها من المرافق، وعلى التمييز الإيجابي لصالح المرأة من أجل تمكينها من تسنّم مراكز الترأس والمسؤولية».
كذلك، أشارت الدمناتي إلى أن «العقلية الحزبية في المغرب ما زالت ضعيفة جداً في هذا المجال ... لولا الضغوط المذكورة على النظام الذي ضغط بدوره ليفرض بعض المعايير على النخب الحزبية، لما كان هناك أي تغيير، فالعقلية الذكورية مسيطرة إلى حدّ بعيد، والحسابات الضيقة داخل القيادات الحزبية لا تتعدى حدود الاستجابة لضغط الأقارب والأصدقاء والمقربين والأتباع المباشرين، وفي وسط سياسي بهذه القيم والمعايير لا يمكن التفكير في مبدأ إشراك المرأة».
في المقابل، أعربت الوزيرة بسيمة الحقاوي عن خيبة أملها لكونها المرأة الوحيدة في هذه التشكيلة الحكومية، مضيفةً أنها «منزعجة من تقليص عدد النساء داخل هذه الحكومة، وكنت أتمنى أن يكون العدد أكبر»، معتبرة أن الأحزاب السياسية «لم تجتهد كثيراً في تقديم وجوه نسائية جديدة يمكنهن أن يتحملن المسؤولية» داخل الحكومة الجديدة.
وفي الوقت الذي يجري فيه الحديث في بعض الأوساط عن وجوب حدوث تعديل حكومي وشيك لتدارك هذا الحضور النسوي الضعيف، قلل البعض من الخطوة التي أقدمت عليها البرلمانيات والجمعيات النسوية، معتبرين أنها «مجرد محاولة يائسة للدفاع عن المزيد من الريع السياسي والامتيازات الشخصية في وقت تجاهلوا فيه المطالب الشعبية المطالبة بالكرامة، كما صوتوا على دستور على علّاته يتم خرقه الآن، بل ودعمت جمعيات نسوية توصف بالليبرالية الإسلاميين للوصول إلى السلطة».
عماد استيتو
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد